بعد الكشف عن العروض المقدمة يوم 8 جويلية الجاري من قبل شركات تكرير الزيت النباتي في تونس فوجئ عدد من أصحاب المهنة والمتخصصين في هذا المجال بالفجوة المالية الكبيرة بين ماكان عليه الوضع قبل تطبيق مبدأ طلب العروض وبين ما كان يحصل في السابق في نظام المحاصصة
وبلغة الأرقام حصد صندوق الدعم على عشرة ملايين دينار دفعة واحدة ولكن ماالذي حصل وما الذي تغير واين كانت تذهب كل هذه المليارات رغم الزيادة الحاصلة في كلفة الإنتاج
للمعرفة الحقيقة علينا ان نعود الى الوراء فديوان الوطني للزيت هو المكلف بتوريد الزيوت النباتية الخام ” زيت السوجا ” وبلغة اخرى زيت الحاكم ويقوم الديوان بتوزيعها على 13 وحدة خاصة لتكرير الزيوت النباتية المدعمة منها ثلاث مؤسسات دخلت طور النشاط انطلاقا من موسم 2010-2011
وقائمة ال13 مؤسسة وضعتها وزارة التجارة بالاتفاق مع مع الهياكل النقابية الراجعة بالنظر للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وتتمتع هذه الشركات ال13 بحصص للتكرير تحصل عليها حسب نظام يخضع الى تقسيم جغرافي يشمل ثلاث مراكز تابعة للديوان الوطني للزيت الأول بالشمال والثاني بالوسط والثالث بالجنوب
وتقوم هذه المؤسسات بتكرير الزيت واعادته الى الديوان الوطني للزيت ليعيد توزيعها على الشركات المتخصصة في التعليب ولكن في الثناء تخصم شركات التكرير ال13 ما نسبته أربعة بالمئة من الكمية التي وصلتها وهي خام تحت عنوان ضياع بينما المتعارف عليه دوليا فان كمية الضياع لا تتجاوز في اسوا الاحوال نسبة ال3 بالمئة وبإمكان المحاسب المبتدئ ان يكتشف الكمية المنهوبة من زيت الغلابة اذا ما أعلمناه بان هذه العملية التي تم اعتمادها منذ سنة 1976 مع العلم ان كل مؤسسة تكرير تحصل على 155.720 د على الطن الواحد وفق اخر تعديل قامت به الحكومة سنة 2010 مقابل ذلك نجد ان كلفة تكرير الزيت غير المدعم مثل زيت الذرة او زيت عباد الشمس تترواح ما بين 115 د و135 د
وحسب تقرير صادر عن مجلس المنافسة يوم 29 جانفي 2014 فان التحاليل التي افرزتها دراسة السوق فان نظام الحصص المعتمد لتوزيع الزيوت النباتية الخام ادى الى استئثار أربع مؤسسات من أهمها مؤسسات سلامة ومؤسسات عبدالمولى اللذين يستحوذان لوحدهما على نسبة 51 بالمئة من حصة الزيوت النباتية المكررة من مجموع 13 مؤسسة تكرير خلال المواسم العشرة الاخيرة
ورغم ان هذه المؤسسات الاربعة التي تصنف ضمن المؤسسات العشر الكبرى التي لم يقتصر نشاطها طوال هذه الفترة على تكرير الزيوت النباتية المدعمة بل انها تمكنت من من توظيف الفائض في انشطة اخرى مرتبطة بالزيوت النباتية الا ان اصحابها اعترضوا على مبدا المنافسة ورفضوا نظام المناقصات المعمول به في جميع الدول خاصة وان هذه السوق يصل حجمها سنويا 25 مليون دينار وحسب ما بلغنا من معلومات فان حيتان الزيت المدعم زيت المواطن مهدود الدخل سعوا عبر استخدام منظمة الاعراف وعبر السعي الى منع وتعطيل طلب العروض في مرحلة اولى ثم الاتفاق فيما بينهم ضمن منطق الاحتكار الذي يعاقب عليه القانون على عدم المشاركة في المناقصة التي تم الإعلان عنها في مرة اولى يوم 26 جوان وفي مرة ثانية يوم 7 جويلية 2014 ولكن ما افشل المخطط هو إصرار عدد من أصحاب شركات تكرير الزيوت النباتية على ان تكون السوق مفتوحة للجميع وبطريقة شفافة مما يمكن الدولة من اختيار أفضل العارضين دون تسقط في فخ الاحتكار والابتزاز بالإضافة على اصرار وزيرة التجارة السيد حروش على احترام ما اقره مجلس المنافسة يوم 29 جانفي الماضي الذي اعلن موقفا واضحا وصارما من النظام القديم مؤكدا على ضرورة اتباع نظام طلب العروض الذي كشف يوم 8 جويلية 2014 عن اخلالات كبيرة ونهب للمال العام الذي تواصل لسنوات طويلة بما فيها السنوات الثلاث لما بعد انهيار منظومة الفساد يوم 14 جانفي 2011 هل ستقوم السلطات القضائية بإيقاف المتسببين في النزيف الذي لم يرحم جيب المواطن المحدود الدخل ففتح تحقيق عدلي حول الاستيلاء على المال العام وكذلك في التزوير والتحيل والانتفاع بالنظام الفاسد المخالف لمبدا الصفقات تعتبر أمورا ضرورية والصامتون مشاركون في الجريمة
وألان تتطلب الحكمة والوطنية الإسراع في تفعيل وتنفيذ ما أفرزته نتائج المناقصة حالا ودون انتظار يوم غرة نوفمبر القادم فهذه المناقصة كشفت عن الاسعار الحقيقية لتكرير الزيت النباتي المدعم وهي 115 دينار للطن الواحد مقابل ما يحصل اليوم 155 دينار للطن الواحد مع تخفيض واضح لنسبة الضياع من 4 بالمئة المعمول بها اليوم الى 3ونصف بالمئة كما جاء في العروض التي قدمت يوم 8 جويلية بعيدا عن حيتان الزيوت المدعمة
***** منصف عبدالمولى هو رئيس الغرفة الوطنية لمكرري الزيوت النباتية بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية
***** علي سلامة هو نائب رئيس الغرفة الوطنية لمكرري الزيوت النباتية بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية علما بان ابنه شهاب سلامة عضو بالمكتب التنفيذي لمنظمة الاعراف التي يمثلها بالحوار الوطني حول مراجعة الدعم