Accueilالاولىالفخاخ يسعى للحكم بالمراسيم : هل هو اعتراف مسبق بالضعف أمام...

الفخاخ يسعى للحكم بالمراسيم : هل هو اعتراف مسبق بالضعف أمام البرلمان

نبه حزب قلب تونس امس من خطورة ما جاء “بالمذكّرة التعاقديّة من أجل الائتلاف الحكومي” التي عرضها أمس السيّد إلياس الفخفاخ على الأحزاب التي دعاها إلى المشاورات والتي تعرّضت بالخصوص إلى طلب المصادقة على قانون استثنائيّ يُجيز له تسيير دواليب الدولة بمراسيم دون سابق موافقة من البرلمان ويحذّر من كلّ محاولة تهدف إلى الانقلاب على الدستور وعلى البرلمان بنيّة الإنفراد والإنحراف بالسلطة.

لم يحض هذا الطلب الذي تقدم به السيد الفخفاخ بأي نقاش وخاصة وجاهة الدعوة اليه في وضع طبيعي تعيشه تونس

اذ ان العمل بالمراسيم سيمنح رئيس الحكومة سلطة واسعة دون اية رقابة أو مساءلة كالتوقيع على اتفاقيات القروض الدولية وكذلك الشراءات العمومية وتعيين أشخاص في المؤسسات الدستورية الخ

لقد شهدت تونس هذه الحالة لاسباب وجيهة اذ قبل حل البرلمان الذي كان يسيطر عليه التجمع الدستوري الديموقراطي صوت النواب على مشروع قانون يمنح رئيس الجمهورية انذاك فؤاد المبزع سلطة اصدار المراسيم دون العودة الى البرلمان .

واذا ما عدنا للتجارب المقارنة فان الفصل 49 من الدستور الفرنسي الذي ولد زمن شارل ديغول – الجمهورية الخامسة – تعرض لهذا الامر اي الحكم عبر المراسيم بسبب الاوضاع الداخلية والخارجية التي تعيشها البلاد التي خرجت من ازمة الجمهورية الرابعة التي غاب عنها اي استقرار سياسي واجتماعي اضافة الى حرب الجزائر

لكن هذا الفصل عاد للنقاش بين مختلف الاحزاب والتيارات السياسية في فرنسا سنة 2017

فهذا الفصل يتيح للحكومة تبني مشروع قانون، دون اللجوء إلى موافقة البرلمان، والتصويت عليه، في حالة عدم التصويت على مذكرة لحجب الثقة. يسمح للحكومة هذا الفصل بتمرير مشروع قانون مرة واحدة في السنة دون أن يصوت عليه أعضاء الجمعية الوطنية.

و بالتالي فهو تدبير استثنائي، يستخدم عادة عندما تتعثر المناقشات، ويحل محلها التشنج، وتتسع هوة الخلافات، داخل الجمعية الوطنية، فتتخوف الحكومة من عدم تمرير مشروع قانون، ليبقى أمام الحكومة اللجوء إلى استخدام الفصل 49، كملاذ وحيد، وكتدبير استثنائي

مما حمل الداعين الى الغاءه الى اعتباره اعتراف بالضعف أمام البرلمان، وفي نفس الوقت هو أداة لتثبيت سيادة السلطة التنفيذية، في حين اعتبره البعض الآخر كإجراء تسلطي، يسيء للديمقراطية، إذ يسمح للحكومة بفرض مشروع القانون بالقوة.

وقد اعتبر الرئيس الفرنسي “فرانسوا هولاند”السابق ، لما كان الامين العام للحزب الاشتراكي الفرنسي في 2006، الفصل 49، هو تجلي للوحشية، وإنكار للديمقراطية.

علما بأن “مانويل فالس”، عندما منصب وزيرا أول، إلى جانب الرئيس الاشتراكي “فرانسوا هولاند”، إلى استخدام الفصل 49، في ست مناسبات، تفاديا لرد فعل رفاقه، في الحزب الاشتراكي واليسار المعارضين لسياسته داخل الجمعية الوطنية، لذا كان يلوذ إلى استعمال الفصل 49، تفاديا للاصطدامات مع “المعارضة الداخلية” المكونة من يسار اليسار داخل الجمعية الوطنية، وهم من نفس الحزب الذي ينتمي إليه الوزير الأول السابق “مانويل فالس”، أي الحزب الاشتراكي الفرنسي.

لجأ مانويل فالس، كوزير أول، إلى تفعيل الفصل 49، في ست مناسبات:

في ثلاث مناسبات، من أجل تمرير قانون الشغل، الذي تقدمت به وزيرة الشغل “مريم الخمري”، والمعروف ( بقانون الخمري)، والذي أثار حفيظة الطبقة العملة والطلبة، حيث ندد المعارضون بهذا القانون، واصفين إياه بقانون “أرباب العمل”،فأثار جدلا واسعا، وتسبب في احتجاجات شعبية، خرجت إلى الشارع الفرنسي، حيث أحدث رجة حتى داخل الأغلبية الحكومية في الجمعية الوطنية، و داخل الحزب الاشتراكي الفرنسي.

وفي ثلاث مناسبات أخرى، من أجل تمرير “قانون ماكرون “، الذي تقدم به وزير الاقتصاد “إيمانويل ماكرون” ، بشأن “النمو والنشاط الاقتصادي وتكافؤ الفرص”، وقد اضطر “مانويل فالس” الوزير الأول آنذاك، إلى استخدام الفصل 49 من الدستور لتأمين تبنيه، وذلك بتمرير “قانون ماكرون بالقوة”.

وتضمن (قانون ماكرون) جملة من القرارات الاقتصادية الجديدة التي اقترحها وزير الاقتصاد “إيمانويل ماكرون”، برفع القيود عن الاقتصاد والتخفيف من وطأة القوانين التي تنظم العمل وشروطه، الأمر الذي جعل الحكومة في مواجهة معارضة شديدة، والمتمثلة في اليمين وبالأخص من طرف “حزب الجمهوريين” برئاسة “نيكولا ساركوزي”، وحتى من طرف رفاقه داخل الحزب الاشتراكي، وخصوصا الذين شكلوا جبهة داخلية، والتي رأت في تمرير القانون عدم احترام للديمقراطية من طرف حكومة “مانويل فالس”

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة