Accueilالاولىتحقيق - هيئات مراقبة الفساد غارقة في الفساد

تحقيق – هيئات مراقبة الفساد غارقة في الفساد

خلف التقرير السنوي لدائرة المحاسبات جدلا واسعا في أوساط السياسيين والإعلاميين والمهتمين بشأن الفساد ولكن في الاثناء لم تحصل أية متابعة  لما ستؤول اليه الأمور خاصة وانه تضمن تجاوزات وخروقات أضرت بالمال العام

في وقت تعددت فيه البرامج والخطط لمكافحة الفساد الذي انتشر بشكل لم تعهده البلاد

فالمنظمات المحلية والمؤسسات الدولية اطلقت نواقيس الإنذار محذرة من مخاطر الهروب من مواجهة هذا السرطان الخطير ولكن يبدو ان الامر لم تؤخذ بالجدية المطلوبة وبتنا لانسمع سوى الجعجة ولا نرى أي اثر للطحين .

في تونس توجد اكثر من جهة رقابية مؤسسية منها ما يتبع رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة إضافة الى وزارتي المالية واملاك الدولة وكذلك هيئة التحاليل المالية بالبنك المركزي ولكن رغم هذا الحجم الهائل من المؤسسات ازداد الامر قتامة وتناسلت فضائح الفساد المالي والإداري في غياب اية متابعة جادة لملفات وقضايا تحوم حولها شبهات فساد بمختلف أشكاله

فخلال زيارته الى تونس يوم 10 فيفري 2016 اعتبر رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، أن مكافحة الفساد في تونس هو شرط لازم لكسب ثقة المستثمرين الأجانب.

اما الخبير الجبائي شكري بن عيسي فقد اكد انه على كل عشر عمليات هناك أكثر من ست عمليات فاسدة،

بدوره قال المستشار الجبائي والمالي، الأسعد الذوادي، لوكالة تونس افريقيا للأنباء، بأن “تونس دخلت مرحلة الفساد الشامل بعد سنوات الثورة في ظل غياب الرقابة وتخلف منظومة القوانين المجرمة لظاهرة الفساد الجبائي”.

شوقي الطبيب  المعين حديثا على رأس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد فقد اعلن في اكثر من مناسبة   “إن استشراء الفساد سيولّد ثورة ثانية تطرد الرئيس والحكومة والنوّاب، وحتى أعضاء هيئة مكافحة الفساد”. مؤكدا  أن الفساد عم أكثر في البلاد بعد الثورة،

ولكن لم نسمع لمرة واحدة عن فتح تحقيق جدي وجر ئ الفاسدين نحو المحاسبة  فمن تابع قضية التمويل الأجنبي لاحد المرشحين للانتخابات الرئاسية الأخيرة والتي تحدث عنها تقرير دائرة المحاسبات وأين المتابعة لحصول احد رجالات الاعمال والذي يشغل نائبا في نفس الوقت على قرض بقيمة 13 مليار في ظروف غير قانونية  وأين المتابعة القانونية لاحد المدراء العامين لاحد البنوك العمومية الذي تصرف في هذه المؤسسة العمومية كما يتصرف صبي بموقد سيارة

لم يفتح أي ملف جدي وكأنما هناك توافق على تقاسم مربعات الفساد  كما يحصل في عائلات المافيا  فقانون الصمت هو السائد وبلامنازع .

وبالعودة الى التقرير الأخير  لدائرة المحاسبات الذي بدأ بفرقعة إعلامية حامت حول تبخر 800 مليار زمن التروكيا  انتهى الامر كما ينتهي الزبد على ضخور شاطئ مهجور . وهو امر متوقع ومنتظر فدائرة المحاسبات تحوم حول أعضائها الكثير من الألغاز ولن تقد على ملاحقة المخالفين واحالة ملفاتهم على دائرة الزجر المالي فالقضاء

فالدائرة دشنت مسيرتها بعد 14 جانفي  بتسريب  التقرير المنجز حول الانتخابات التأسيسية (أكتوبر 2011 ) من قبل البعض من أعضاء دائرة المحاسبات ومر الامر بسلام دون فتح تحقيق اداري او قضائي

ولم يتوقف الامر عند التسريب  فهناك  خروقات  أخرى بمناسبة تقرير 2011 منها وضع عضوين من الدائرة على ذمة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهو أمر ممنوع قانونا (والدائرة بنفسها تعتبر الوضع على الذمة خطا تصرف في تقاريرها الرقابية) ثم  حصلا على منح وكذلك حصل عضوين اخرين  قاما بمهام لدى هيئة الانتخابات بمقابل تجاوز 5 ألاف دينار للشخص وحصلا في الأن نفسه على الراتب الشهري من الدائرة ثم تمت مكافاة بومعيزة وألحق بجهاز رقابي بالخليج.

  • والأفظع من هذا حصول مندوب الحكومة العام لدى الدائرة حاليا، بصفته عضو هيئة الانتخابات على أجر مزدوج لمدة 6 أشهر وتم التستر على الموضوع وتم التلميح له بالتقرير سنة 2011 دون ذكر الحروف الأولى من الأسماء (انظر الفقرتين الأخيرتين من ص 21 من تقرير الدائرة حول هيئة الجندوبي منشور بموقع الدائرة وقارن مع الصفحة 22) وهي كلها عوامل تنبأ بكون التقرير الانتخابي السابق والحالي قد صدرا في بيئة غير منضبطة تحف بالمخاطر والنقائص.
  • كما سعت الدائرة من خلال رقابة المال السياسي إلى تبييض عجزها عن مكافحة الفساد وعن رقابة الأحزاب السياسية قبل الثورة وإيجاد فجوة تستطيع  من خلالها التسلل للسلط السياسية والتمتع بالمناعة ضد الصحافة وضد الراي العام والتحصّن بالمهام السياسية مقابل التخلي عن أصل المهام الرقابية على المال العام…
  • فالتقرير الذي أعدته دائرة المحاسبات مؤخرا حول رقابة تمويل الانتخابات الرئاسية لسنة 2014 يمثّل عنوانا جديدا للفشل الذريع الذي تتخبّط فيع الدائرة منذ سنوات، فشل من حيث مضمون التقرير الذي أثار البلبلة والريبة وتبادل التهم بين المترشحين والاحزاب السياسية والسفارات الاجنبية والجمعيات وزاد من الغموض والضبابية وفشل من حيث الشكل خاصة وأنّ هذه التجربة الهجينة قد ماتت وهي جنين منذ حادثة تسريب التقرير المتعلق بانتخابات سنة 2011.
  • كيف تحول أعلى جهاز للرقابة على المال العام في الدولة من دائرة المحاسبات الى محكمة المحاسبات، مع العلم وانّ هذه الاخيرة لا تقضي ولا تصدر أحكاما، وكيف لهيئة أن تراقب وتقضي في نفس الوقت.
  • وبعد قراءة متانية للتقرير الأخير سنلمس ان قواعد الرقابة والمعايير الدولية قد تم خرقها بمناسبة حيث ذكرت أسماء وحجبت أخرى  وفضح البعض وتستر  عن البعض الآخر بدعوى وجود قرائن وشبهات لا غير. وبهذه الطريقة تملّصت الدائرة من المسؤولية خوفا من ردود الفعل وخشية عدد من أعضائها  على مناصبهم  ليتورط  في المقابل القاضي الجزائي  ورهنه أمام الراي العام وعرّضه للضغط وهو من سيتحمل بالتالي ردود الفعل عند الإدانة ويكون بذلك هو من يدفع الضريبة ان قدر لها ان تدفع وهو أمر عجيب فالمشرع أسند لرئيس الدائرة  صفة قاضي وصلاحيات واسعة له وللدائرة، والحكومة السابقة منحته امتيازات وزير والقانون المتعلق بالانتخابات مكنه من صلاحيات رقابية وقضائية واسعة ونال من وراء ذلك منحا وسيارات وامتيازات وحصانة  ولكن في نهاية الأمر يخفي الجرم ويذكر الفعل المجرم ويلقي بالحمل على القاضي الجزائي الذي ليس لع ربع امتيازات رئيس الدائرة وحوافزه ودوافعه وتخصصه ؟
  • ولا ننسى قضية عبد العزيز بن ضياء تشهد على ذلك خاصة وانه أقر لقاضي التحقيق بانّ الدائرة هي التي لم تكن تجرأ على رقابة حزب التجمع وليس حزب التجمع هو الذي كان يرفض رقابتها ؟ فمن أين ستأتي بالجرأة اليوم رقابة تمويل حملات انتخابات عشرات الأحزاب الحاكمة والمحكومة ؟
  • تراكم مئات الملفات بدائرة الزجر المالي دون حسم منذ سنوات طويلة وشلل الرقابة القضائية لحسابات المحاسبين العموميين وهذا كله ينطوي على تهديد أساسي لمنظومة الرقابة ككلّ ؟

 2-  التقرير الرقابي السنوي العام عدد 29:

  • تضمن التقرير 28 مهمة رقابية والمعروف ان اقل عدد ممكن لفريق رقابي بدائرة المحاسبات يضم 4 أعضاء متفرغين للرقابة الميدانية (أي رئيس مهمة وثلاثة مراقبين) والدائرة تضم حاليا 140 عضو منهم 50 عضو لا يمارسون الرقابة الميدانية أي مندوبي حكومة ورؤساء غرف ومكلفين بمهام أخرى فكيف أمكن ل90 عضو إنجاز 28 مهمة رقابية ميدانية لمائة هيكل عمومي في التقرير الرقابي السنوي العام عدد 29 وتقارير خصوصية حول الانتخابات الرئاسية و الانتخابات التشريعية وقانون ختم الميزانية خلال سنة واحدة ؟ مهنيا وحسب المعايير الدولية للجودة هنالك مدعاة للتحري والتثبت خاصة إزاء استفحال ظاهرة التجوال الدولي بمعدل 14 سفرة سنويا للعضو الواحد وتنقلهم الدائم إلى الخارج على حساب مال المجموعة الوطنية وعدم تفرغهم للعمل الميداني والتدقيق
  • المهمة الرقابية المتعلقة بمجلس النواب والتي جاءت في تصريح ارئيس دائرة المحاسبات هي في الأصل (وهذا مؤكّد) مبرمجة منذ سنة 2012 لمراقبة المجلس الوطني التأسيسي منذ عهد الترويكا في الحكم والرئيس مازال يمسك بدائرة المحاسبات  ولكن للحفاظ على المناصب إلى اليوم لم تنته هذه المهمة ونعتقد أنها لن تنتهي إلا إذا ما تغير رئيس الدائرة.
  • فالغرفة الجهوية بولاية قفصة  مثلا  لم تنجز سوى مهمة يتيمة في مركز صحة اساسية أي في المستوصف المحلي فاين  هي من مراقبة المناجم والفسفاط والتشغيل وشركات البيئة بقفصة والقطب التنموي بالجهة ؟
  • كما ان البنوك العمومية مغيبة تماما عن التقرير السنوي العام حيث وبالرغم من إعادة رسملة البنوك الوطنية والمخاطر والصعوبات التي تمر بها لم تتم مراقبتها ؟.
  • لماذا يتم التبجح بالتقرير التاسع والعشرين والحال انه كالتقارير السابقة ستدفن في الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية فرئيس هذه الهيئة التابعة لرئاسة الجمهورية هو حاليا في وضع غير قانوني تماما وينتحل صفة رئيس هيئة لان التمديد الذي تمتع به بعد بلوغه سن التقاعد قد انتهى في موفى جويلية 2015 وهو إلى اليوم يباشر بالهيئة العليا بالرغم من ضعف أدائه (نشاط الهيئة العليا تدنى بنسبة 50 بالمائة مقارنة بعهد  الرئيس السابق غازي الجريبي) على مسمع ومرأى من رئاسة الجمهورية وعلى مرأى من دائرة المحاسبات التي كان من المفروض ان تتصدّى لهذا الاستهتار بالقوانين وكان عليها ان تخضع الهيئة العليا لمهمة رقابية للكشف عن الإخلالات واضعف الإيمان كان عليها أن ترفض إحالة تقاريرها لهيئة مخلة بالقانون وبها شبهة فساد إداري ومالي ؟ ولكن العكس هو الذي صار: تواطؤ بين الطرفين واحترام قانون الصمت لهذه الاعتبارات نتسائل هل الدائرة تراقب ولا تراقب ؟
Jamel Arfaoui
Présentation
مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة