Accueilثقافةمتى وصل الراب إلى تونس ؟

متى وصل الراب إلى تونس ؟

الدكتور محمد الدريدي، باحث تونسي في الموسقى مهتم بـ”الراب”، قال في مقابلة، إن هذا الفن وصل تونس في تسعينيات القرن الماضي، وانتشر عام 2006، وبلغ أوجه مع ثورات الربيع العربي.

كلمة “راب” (RAP) في اللغة الإنكليزية، وفق الريدي، هي “اختصار لعبارة AFRICAN POETRY RYTHMIC، أي الشعر الإفريقي المقفى، ويعني هذا النوع من الغناء التلفظ بتواتر ونسق سريعين وترديد الأغاني بقافية معينة”.

وأوضح أن “الراب انتشر في الولايات المتحدة الأميركية على أيدي الأميركيين الأفارقة، بداية سبعينات القرن العشرين، لكنه انتشر في بداية التسعينات في بلدان المغرب العربي، وبينها الجزائر والمغرب وتونس، التي اعتنى شبابها بأغاني الراب أداء وتأليفا وإنتاجا”.

حول مسار “الراب” في بلده، تحدث الدريدي عن “ثلاث فترات، الأولى هي فترة الهواية منذ دخوله تونس وحتى عام 2005، والثانية هي فترة الاحتراف بين 2005 و2010، أما الفترة الثالثة فبدأت منذ الثورة (الشعبية) التونسية عام 2011″، التي أطاحت بالرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي (1987-2011).

وأوضح أن “كل فترة من هذه الفترات الثلاث عرفت سيطرة مجموعة من مغنيي الراب، نظرا إلى المواضيع التي تناولوها، وكذلك مدى إقبال الشباب على الاستماع إلى أغانيهم”.

وأشار أن “إنتاج الراب في تونس قبل 2005 كان في طور الهواية، واقترن بظهور محتشم (محدود) على الأقراص المضغوطة وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة يوتيوب، وعكس تعبيرات شبابية غاضبة، واقترن بأداء موسيقي متواضع وعبارات نابية أو ما نسميه بلغة الشارع، وأحيانا خادشة للحياء”.

ومضى قائلا إن “الحراك السياسي في تونس خلال العشرية الأخيرة (العقد الأخير) كان له التأثير القوي في بروز هذا النمط الغنائي، وكان العامل السياسي بارزا في التضييق على موسيقى الراب”.

هذا التضييق عزاه الدريدي إلى أن “الراب سيكشف وجها من الحقائق، خاصة في ظل نظام استبدادي قامع للحريات يفرض حصارا على حرية التعبير، لذا خنق النظام السابق منافذ الإنتاج والإعلام أمام هذا الفن”.

اليويتوب منصة للراب

قال الباحث التونسي: “خلال منتصف 2006 لاحظنا ارتفاعا مهما في نسق الإنتاج والنشر على اليوتيوب، بفضل تطبيق الدولة التونسية لما جاء في توصيات القمة العالمية لمجتمع المعلومات ببتونس، نوفمبر 2005، مثل تمكين التونسيين من امتلاك أجهزة الكمبيوتر بأثمان غير مرتفعة، وتمكين متوسطي الدخل من الانتفاع بكمبيوتر عائلي، وتخفيض أسعار الاشتراك في خدمة الإنترنت”.

وفي 2008 ارتفع نسق أغاني “الراب” مع اندلاع احتجاجات الحوض المنجمي في قفصة (جنوب) الاجتماعية، وما رافقها من تعامل أمني مفرط وتضييقات سياسية في عهد زين العابدين بن علي، ليرتفع النسق أواخر 2010، مع اندلاع الثورة الشعبية التونسية، التي أسقطت بن علي في 14 يناير 2011.

وتطوّر إنتاج “الراب” في تونس وترويجه على شبكة الإنترنت، وبلغ “عدد التنزيلات عن يوتيوب، في 2006، قرابة 9020 تنزيلا، ليصل عام 2010 إلى حوالي 74700، ويرتفع إلى نحو 350 ألف تنزيل في 2016 “.

“سيكو آم” و”الجنرال”

بخصوص أهم رموز “الراب” المؤثرة في المشهد الموسيقي، ذكر الباحث التونسي محمد الجندوبي، المعروف بسيكو آم، ويمتلك أسلوبا مميزا عن أبناء جيله، حيث استند في مواضيعه إلى تحليل الواقع، والحديث عما آلت إليه الأمور في العالم العربي.

كما غنى الجندوبي، وفق الدريدي، “عن حال تونس والفساد الذي يسودها، ومشاكل الشباب والهجرة غير الشرعية، والبطالة”.

وأضاف أن “فنان الراب حمادة بن عمر، الملقب بالجنرال، استطاع أن يكون ضمن قائمة أقوى 100 شخصية في العالم، في استفتاء لمجلة لتايم وقناة سي إن إن (الأميركتين) عام 2011، بفضل أغنيته رئيس البلاد، التي لاقت نجاحا كبيرا، واقترن بروزها مع الحراك الاجتماعي أواخر 2010، الذي انطلق من مهد الثورة في مدينة سيدي بوزيد (تونس)”.

وأشار إلى أنه “جرى اعتقال الجنرال، يوم 6 جانفي 2011، على خلفية أغانيه اللاذعة، التي غنى فيها عن حقيقة سوء الأوضاع الاجتماعية والديمقراطية في تونس، واختار نمط الراب السياسي أو الراب الواعي لإيمانه بقدرة الفن على تغيير الواقع”.

فن رجالي

وضمن اهتمامه بفن “الراب”، أنجز الباحث التونسي في الموسيقى استطلاعا ميدانيا في إقليم الوسط الشرقي لتونس (سوسة، المنستير، المهدية وصفاقس).

من بين نتائج هذا الاستطلاع، وفق الريدي، أن “أكثر من 61% من المستجوبين يستمعون إلى أغاني الراب، ويحتل الذكور النسبة الأعلى في الاستماع، بما يعني أن غناء الراب فن رجالي بامتياز”.

وأضاف أن “نسبة إقبال التونسيين على الراب غير التونسي هي تقريبا ضعف نسبة إقبالهم على الراب التونسي (21% مقابل 40%)”.

وأرجع هذه النتيجة، بحسب الاستطلاع، إلى “إفراط مغنيي الراب التونسيين في استعمال الكلام الفاحش والصور الشعرية الخادشة للحياء، التي لا تقبلها منظومة المجتمع التونسي التقليدي”.

وفسر الدريدي ذلك بأن هذه هي “اللغة المتداولة في صفوف الشباب، وتعبيراتهم الغنائية تأتي حسب المنطوق بينهم، وتغيير الكلام من عدمه هو رهين بالمكان والمناسبة والجمهور الحاضر”.

 

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة