Accueilالاولىاستقبلتهم الجماعة الليبية المقاتلة : أنصار بيت المقدس ينتقلون الى ليبيا

استقبلتهم الجماعة الليبية المقاتلة : أنصار بيت المقدس ينتقلون الى ليبيا

فرَّت عشرات العناصر وبضعة قيادات من تنظيم «أنصار بيت المقدس» الدموي، من سيناء في شرق مصر، إلى ليبيا، خلال الشهور الثلاثة الماضية، بحثًا عن ملاذ آمن، بعد أن ضيَّق الجيش المصري الخناق على هذا التنظيم، لكن وجوده في ليبيا اتسم بالانشقاقات والخلافات التي تحولت لاشتباكات دامية على تخوم طرابلس الغرب، سقط فيها، قبل أسبوعين، عدة قتلى، أبرزهم قيادي مصري في التنظيم يدعى «الشيخ مروان»، أهم هذه المجموعات «أبو المهاجر» و«العسلي» و«البصَّال».. واختلفت على الولاء بين «داعش» و«الإخوان» و«القاعدة»
وانقسم التنظيم المصري سريعًا إلى مجموعات متناحرة حول الولاء لـ«داعش» أو «القاعدة» أو «الإخوان». وتتركز أبرز خصومة من هذا النوع بين ثلاث مجموعات. الأولى تعرف باسم مجموعة «العسلي»، وينتمي مؤسسها لمدينة بورسعيد بمصر، واستوطنت في ليبيا قبل شهرين، في منطقتي «طرابلس» و«الخُمس»، وتعمل مع ميليشيات ليبية موالية لتنظيم القاعدة.
والثانية تُعرف باسم مجموعة «البصَّال»، وترجع أصول منشئيها إلى شبه جزيرة سيناء، ووصلت إلى ليبيا خلال الشهر الماضي، وأكثر عناصرها ينشطون في محيط مدينة مصراتة، وأصبحت تدين بالولاء للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان.
أما المجموعة الثالثة، فتدعى مجموعة «أبو المهاجر»، وتعد من أوائل المجموعات التابعة لـ«أنصار بيت المقدس» التي هربت إلى ليبيا، ويعتقد أن قائدها ضابط مفصول من الجيش المصري، وتتخذ من مدينة سرت مقرًا لها، وترفع راية «داعش».

ووفقًا لمصادر قريبة من قادة الميليشيات في العاصمة الليبية، وقعت عدة مناوشات بين مقاتلي الجماعتين، في الفترة من الثلاثين من مارس، حتى أواخر الشهر الماضي، وهي الفترة التي تطورت فيها الأحداث إلى مواجهات عنيفة شاركت فيها عناصر مصرية من الطرفين، وسقط فيها عدد غير معروف من القتلى والجرحى. ووقعت مطاردات بالسيارات والأسلحة مرة أخرى قرب السجن نفسه يوم 17 أفريل  الماضي.
ويقول مصدر أمني ليبي، وهو ضابط في اللجنة الأمنية في طرابلس: «في تلك الليلة سُمع دوي الرصاص وشوهد وميض الطلقات، خلف مقر سجن الهضبة. كانت حربًا طاحنة». ووفقًا لشهادات من مصادر أخرى، فإن اشتباكات سجن الهضبة كانت محط أنظار الميليشيات والأجهزة الأمنية العاملة في العاصمة، حيث لوحظ أن جماعة «العسلي»، هي التي جرى تكليفها من جانب «الجماعة الليبية المقاتلة» للتوجه إلى محيط السجن والتعامل مع الخصوم الذين يتربصون به.. ويضيف: «كانت هناك محاولة لاقتحام العنابر الغربية لتحرير تجار لهم صلة قرابة بقائد إخواني في العاصمة».
وتولت مجموعة «العسلي»، بعد ذلك، تشديد الحراسة على مبنى السجن الذي تحتجز فيه الميليشيات العشرات من أنصار النظام السابق، وعددًا من خصوم الجماعة الليبية المقاتلة، من بينهم وزراء ورجال مخابرات، وغيرهم. ولا يخضع السجن للسلطات الشرعية في البلاد.
وخلال العامين الماضيين قُتل العشرات من المصريين المنخرطين مع الجماعات المتطرفة في ليبيا في عمليات ضد ميليشيات معادية وضد قوات الجيش الليبي في درنة وبنغازي وسرت وغيرها، لكن لا يُعرف على وجه الدقة كم عدد القيادات والعناصر المنتمية إلى تنظيم «أنصار بيت المقدس» التي تعرضت للقتل بسبب خلافات داخل التنظيم نفسه. وقال المصدر الأمني الليبي إن قياديا واحدا، على الأقل، تأكد أنه قتل يوم 17 الشهر الماضي على خلفية هذا النزاع، وهو من جماعة «العسلي».
ويلقَّب القيادي «القتيل» باسم «الشيخ مروان»، ويوصف في أوساط المتطرفين المصريين في ليبيا بأنه قيادي كبير في «أنصار بيت المقدس». وانتهى به الحال صريعًا بطلقات الرصاص، بجوار محطة الكهرباء في منطقة النشيع داخل طرابلس.
ويقول أحد المصادر التي تتعامل مع المتطرفين في طرابلس إن «الشيخ مروان» كان مكلفا من جانب «الجماعة الليبية المقاتلة»، بإدارة شؤون الميناء البحري في مدينة الخُمس الواقعة على بعد 120 كيلومترًا إلى الشرق من العاصمة الليبية. وأوضح أن عناصر من تنظيم «جند الحق» الليبي، الذي يتركز وجوده في غرب طرابلس، هي التي عثرت على الجثة، وقامت بنقلها إلى مقر للتنظيم مجاور لموقع الحادث.
وأبلغ تنظيم «جند الحق»، الجماعة الليبية المقاتلة بالموضوع، حيث فتحت تحقيقًا خاصًا في القضية. ووفقًا لمعلومات صحفية  من مصادر على علاقة بقادة الميليشيات الليبية، فإن «الشيخ مروان» كان حتى يوم 16 الشهر الماضي، أي قبل مقتله بيوم، موجودًا في مقر عمله في ميناء الخُمس البحري.
وقال أحد هذه المصادر، وكان في السابق من ضباط اللجان الثورية الليبية التابعة للقذافي: «جسد الشيخ المصري كان مثقوبًا بنحو عشرين طلقة رصاص.. هذه عملية انتقامية بشعة». ويعتقد هذا الضابط أن «الشيخ مروان» جرى استدراجه بواسطة متطرفين مصريين آخرين موالين للإخوان في ليبيا، لكي يترك موقعه وينتقل إلى منطقة النشيع في طرابلس حيث تعرض للتصفية هناك.
ويبدو أن العناصر المصرية من «أنصار بيت المقدس» التي وصلت إلى ليبيا تعاني من مشكلات وتراكمات جاءت بها من بلادها. أو كما يقول أحد زعماء الميليشيات الليبية هنا: «يخوِّن بعضهم بعضًا.. كل مجموعة تقول إنه كان ينبغي على المجموعة الأخرى ألا تغادر سيناء».
وقال الشيخ نعيم، إن القتيل «مروان» هو الشقيق الأصغر لزعيم مجموعة «العسلي»، التي تأسست في الأصل في مدينة بورسعيد على قناة السويس، وأصبحت إحدى المجموعات المنضوية تحت راية «أنصار بيت المقدس» في سيناء. وبحسب الشيخ نعيم أيضًا، فإن المجموعة ينسب لها القيام بكثير من العمليات الدموية في مصر، ومن أشهرها عملية استحوذت على الرأي العام أثناء فترة حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي في مصر، وتتعلق بخطفها لسبعة جنود مصريين في سيناء.
وتسببت عمليات «أنصار بيت المقدس» بعد ذلك في مقتل مئات من العسكريين والمدنيين المصريين. وكانت أكثر الهجمات عنفًا في الشهور الأخيرة من العام الماضي. وفي الوقت الراهن يوجد في ليبيا عدة مئات، أو أكثر بكثير، من المصريين الذين فروا من بلادهم عقب سقوط نظام الرئيس مرسي في صيف 2013.
وبعد ظهور «داعش» في ليبيا في 2014، ظهرت بوادر الانقسامات بين العناصر المصرية الموجودة في درنة وبنغازي، بشأن الولاء بين البغدادي والظواهري والإخوان. ووقعت نزاعات فقهية حامية في أوساط المتطرفين المصريين داخل ليبيا، حيال هذه القضية، بيد أنها لم تكن قد وصلت إلى حد الاقتتال حتى الشهور الثلاثة الأولى من هذا العام.
لكن الموجة الجديدة من الهجرة التي قام بها متشددون من سيناء إلى ليبيا، هربًا من عمليات الجيش، تسببت على ما يبدو في تعقيد موقف الجماعات المصرية في المدن الليبية الملتهبة، خصوصًا أن الهجرة الأخيرة جاءت في وقت تعاني فيها التنظيمات الليبية المتباينة، من حصار وهزائم ألحقها بها الجيش الوطني الليبي بقيادة الفريق أول خليفة حفتر، خاصة في شرق البلاد.
وفرَّ من درنة وبنغازي في الأسابيع الماضية نحو ألف عنصر كانوا فيما يشبه «الحلف الحربي» ضد الجيش الليبي. يضم هذا الحلف عناصر من «داعش» و«الإخوان» ومن «القاعدة» و«أنصار الشريعة»، وتوجهوا إلى سرت وطرابلس. وقال مصدر أمني ليبي إنه كان من بين هؤلاء عدد غير معروف على وجه التحديد من المصريين، مشيرًا إلى أن المشكلة حاليا أمام هذه العناصر الوافدة «هي أنه لا يوجد في طرابلس ولا في سرت (حلف حربي) مماثل لما كان عليه الحال في درنة وبنغازي».
وأضاف: بالتالي فإن غالبية المجموعات التي فرت من شرق ليبيا أو جاءت من سيناء، واتجهت جميعها إلى الغرب، وجدت نفسها أمام خيار صعب لإعلان الولاء ومن تتبع من قادة الجماعات؛ هل تتبع «البغدادي» أم «الظواهري» أم «الإخوان». ومن بين هذه الجماعات، «تنظيم أنصار بيت المقدس».
وفي الوقت الحالي، ووفقًا لشهادات من مصادر على علاقة بميليشيات طرابلس، تعمل مجموعة «البصَّال»، تحت راية جماعة الإخوان الليبية، ويشرف على هذه المجموعة إخواني ليبي يحمل الجنسية الأميركية، يدعى «ع.ط». وأضافت المصادر أن قائد مجموعة «البصَّال» موجود حاليا في مدينة مصراتة الواقعة على بعد 200 كيلومتر شرق العاصمة الليبية، مشيرة إلى أن هذا القائد «مطلوب القبض عليه من جانب عدة حكومات في منطقة الشرق الأوسط، ومن جانب الجماعة الليبية المقاتلة بمن فيها من مصريين موالين لها أيضًا».

المصدر – الشرق الاوسط

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة