Accueilالاولىالبنوك الإسلامية بين الواقع والأوهام

البنوك الإسلامية بين الواقع والأوهام

يشهد العالم تطورا كبيرا و سريعا أصبحت معه مستلزمات الحياة كثيرة ومكلفة فأصبح من الصعب بل من المستحيل على الفرد توفيرها من مدخراته كشراء سيارة أواقتناء مسكن فأصبح اللجوء إلى الاقتراض إلزاميا.
و حيت أن الاقتراض بلا فائدة أو فائض من احد الإخوة أوالأصدقاء أمر صعب التحقيق كما انه ليس هناك نظام اقتصادي قائم على حسن النوايا و طيبة الآخرين يمكن من الاقتراض بدون عمولة أو فائض.فتطور النظام البنكي و كثرت البنوك التي تقوم بوظيفة الإقراض.فنجد اليوم نوعين من البنوك
البنوك العادية أو التقليدية الني تقدم قروضا بفوائد
البنوك الحديثة أوالإسلامية التي “لا تعمل بالفوائد”
نشأة البنوك الإسلامية : التشدد الديني سببا
لعله من المفارقات العجيبة أن يكون التشدد الديني سببا في نشأة البنوك الإسلامية حسب رأينا، وتفسير ذلك إن العديد من علماء الفقه الاسلامى يعتبرون أن الربا ليس القرض المهلك فقط بل هو كل قرض بفائدة حتى ولو كانت هينة فقد تم تأويل مفهوم الفائدة بطريقة مسرفة فحرموا ومنعوا كل قرض بفائدة ونتيجة لهذا التأويل تسببوا في مشاكل اجتماعية واقتصادية عديدة عاشها ولا يزال العالم الاسلامى، فحاول البعض استنباط حلول تشريعية لهذه المسالة باشاء بنوك لا تعمل بالفائدة أطلق عليها اسم بنوك إسلامية التي تقدم منتجات مالية دون فوائد في ظاهرها و لكن في باطنها فوائد مقنعة.
نستعرض فيما يلي مثالين لهذه المنتجات عقد المرابحة وعقد السلم
عقد المرابحة
هو الأكثر رواجا واستعمالا والمسيطر فيما تقدمه البنوك ويعرف أيضا بالمرابحة المصرفية ويتمثل في شراء البنك لسلعة يحددها العميل (سيارة – منزل – آلات صناعية ) يدفع البنك ثمنها ثم يقوم ببيعها إلى العميل بثمن مؤجل يقوم العميل بتسديده فيما بعد إما دفعة واحدة أوعلى أقساط محددة مع نسبة ربح البنك بطبيعة الحال حيث يقوم البنك بتحديدها حسب ما يراه صالحا له.
و يشترط في المرابحة المصرفية أن يكون رأس المال معلوما وكذلك تحديد الربح بالإضافة إلى تَمَلك البنك للسلعة قبل بيعها للعميل فهذه الطريقة لا تختلف كثيرا في نظرنا عن عملية الإيجار المالي سوى على مستوى التسميات فهامش الربح ما هو إلا فائدة مقنعة وغالبا ما يقع تحديدها انطلاقا من نسبة السوق المالية (Taux du Marché Monétaire)
عقد السلم
السلم هو البيع المؤجل بثمن معجل وهو ما يعرف في تونس ” بالخضارة” بمقتضاه يبيع الفلاح محصوله فيقبض ثمنه في حينه لكنه لا يسلم المحصول إلا لاحقا اى عند نضوج الثمار .
فهذه الطريقة تمثل في الواقع قرضا ذا فائدة مقنعة فالفائدة موجودة واقعا لكنها تزينت في ظاهرها بعقد البيع. فالفلاح يكون في حاجة أكيدة للمال في فيضطر إلى بيع محصوله بثمن ضعيف نظرا لكونه غير مكتمل النضوج فلو كان بإمكانه التحمل لانتظر مدة تمكنه من بيع محصوله بثمن معقول أو على الأقل بسعر السوق. فهذه الطريقة لا تمكن الفلاح من الإقلاع أو تطوير فلاحته بل تبقيه دائما في وضع الخضوع وهو ما يسبب انعكاسات اجتماعية و اقتصادية غير محمودة العواقب.
تلك إذن عينة من المنتجات التي تقدمها البنوك الإسلامية وهى مبنية أساسا على حيل تشريعية من قبل الفقهاء لإلباسها كساء الشرعية أو الحلال و ما هي في الواقع إلا قروض ذات فائدة مقنعة (غير معلومة مسبقا) مع اختلافها عن القروض التقليدية ذات الفائدة المعروفة عند إبرام العقد.
إن عقود القروض المعمول بها حاليا في اغلب النظم الاقتصادية خاضعة لمراقبة البنوك المركزية لذلك تكون نسب الفائدة معقولة يجتنب فيها الربا أو الفائدة المشطة فالفوائد الموظفة من قبل البنوك يجب أن تكون مراقبة من أجهزة الدولة المختصة حتى تكون مصدر قروض للمحتاجين و أساسا مصدر تمويل و تنمية .
نحن اليوم أمام نوعين من القروض
نوع أول قرض بفوائد معقولة و معلومة مسبقا وهو قرض شرعي مسموح به قانونا وهو منظم و مراقب من طرف مؤسسات النقد اي البنك المركزي و وزارة المالية
نوع ثان قرض بالربا المشط والمهلك وهو قرض غير شرعي وهو ممنوع قانونا لان فوائده لا تتماشى مع الأخلاق العامة و لها ضرر كبير بالاقتصاد
الخلاصة
ما يمكن قوله ختاما آن الصيرفة الإسلامية أو البنوك الإسلامية ليست عملا خيريا ابتغاء لأجر و ثواب و ما إقرارها من طرف العديد من البنوك العالمية و نجاح تطبيقاتها عائد إلى ربحيتها العالية لهذه المؤسسات المالية مقارنة بالصيرفة التقليدية وليس عائد إلى مرجعيتها الدينية الإسلامية.
رضا تقية
 

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة