أكدت نتائج البكالوريا الأخيرة عمق الحيف الاجتماعي الذي يعاني منه تلاميذ وتلميذات الجهات الداخلية إذ سجلت ولايات القصرين وقفصة وسيدي بوزيد وقبلي والكاف وجندوبة وباجة وتوزر أدنى مستويات قبول مقارنة بباقي ولايات الشريط الساحلي وبالمعدل الوطني عموما. كما تمثل تجليا آخر من تجليات أزمة المنوال التنموي المتبع منذ منتصف الثمانينات ولا يزال والذي كانت كلفته الاجتماعية أكثر وقعا على كاهل الطبقات الفقيرة والجهات المحرومة.
هذا ما أشار اليه تقرير صادر اليوم الخميس 23 جوان 2016 المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي اعتبر استمرا ” هذا الحيف ضربا للحق في التعليم ولمبدأ تكافؤ الفرص بين كل المتعلمين من أبناء الوطن الواحد وهو دليل علي فشل السياسات الحكومية المتعاقبة منذ خمس سنوات في معالجة أسبابه المباشرة والعميقة حتى تضمن الدولة مقومات التكوين الجيد وفرص النجاح المتساوية.”
تقرير المنتدى ذكر بالدور الحاسم الذي اضطلع به التعليم العمومي في الصعود الاجتماعي لأبناء وبنات الفئات الاجتماعية الهشة وفي تكوين أجبال من المتعلمين والمتعلمات تعاقبت على خدمة الدولة والمجتمع وساهمت في نهوضه في كل المجالات فإنه:
- ينبه لخطورة استمرار هذه السياسة الجائرة لما تمثله من تخلي إرادي من طرف الدولة عن خدمة مواطناتها ومواطنيها وعن طاقاتهم الحية والتواقة للعمل والنجاح التي تكتنز بها الجهات الداخلية فضلا لما يخلفه هذا الحيف من إحساس بالدونية والتجاهل مما يؤجج مشاعر الاحتقان والغضب في الأوساط الشعبية المطالبة بمواطنة كاملة غير منقوصة وفق ما نص عليه الدستور وطالبت به ثورة 17 ديسمبر – 14 جانفي.
- يؤكد على أن تراجع نفقات الدولة في مجال الخدمات الاجتماعية عموما والتعليم تحديدا أدى إلى تدهور البنية التحتية وحدّ من الإنتدابات الضرورية للإطار التربوي اللازم لدعم التلاميذ المستحقين و سيزيد الاستمرار في هذا النهج من نسب الانقطاع المدرسي ويخفض نسب النجاح ومردودية المنظومة التعليمة برمتها وسيعمق أزمة التنمية المعطلة بالجهات الداخلية منذ عقود.
- يدعو وزارة الإشراف إلى تقييم شامل بمشاركة النقابات ومنظمات المجتمع المدني وأهل الاختصاص يعرض في شكل وثيقة مرجعية حول واقع المدرسة في الجهات الداخلية وعلاقتها بمحيطها ومعوقاتها يكون منطلقا لإجراء إصلاحات هيكلية فعلية تقر مبدأ تكافؤ الفرص وتعيد الأمل في التعليم العمومي كمدخل للصعود الاجتماعي
- كما يدعو وزارة التربية وكل الجهات الرسمية المعنية إلى إجراءات عاجلة تخص كل الولايات الأخيرة في ترتيب النتائج الوطنية تمس في الأساس تلاميذ الأقسام النهائية للسنة القادمة حتى تكون العودة المدرسية القادمة ضامنة لظروف تعلم أفضل ولفرص نجاح أكبر