في الوقت الذي حزمت فيه وزيرة المالية لمياء الجريبي ومحافظ البنك المركزي الشاذلي العياري حقائبهما للانطلاق في جولة أوروبية للترويج لسندات دولية بقيمة مليار يورو أصدرت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، بيانا تخفض فيه علامة الدولة التونسية درجة اضافية وعللت هذا التراجع ، إلى انخفاض السياحة وتباطؤ الاستثماراتويتفق الخبراء الماليون في تونس وخارجها ان هذا التصنيف الجديد يعد ضربة قاصمة للاقتصاد التونسي لانه ببساطة يقلص من هامش اية مناورة للحصول على قروض بفوائد معقولة وعلى عكس ذلك سيمنح الدائنين فرصا لتقديم قروض بفوائد عالية ستزيد في ارباك حجم المديونية
ونهاية الشهر المنقضي كشفت مؤسسة الاصدار عن ارتفاع حجم خدمة الدين للدولة التونسية ، اذ ارتفعت ، إلى 180،5 م د مقابل 147،5 م د السنة الماضية كما تقلصت المدخرات من العملة الصعبة لدى البنك المركزي التونسي إلى يوم 26 جانفي 2017 إلى مستوى 12261،2 مليون دينار (م د)، ما يعادل 106 أيام توريد، مقابل 13295،1 م د (121 يوم توريد) خلال نفس التاريخ من سنة 2016.
ومقابل ذلك بلغت العائدات السياحية، إلى يوم 20 جانفي 2017، حوالي 75،4 م د مقابل 72،5 م د في 2016 أي ما يعادل ارتفاعا بنسبة 2،9 م د.
كما زاد مجموع مداخيل العمل (الاحتساب نقدا) ليتحول من 139 م د إلى 141،4 م د بين سنتي 2016 و2017 (إلى حدود 20 جانفي)
وعلى مستوى معدلات الصرف، سجلت العملتين الرئيسيتين تقدما بالنسبة للدينار التونسي اعتبارا إلى أن الدولار الأمريكي بلغ حاليا مستوى 2،308 دينار (زيادة بنسبة 12،82 بالمائة مقارنة بسنة 2016) والاورو في مستوى 2،473 د (زيادة بنسبة 11،48 بالمائة مقارنة بسنة 2016).
وخفضت “فيتش” درجة تونس من “بي بي سلبي” إلى “بي إيجابي”، وأبقت الآفاق مستقرة.
وقال الوكالة إن “تراجع السياحة في أجواء من المخاطر المرتفعة للأمن وتباطؤ الاستثمارات مع تغييرات متكررة للحكومة وفصول من الإضراب، عوامل أضعفت النمو والآفاق الاقتصادية”.
وقدرت الوكالة الانتعاش الاقتصادي في تونس بـ1.2 في المئة فقط في 2016، مقابل معدل 4.5 في المئة قبل الثورة في البلاد في 2011، وحوالى 4 في المئة للدول المصنفة بالدرجة نفسها.
وأشارت إلى أن دخول السياح واصل تباطؤه لكن بوتيرة أضعف، وتراجع بنسبة 8 في المئة في سبتمبر على مدى 12 شهرا، بعد انخفاض نسبته 38 في المئة في الفصل الأول من 2016.
وتتوقع “فيتش” أن تبلغ نسبة نمو إجمالي الناتج الداخلي لتونس 2.3 في المئة في 2017، و2.5 في المئة في 2018.
وبلغ العجز في إجمالي الناتج الداخلي 6.4 في المئة في 2016، كما قالت الوكالة التي أوضحت أن تونس ستحتاج في 2017 للاقتراض في الأسواق الأجنبية ما يعادل 7 في المئة من إجمالي ناتجها الداخلي لتسدد مستحقاتها وتغطية احتياجات ميزانيتها.
لكن اعتبار الآفاق مستقرة يستند إلى عناصر إيجابية مثل التقدم في الإصلاحات خصوصا في القطاع المصرفي، والالتزام ببرنامج دعم لمدة 4 سنوات لصندوق النقد الدولي.
ومن المتظر ان تتحول وزيرة المالية لمياء الجريبي ومحافظ البنك المركزي الشاذلي العياري مطلع الأسبوع القادم الى فرنسا وألمانيا وبريطانيا للترويج لإصدار سندات دولية بمليار يورو
وصرحت الزريبي قبل ذلك ان تونس تحتاج نحو 2.85 مليار دولار تمويلا خارجيا هذا العام وتخطط لإصدار صكوك بقيمة تبلغ نحو 500 مليون دولار في 2017 للمساعدة في تغطية العجز
ومازالت السلطات التونسية تنتظر الاستنتاجات التي سينتهي اليها وفد الخبراء التابعين لصندوق الدولي الذي سيحل بالعاصمة التونسية و الذي سيقف على الخطوات التي قطعتها حكومة الشاهد في مسار مجموعة الاصلاحات التي طالب بها البنك السنة الماضية
حتى ان يوسف الشاهد المح خلال لقائه برئيسة البنك الدولي كريستين لاغارد على هامش منتدى دافوس بجينيف ” أن تحقيق الاستقرار الاجتماعي والنمو الاقتصادي في تونس يتطلب مرونة في عمليات الإصلاح الضرورية، خاصة منها تحقيق التوازنات المالية الكبرى ”
ويطالب صندوق النقد الدولي من تونس: رسملة البنوك العمومية وتدعيم استقلالية البنك المركزي والشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص ومراجعة منظومة الدعم والتحكم في كتلة الأجور ونفقات التسيير والتصرّف العموميّة والمصادقة على مشروع مجلّة الاستثمار الجديدة إصلاح القطاع البنكي والمؤسسات المالية والمصادقة على مشروع الإصلاح الجبائي
ولئن شرعت الحكومة التونسية السابقة في اجراء جزء من هذه الاصلاحات على غرار رسملة البنوك العمومية ووضع برنامج للشراكة بين القطاعين العام والخاص الا ان بقية الاصلاحات مازالت تراوح مكانها
وكشف تقرير صدر الشهر الماضي عن البنك الدولي حول توقعات الاقتصاد العالمي لسنة 2017 ان نسبة النمو في تونس للعام الجاري ستكون بحساب الانزلاق السنوي 3.1 % و3.3 % في العام 2018. على ان يبلغ التضخم 3.7 % للعام 2017 و3.6 % في العام 2018-2019
وبالنسبة للدخل الفردي من الناتج الداخلي الخام فقد كشف التقرير ان تونس فقدت درجة حسب التقرير وأصبحت في فئة الدول ذات الدخل الفردي اقل من المتوسط.