Accueilالاولىتعليق- العكرمي «يفكّ عزلته» ويغادر

تعليق- العكرمي «يفكّ عزلته» ويغادر

ص نص الاستقالة الذي قدمه أمس الوزير الأزهر العكرمي الى رئيس الحكومة جاء موجعا وجريئا وحصيفا وانشائيا في لغته واسلوبه وفيه روح نقدية عالية لاداء حكومة الصيد وهو نص يقرّ بفشل الحكومة في ادارة الشأن العام وعدم عزمها مقاومة الفساد رغم ان عناوينه واضحة ومعلومة أشار اليها العكرمي بالاصابع العشرة.
العكرمي تحدث عن الامتيازات «الوزيرية» التي تخلى عنها وعن الاغواءات الكبرى التي تحيط بكرسي الوزارة وأكد ـ متعففا ـ انه يتنازل عنها في سبيل حفظ مصداقيته وحتى لا يخذل ناخبيه وحتى يبرّئ ذمته خاصة وأنه كما يؤكد في استقالته قد تم عزله في «غرفة نوم الباي» معطّلا بلا عمل ولا شغل يشغله.. فلا هو مستشار ولا هو يستشار اي مجرد صورة تملأ «الكادر» ويتقاضى مقابل دور «الكومبارس» اجرا سخيا وسيارة «مرسيدس» وهذا واقع لم يرض العكرمي.
وفي لحظة صحو لضميره خرج من عزلته في «غرفة نوم الباي» وأطلق نص استقالة نعتبره من اخطر وادق ما كتب عن حكومة الصيد منذ توليها المهام.
فالأزهر العكرمي ـ كما نعرفه ـ له من التكوين السياسي والثقافي وله من الجرأة والصدق مايؤهله لقول الأشياء عارية كما هي ويسمي الأشياء بأسمائها حتى وان دفع ثمنا باهظا من أجل ذلك وخطورة نص الاستقالة تتجلى في خطابها المباشر العاري الذي يذهب مباشرة الىموضوعه وقد ذهب العكرمي الى موضوعه مباشرة بالفعل فلم يتردد في القول:« نبهت الى ملفات بعينها والىشخوص متورطة لا تستحق فقط الطرد بل المحاسبة الفورية والسجن فوجدت نفسي كمن يصيح في الربع الخالي او من يجدف في بحيرة لا ماء فيها.. في حكومة قيل ان ايديها مرتعشة وانا أقول أن لا أيادي لها أصلا لترتعش…».
وفي موقع آخر من نص الاستقالة يقول العكرمي :«واني على يقين انه مثلما لا يمكن للعقول الاستبدادية ان تقود الديمقراطية لا يمكن كذلك محاربة الفساد بمسؤولين فاسدين»…
لذلك وعليه ما انفك نواب حزبنا وكوادره وقياداته يسألون أين السلطة؟ ومن يحكم البلاد فعليا؟ ولماذا سرق منا انتصارنا الانتخابي…؟
هذا الكلام لم يصدر عن رجل مجنون أو متهافت مريض على السلطة وانما هو صادر عن قيادي في الحزب الحاكم وأحد مؤسسي «النداء» وهو وزير بحكومة الصيد رافقها منذ تكليفها وبالتالي فإن لكلامه ثقلا كبيرا فعندما يقول السيد العكرمي بأنه «لا أيادي لهذه الحكومة أصلا لترتعش» فإنه بذلك يشير الى اعاقة تامة وعجز في التصور وفي الاداء وعدم القدرة على التحرك في اتجاه أي شكل من أشكال الاصلاح… فهي حكومة بلا برنامج (بما أنها بلا أيادي) وانما هي تعمل اعتباطيا وبارتجالية لكأنها عفو الخاطر اضافة ـ وهذا اخطر ما في نص الاستقالة ـ الى عدم عزمها أو عدم رغبتها في مقاومة الفساد رغم عناوينه الواضحة وهي حكومة منزوعة السلطات «فمن يحكم البلاد فعليا ؟» كما تساءل العكرمي .. قبل ان يشير الى «النظام الرئاسوي» الذي يجمع كل السلطات بين يديه ويوزعها في شكل تعليمات على باقي «الكومبارس» الموزعين افرادا وجماعات في «غرف الباي».
في خاتمة نص الاستقالة يذهب العكرمي الى القول الأكثر تنكيلا حيث يقول «وثقوا سيدي الرئيس اني لست من طينة من يزحف على بطنه للحصول على المناصب لينادى سيدي الوزير ولا ممن يجبنون امام الامتيازات التي يرافقها الخصي المعنوي وهدر الكرامة في سلطة وهمية .. لا أمل في اصلاح ما تراه من اعوجاج حد التقوس فيها..».
نعتقد انه لا جدوى من التعليق على كلام العكرمي في نص الاستقالة ففيه من الجرأة والصراحة والوضوح ما يصنفه في باب الوثيقة النقدية المرجعية لأداء حكومة الصيد .. وهي وثيقة ذات مصداقية لما نعرفه عن الرجل الذي لا يرضى لنفسه ان يلعب دور «شاهد الزور» من داخل «غرفة نوم الباي».
في الختام نقول انه بعد رواج نص الاستقالة سعى عدد من «المرضى المتهافتين على السلطة لإشاعة ما مفاده ان «العكرمي» باستقالته قد استبق قرار عزله من الحكومة في التحوير القادم وهذا الكلام يقصد ـ في العمق ـ تتفيه نص الاستقالة وتهميشها باعتبار نبرتها النقدية العارية ..
اما ربط استقالة العكرمي بفيديو «معز بن غربية» الذي تحدث فيه عن الاغتيالات السياسية وبأنه يمتلك حقيقة هذه الاغتيالات فاننا نشير هنا إلى ان الأزهر العكرمي قد كتب استقالته وحررها وصاغها «أياما» قبل ظهور «فيديو بن غربية» الذي تم ترويجه أمس الاثنين وبالتالي فانه من الغباء ربط هذا بذاك …
 في الروايةالمنقولة فإن مكتب العكرمي كان فيما مضى «غرفة نوم الباي».
*** لطفي العربي السنوسي
مدير تحرير جريدة الصحافة اليوم

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة