Accueilتحليلكيف يسخر التونسي من أوضاعه

كيف يسخر التونسي من أوضاعه

اصبحت النكتة في تونس الصحيفة الاكثر انتشارا وثبت انها اكثر ايلاما من الخطب والمواقف التي نشاهدها او نسمعها بالاذاعة والتلفزيون … النكتة باختصار جديد اصبحت كما لدى المصريين سلاحا فتاكا لكنه غير قاتل انها سلاح من لا سلاح له

وما يسعى لتتفسيره او تبريره اكثر السياسيين براعة في الخطابة تقوله النكتة وبسرعة البرق 

والنكتة لا يمكن ان ترصد مصادرها فهي تخرج من افواه اناس يعيشون وسط الزحام تنطلق من الرصيف من داخل مقهى او دكان حلاق او من صالون من فندق خمسة نجوم  انها لا تحتاج الى تاشيرة دخول او خروج او تصديق من البلدية

النكتة لا تستثني احد الجميع سواسية امامها  الرئيس والحارس البوليس والمخبر المراة والرجل ورجل الدين ايضا

بالامس تفتقت شريحة التونسية حول الطابع الجبائي للزواج الذي طرحته الحكومة ضمن مشروع قانون المالية التكميلي

والذي يفرض على المتزوج الجديد ان يحضر طابعا جبائيا بقيمة 30 دينار

فسمعنا بالفتاة الشابة التي تدعي على فتاة اخرى لتقول لها ” الله لا يوريك تنبري بو30 طول حياتك ”

او البوليس الذي طلب من احد الشبان الذي كانت ترافقه زوجته ” مرتك مخلصة الفينيات ”  حتى الكاريكاتور وجد حظه في هذه الحملة فشاهدنا طابع بريدي عليه عروس وبجانبها طابع جبائي ب30 دينار او كاريكاتور اخر به بطاقة دعوة للزواج ومن فوقها طابع جبائي بو 30 دينار او الشاب الذي لا يملك سوى

دينارا واحدا يعد حبيبته بانه ينقصه سوى 29 دينار ليتقدم لخطبتها

اما الموضوع الاخر الذي عرف موجة من النكات فهو موضوع الاداء على الدفن الذي ارتفع ثمنه  وهو ما جعل الناس يتحدثون عن تحول عدد من التونسيين من الديانة الاسلامية الى البوذية لانها تضمن حرق الميت وتبعده عن مصيبه الاداء  اما الاخر فقال ان الحكومة اليوم اكدت لنا ان الموت مصيبة

لقد اصبح التونسي يواجه غلاء المعيشة بالنكت ولكن لا يعني ذلك انه غير مبال بما يجري فالنكتة تضحك ولكن يقول علماء النفس ان الانسان السريع الضحك هو سريع البكاء والنكتة هي تنفيسة عابرة والتونسي شخصية انطباعية سرعان ما يتأثر بالاحداث او بالاشخاص الى حد التناقض

فأنت لو فتحت ٍرأس تونسي ونظرت الى ما فيها من قريب ستجد الكثير من الاشياء المبعثرة هنا وهناك  ستجد فيها ولعة شيشة وحريم السلطان وكابوتشينو ومنشط جنسي وسورة ياسين  وخمسة وباكو 20 مارس ورقة بروموسبور ونص صفحة لجريدة فيها احاديث قدسية

التونسي يهاب الموت ويحب النساء يخشى الله ولا يعمل سوى نصف ساعة في اليوم يحدثك عن الفساد والحكم الرشيد وهو يضع تحت ابطه حزمة من الاوراق الادارية البيضاء ليمسح بها أقدامه بعد الوضوء يؤكد لك انه من اذكى الاذكياء ولكنه يضع كل مدخراته عند دجال ليشتري له حبرا سريا ليغسل به مئات الملايين  …يشكو من المتاعب المالية ويقترض لحضور حفل عشاء ساهر …. يحذرك من ويلات النفاق وبعض لحظات ينصحك بالقول اللي تشوفو راكب على فركة قللو مبروك الحصان … ويحدثك عن ماثره وبطولاته  ولكنه لا يتردد في القول .. تحت جناح ذبانة ولا غمة الجبانة …

جمال العرفاوي  

Jamel Arfaoui
Présentation
مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة