ارتفع نسق الحملة الانتخابية لحركة النهضة من خلال تنظيم اجتماعات جماهيرية في سوسة والقيروان و الكاف ، اشرف عليها رئيس الحركة السيد راشد الغنوشي الذي قام خطابه على ” مكانة حركة النهضة في المجتمع “و على ثقته في الفوز وأيضا على الدعوة للـ”وفاق” بعد الانتخابات
الوفاق و ضرورته لتونس في المرحلة المقبلة أصبح منذ مدة نقطة رئيسية في خطاب السيد راشد الغنوشي خاصة عندما يكون خارج تونس ، أو عندما يدلي بتصريحات لوسائل اعلام أجنبية ، وتصريحه قبل أيام لوكالة رويترز للأنباء يمكن اعتباره ” قمة الوضوح” في الدعوة للتوافق عندما أكد استعداد حركته للعمل مع وزراء النظام السابق
لكن هذا الوضوح سرعان ما يصبح ضبابيا عندما يكون الخطاب موجها للداخل و لقواعد الحركة
يوم السبت 11 أكتوبر قال السيد راشد الغنوشي في مدينة سوسة:” لا أحد ينبغي أن نقبل منه ان يمجد ذلك العصر ( يقصد العهد السابق ) …هو عارٌ ينبغي ان نتُوب منه و نستغفر الله سبحانه و تعالى .” . وقال السيد عبد الكريم الهاروني ( عضو المكتب التنفيذي للحركة) في اجتماع انتخابي بمدينة قبلي :” إن النهضة ستحكم مستقبلا مع من يريد خدمة البلاد ولن تتحالف في الحكم مع من أجرموا في حق تونس”
التباين بين خطاب الخارج وخطاب الداخل ، ثمة ما يفسره :
أولا :هو اشارة الى أن حركة النهضة مازالت تبحث عن نقطة التوازن بين الصورة التي تريد أن تقدمها في الخارج وهي انها حركة معتدلة و تقبل بالوفاق وضد الاقصاء و انها تختلف عن تجارب بقية الحركات الاخوانية بانفتاحها وبين الاستجابة لمزاج جزء من قيادتها و هياكلها الوسطى والقاعدية التي مازالت متمسكة بالخطاب الثوري .
و تظهر هذه النقطة بوضوح في الشعارات التي رُفعت في الاجتماع الانتخابي بضاحية الكبارية الذي اشرف عليه السبت 11 أكتوبر الأمين العام للحركة السيد علي العريض ، ومنها شعار ” الشعب يريد النهضة من جديد ، الشعب يريد النهضة من حديد” وهو الشعار المركزي لحركة النهضة في صائفة 2013 عندما كان الجدل قائما حول ” الشرعية الانتخابية والشرعية التوافقية”
، وكانت النهضة ترفض أي شرعية توافقية وتعتبرها انقلابا على ارادة الشعب و الصندوق
ثانيا: ان حركة النهضة عُرفت بالتباين في المواقف بين قيادييها خاصة في المسائل الكبرى ، ظهر ذلك في محطات الحوار الوطني وفي انسحاب الترويكا من الحكم ، وفي غيرها من المحطات ، و كانت تفسر ذلك إما أن بعض المواقف شخصية لا تُلزم إلا اصحابها أو ان الحركة تضم تيارات مختلفة ، فيما يذهب بعض المراقبين الى اعتبار ذلك احد عناوين ” ازدواجية الخطاب ” لدى النهضة
ثالثا: ان النهضة تتعامل مع مختلف المتغيرات من زاوية موازين القوى وهي
مستعدة لتغيير خطابها 180 درجة ، مثلا في ملف الارهاب و التنظيمات المتشددة بعد أن كانت ترفض وجود تيار سلفي جهادي في تونس ، اصبحت تتحدث اليوم أنها في طليعة الاطراف المكافحة للإرهاب
البعض يعتبر ان حركة النهضة اصبحت تبحث عن ” الواقعية” في الاداء و الخطاب ، لكن الواقعية لا تعني تبني الخطاب و نقيضه
نورالدين المباركي الخبير في الجماعات الاسلامية ****