Accueilالاولىاليوم الوطني لحماية الصحفيين : تراجع وتيرة الاعتداءات وتواصل الغموض...

اليوم الوطني لحماية الصحفيين : تراجع وتيرة الاعتداءات وتواصل الغموض حول ملف الشورابي القطاري

انخفضت وتيرة الاعتداءات على الصحفيين في تونس لتبلغ معدل 6 اعتداءات شهريا خلال الاشهر الماضية. وهذا الانخفاض يعود أساسا الي تراجع حالات التبليغ في صفوف الصحفيين في ظل تواصل الحالة المهنية الهشة التي يعانون منها والتخوف من إعادة انتاج الرقابة الذاتية  .

فالانتهاكات التي طالت الصحفيين وخاصة خلال هذه الصائفة تعلقت بالنفاذ الى المعلومة وبالتحديد  في المهرجانات الصيفية  ، من ذلك منع الصحفيين من العمل في جربة وبنزرت بطريقة فضة مما دفع مركز تونس لمطالبة وزارة الداخلية بفتح تحقيق رسمي .

تراجع العمليات الارهابية  كذلك كان له دور في تراجع الاعتداءات على الصحفيين ، لقد تركت الاعتداءات  التي تعرض لها صحفيون خلال تغطية الاحداث الارهابية اثرا سلبيا ومنها  عملية محمد الخامس التي استهدفت حافلة الأمن الرئاسي والتي تجاوز عدد الصحفيين الذين تعرضوا للاعتداء عليهم خلالها  الثلاثين. كما مثلت عملية ذبح الراعي مبروك السلطاني نقلة في التعامل القضائي والحكومي مع الاعلام. فبعد الخطأ المهني الذي رافق تغطية التلفزة الوطنية للحدث تمت دعوة 9 عاملين بالمؤسسة للتحقيق معهم على معنى قانون الارهاب بعد دعوى أثارتها النيابة العمومية ” لتجريم  خطأ مهني يدخل ضمن طائلة “التعديل الذاتي” في المؤسسات الاعلامية.

السلطة السياسية بدورها استغلت هذا الخطأ المهني لإقالة الرئيس المدير العام للمؤسسة في تجاوز لصلاحيات الهيئة العليا المستقلة للاعلام السمعي البصري الاستشارية المتعلقة بتسمية رؤساء المؤسسات الاعلامية العمومية.

هذه المعركة التي قادها الصحفيون وان كللت بإحباط التتبع القضائي للزملاء بالتلفزة الوطنية  وجعل الموضوع محل تحقيق داخلي بالمؤسسة الا أنها لم تنجح في الغاء عملية اقالة المدير العام.

 

أحداث بن قردان: اول اختبار للصحفيين في مناطق النزاع

وعاش الصحافيون التونسيون  بداية من  7 مارس 2016 في مدينة بن قردان، طيلة اسبوع خلال اشتباك قوات الجيش الوطني والأمن مع ارهابيين في المدينة واحوازها،  أول تجربة للعمل  في مناطق النزاع  وذلك من خلال تغطية تلك لاشتباكات المسلحة

وقد ركّز مركز تونس لحرية الصحافة خلية ميدانية لمتابعة ظروف عمل الصحفيين هناك وتقييم النقائص وتقديم التوصيات، وهي متكونة من الزملاء  معز الجماعي ونعيمة خليصة و سامية بيولي.

وقد سجلت خلية المتابعة  الموجودة على عين المكان عدة نقائص وتجاوزات في حق الصحفيين قامت بها أطراف أمنية وقام بها أيضا صحفيون في حق أنفسهم بسبب نقص خبرتهم في مجال السلامة المهنية خلال النزاعات المسلحة وانعدام تجهيزات  الحماية .

وقد قالت إحدى الصحفيات التي كانت متواجدة على عين المكان من اجل التغطية لصالح قناة تلفزية محلية خاصة “لم يكن  معنا إلا أقلام ودفاتر  وآلات تصوير، لقد اصطدمنا بمشهد غير مألوف حين وجدنا أنفسنا في “ساحة حرب” وسط رصاص يتطاير عشوائيا من جهات مختلفة نجهل مصدره…”.واشار  التقرير الذي قدمته  اللجنة للراي العام الى انه  :

كان لزاما على الصحفيين الموجودين هناك  اتخاذ قرار صائب وهو وضع خطة من اجل انجاز مهامهم ومن اجل حماية سلامتهم الجسدية.

وبعد معاينة الأوضاع ميدانيا،  قرر المراسلون الانسحاب من ساحة المعركة والتجمع في مكان آمن من أجل وضع خطة عمل رغم عدم إلمام الكثيرين منهم  بأبرز قواعد تغطية الأحداث في مناطق النزاع.

وأسفرت نقاشات الصحافيين على مواصلة العمل الميداني والاحتماء بالطرف الأقوى (قوات الشرطة والجيش)، لكن هذا الخيار لم يكن صائبا لعدة اعتبارات كان يمكن ان  تؤدي إلى هلاك  الكثير منهم  أثناء العمل. فقد تمركزوا  وراء قوات الأمن التونسي ودون أي إشارات تدل أنهم صحافيين، وكانت الأخطاء تكمن في عدم ارتداء سترات عليها عبارة “صحافة” باللغتين الفرنسية والعربية أوعدم حمل شعار المؤسسة الإعلامية والتعريف بصفتهم الإعلامية لدى عناصر الأمن الذين سارعوا بإبعاد الصحافيين ظنا أنهم مدنيون.

وفي الواقع لم يكن خيار الصحفيين صائبا في اختيار الموقع المناسب  حيث  ان وقوف الصحفيين في صف احد الاطراف المتنازعة قد يحولهم الى هدف.

وقد واجه الصحفيون المتواجدون من أجل التغطية الميدانية لاحداث مارس الماضي صعوبات جمة في إنجاز عملهم لعدة أسباب أهمها:

  • مقارنة بمراسلي المؤسسات الاعلامية الاجنبية، الذي كانوا مدعمين بوثائق تبرز الجهة التي يعملون بها، واجه المراسلون المحليون صعوبة في الحصول على المعلومة من الاطراف الامنية والعسكرية والتواجد في المكان المناسب على الميدان بسبب عدم امتلاكهم لبطاقات رسمية تثبت انتماءهم لمجال الاعلام.
  • عدم امتلاك الصحفيين لصدريات حيث لم توفر وسائل الاعلام لمراسليها هذه التجهيزات الواقية من الرصاص عكس المؤسسات الاجنبية.
  • لم يوفق الصحفيون في اختيار تموقع مناسب من اجل التغطية الميدانية وهو ما ضاعف من امكانية استهدافهم.
  • التضييق على الصحفيين في تقديم معلومة رسمية انية وهو ما فتح الباب امام الصحفيين لاستقاء المعلومات من مصادر غير رسمية والتي غالبا ما تكون متضاربة.

وقد خلص التقرير الذي أنجزته خلية الازمة المذكورة إلى هذه التوصيات:

– تنظيم  مزيد من الدورات تدريبية تطبيقية لفائدة الصحافيين حول تغطية الأحداث في مناطق النزاع.

– تنظيم ورشات عمل يشرف عليها مركز تونس لحرية الصحافة تنتهي بإصدار أول دليل لفائدة الصحافيين حول العمل في مناطق النزاع.

– تنظيم دورات تدريبية حول القوانين والتشريعات الدولية المتعلقة بظاهرة  الإرهاب.

– ضرورة تكوين لجنة من أعضاء مركز تونس لحرية الصحافة تتكفل بزيارة إدارات المؤسسات الإعلامية لحثها على الاهتمام بالمراسل المحلي وتمكينه من المعدات اللازمة للعمل في المناطق الخطرة.

– تنظيم ورشات عمل يشارك فيها رؤساء تحرير المؤسسات الإعلامية لمناقشة المصطلحات المتعلقة بالإعمال الإرهابية من أجل توحيدها.

– تنظيم ورشات عمل يحضرها إطارت عسكرية وأمنية للحديث عن موضوع مواكبة وتغطية الأحداث الإرهابية، كي تمكن الصحفي من معرفة ومناقشة وجهة نظر المسؤولين حول  ما يسمح بنشره وما قد يعرض البلاد إلى تهديد الأمن القومي عن طريق أخبار أو معلومات صحفية.   

قضية سفيان الشورابي ونذير القطاري

هذه السنة ايضا تواصل الجدل حول اختفاء الصحفيين “قسريا” في ليبيا سفيان الشورابي ونذير القطاري منذ 8 سبتمر 2014. اليوم وبعد مرور سنتين لا تزال الحقائق مخفية في ظل اتهامات   بتقصير رسمي في متابعة الملف وتجاذبات سياسية ومدنية استغلت فيها مجموعة من الأطراف المحلية والدولية الموقف الانساني للتلاعب بالملف.

ففي جانفي 2015  تداولت وسائل الاعلام الاجنبية والمحلية  خبرا صاعقا حول إعدام سفيان ونذير دون الاستناد الى مصدر موثوق ، و قد مثل  هذا فاجعة  كبيرة اصابت عائلة الصحفيين والوسط الاعلامي والسياسي والشعبي  بالبلاد .وفي  افريل 2015 اعلنت حكومة طبرق  عن ايقاف متشددين قالت انهم  اعترفوا باعدام صحفيين من ضمنهم الشورابي والقطاري  ، ورغم ان السلطات التونسية اوفدت قاضيا مختصا  لتقصي الحقيقة فانه لم يسجل أي تطور  في الملف وعاد الحديث عن  مصير الصحفيين حيث اضاربت التصريحات وتعززت فرضية بقائهما على قيد الحياة

اليوم وبعد مرور سنتين على اختفاء الصحفيين بليبيا لا تزال الحقيقة غير واضحة خاصة بعد فشل الوفد الرسمي التونسي في مقابلة المتهمين في عملية القتل والأخذ والرد الذي رافق عملية اثبات هوية الجثث التي تم العثور عليها في ليبيا.

وقد عرف الملف محاولة لتدخل رجال المال والسياسية، في ظل رفض من منظمات المجتمع المدني هذا التدخل.

وكان مركز تونس لحرية الصحافة قد دفع في  اتجاه تكوين اللجنة الوطنية لمتابعة قضية نذير القطاري وسفيان الشورابي  في ماي الماضي، وهي متكونة من شخصيات حقوقية وهم :

  • سهير بلحسن
    – نزيهة رجيبة (ام زياد(
    – لينا بن مهني
    – احمد كرعود
    – أ نور بن قدور
    – طارق بن هيبة
    – زهير مخلوف
    – محمد معالي
    – جلال الماطري ( منسق اللجنة (

وتاتي هذه المبادرة بالتنسيق مع عائلتي الزميلين المختفيين في ليبيا بعد اكثر من 600يوم وفي اطار تعبئة الراي العام المحلي والدولي لمناصرة هذه القضية وتحريك اصحاب القرار على المستوى الاقليمي والدولي ، وفق ما جاء في بيان تأسيس هذه اللجنة.

وكانت اللجنة قد كلفت عضويها سهير بلحسن وجلال الماطري (منسق اللجنة)  برفع شكوى الى مقرري الامم المتحدة الخاصين بحقوق التعبير وبقضايا الاختفاء القسري وحقوق الانسان. ويأتي هذا القرار من أجل لفت انتباه الرأي العام الدولي لهذه القضية  وتحميل كل الاطراف مسؤوليتها واتخاذ اجراءات عملية وفق القانون والأعراف الدولية.

وقررت اللجنة في اجتماعها بداية هذا الاسبوع اجراء جملة من اللقاءات مع منظمات وشخصيات دولية وحقوقية  من اجل التحرك على صعيد دولي  ودعوتها لطرح القضية خلال اشغال المفوضية الاممية  لحقوق الانسان  نهاية شهر سبتمبر الحالي ومن هذه المنظمات  الفدرالية الدولية لحقوق الانسان  ومركز القاهرة  لحقوق الانسان  والمجلس الوطني لحقوق الانسان في ليبيا.

ويذكر مركز تونس لحرية الصحافة أن اختفاء الصحفيين في ليبيا هو مأساة انسانية فتح فيها تحقيق في “الاختفاء القسري” ضمن ملف تقوده الأمم المتحدة للتحقيق في قضايا استهداف الصحفيين في الليبيا. ويدعو كل الأطراف اليوم تقدير المعاناة التي تكتوي بها بالأساس عائلتا الزميلين التي لا تزال تعيش في ظل أوضاع نفسية قاسية نتيجة بطأ العمل على الملف وتواتر نشر أخبار متضاربة ومنقوصة.

كما يهيب بكل السياسيين ورجال الأعمال الذين يريدون تحقيق مكاسب سياسية وشخصية من خلال التلاعب بهذا الملف أن يضعوا في الحسبان ما تعانيه العائلتين.

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة