Accueilتحليللطفي العربي السنوسي يكتب : أما عن الإبل فلا تسأل..!؟

لطفي العربي السنوسي يكتب : أما عن الإبل فلا تسأل..!؟

أما عن الإبل فلا تسأل..!؟

مباشرة وبعد ساعات من اقرار مجلس التعاون لدول الخليج العربي اعتبار حزب الله اللبناني منظمة ارهابية يقرر مجلس وزراء الداخلية العرب في بيانه الختامي اعتبار حزب الله بكل قياداته وفصائله والتنظيمات المنبثقة عنه منظمة ارهابية وقد تبنت تونس هذا الموقف وتحفظت لبنان والعراق أيضا وامتنعت الجزائر.
وزير الداخلية قال ان تونس لم تتحفظ على هذا القرار دون ان يقدم مبررات لذلك وعقّب عليه وزير الخارجية بقوله تونس غير معنية بهذا الأمر .. وهنا تقع تونس مرة اخرى في اخطاء ديبلوماسية قاتلة بقرارات مرتجلة لا أحد يتبناها أو يبررها.
الاتحاد العام التونسي للشغل نزل بكل ثقله وأصدر بيانا شديد اللهجة رافضا تبني تونس لهذا القرار معتبرا ذلك خطأ تونس في غنى عنه ومن شأنه ان يضر بالمصلحة الوطنية.
ويجيء قرار اعتبار حزب الله تنظيما ارهابيا ليؤكد قوة الصوت السعودي وهيمنته على القرار العربي بعد اصطفاف الدول العربية وراء المملكة الوهابية التي تحولت الى عرّاب يقود «الإبل العربية» من خليج الصحراء الى خليج الماء خاصة مع تراجع الدور المصري في المنطقة وضعف باقي الدول المهمومة بأزماتها الداخلية.
وقد وضعت السعودية كل ثقلها لعزل حزب الله دوليا ومهّدت لذلك بمعاقبة الدولة اللبنانية بقطع كل اشكال المساعدات بما في ذلك المساعدات الممنوحة للجيش وقوى الأمن في لبنان، وبعد الخطاب الشهير لحسن نصر الله الامين العام لحزب الله في اليوم الثاني من حرب السعودية على اليمن والذي ادان من خلاله السعودية ووصف اعمالها الحربية ضد اليمن بجريمة دولة صرّحت السعودية على لسان وزير خارجيتها بأن حزب الله هو سرطان خطير في المنطقة.
وقد جاء في خطاب حسن نصر الله «أشرف شيء قمت به في حياتي هو الخطاب الذي القيته في اليوم الثاني من الحرب السعودية على اليمن ووقوفنا ضد العدوان السعودي على اليمن هو جريمتنا التي نفتخر بها .. من يريد ان يسكت فليسكت لكن نحن في كل الاعتبارات والموازين وحتى المصلحة الوطنية اللبنانية لم يكن من الممكن ان نسكت عن الجرائم التي ترتكبها السعودية في اليمن ولن نسكت وسنواصل».
لقد نجحت السعودية ـ بداية ـ في الدفع بالدول العربية الى طابورها «الابلي» (نسبة الى الابل) بعد ضمها الى ما يسمى بالتحالف الاسلامي العسكري بدعوى محاربة كل اشكال الارهاب وهو في الواقع تحالف يستهدف الجماعات الشيعية ويطاردها وخاصة حزب الله اللبناني وشيعة العراق وحوثيي اليمن وايران «رأس الافعى» ـ كما تسميها «الديبلوماسية السعودية» ـ اضافة الى دورها فيما آلت اليه سوريا من خراب والثمن الباهظ الذي يدفعه الشعب اليمني نتيجة الحرب التي تخوضها السعودية على ارضه.
والسعودية في كل حروبها ضد «الارهاب» (الارهاب الشيعي في الواقع كما تراه) انما تسعى «لتنظيف» صورتها وتلميعها باعتبار ان العالم يتهمها بالوقوف وراء كل اشكال الارهاب السلفي الجهادي ومرجعه المملكة الوهابية مالا وعتادا…
كيف تكسر السعودية «الهلال الشيعي» الذي يهدد امنها القومي وامن المنطقة بحسب زعمها..؟ لن يكون ذلك سهلا ما لم تكسر شوكة رؤوسه «رأس الافعى» اولا ايران ويدها الممدودة «حزب الله» وأمينه العام حسن نصر الله الذي ادان وما يزال التدخل السعودي في اليمن واعتبره جريمة دولة وكذا تدخلها في البحرين لمطاردة الجماعات الشيعية وفي العراق وفي سوريا…
فما الذي يدفع بتونس الى التورط في قضايا لا علاقة لها بها أصلا ؟.. فهل نحن معنيون بالصراع السني الشيعي الذي تخوض باسمه السعودية حروبها في المنطقة .. ؟ وهل نحن معنيون بالحرب الباردة بين السعودية وايران ..؟ وما الذي يدفعنا الى عدم التحفظ ازاء اعتبار حزب الله تنظيما ارهابيا؟
هذه معارك لا ناقة لنا فيها ولا ابل وتضع تونس في موضع «التابع» الذي وقف في طابور خاطئ ورفع راية ليست رايته وخاض حربا ليست حربه..
لقد اخطأت تونس مرتين .. الاولى عندما اعلنت انتماءها للتحالف الاسلامي العسكري الذي تقوده السعودية وأخطأت ثانية بقبولها قرار اعتبار حزب الله تنظيما ارهابيا والخطير أنّ هذا الأمر دبّر على الأراضي الخليجية ونفذ على الأرض التونسية بل ان انعقاد مجلس وزراء الداخلية العرب بتونس إنّما كان من أجل غاية ومقصد واحد أن يصدر «بيانا تونسيا» في خاتمة أشغاله لعزل «حزب الله» وتصنيفه تنظيما إرهابيا.
وما أشبه اليوم بالبارحة كما يقولون ألم تكن تونس البلد الذي استضاف «مؤتمر أصدقاء سوريا» الذي كان بداية خراب الشام الدمشقية…
تونس اليوم مطالبة بتوضيح موقفها خاصة وأنّ وزير الخارجية قد أكد أنّ تونس غير معنية بقرار مجلس داخلية الوزراء العرب فمن غير المنطقي أن نمضي على بيان يعلن حزب الله تنظيما إرهابيّا ثم نقول إنّنا غير معنيين بذلك… هذا ما نسميه ديبلوماسية «بلاد الطرارني»…
وعلى نواب مجلس الشعب (صوت الشعب) أن يتحركوا لمساءلة وزيري الداخلية والخارجية حتى نفهم ما يحدث فوق أو تحت رؤوسنا…
اعتبار حزب الله اللبناني منظمة ارهابية هو في الواقع قرار امريكي صهيوني عبر الوكيل السعودي لحماية أمن واستقرار اسرائيل..!
ألم يكن من الأجدر وأكثر فخرا الاعلان عن اعتبار اسرائيل كيانا ارهابيا وله كل ما يؤهله لذلك من جرائم وفظاعات ومجازر جماعية..مثل هذا القول يلزمه رجال دولة أحرار.. أما عن الإبل فلا تسأل..!

 

عن جريدة الصحافة اليوم

Jamel Arfaoui
Présentation
مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة