Accueilالاولىتعرض اليوم خراجها «الهيئة» فوّتت في الحقيقة و في الكرامة

تعرض اليوم خراجها «الهيئة» فوّتت في الحقيقة و في الكرامة

تعقد هيئة الحقيقة والكرامة  اليوم وغدا المؤتمر الختامي لنشاطها والذي ستقدم خلاله تقريرها الختامي الذي يتضمن تفاصيل نشاطها خلال فترة عملها.

وفي الوقت الذي علق فيه الشعب التونسي أمالا كبيرة على هيئة الحقيقة والكرامة، عند تركيزها، باعتبارها احد مسارات العدالة الانتقالية المنصوص عليها بالدستور الجديد من اجل كشف الحقيقة ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الانسان في اتجاه ارساء ضمانات عدم تكرارها مرورا بوضع برنامج جبر ضرر ضحايا الانتهاكات، تنهي اليوم الهيئة نشاطها في ظل التشكيك في مصداقيتها ومصداقية رئيستها، وفي ظل اتهامها بضرب المسار بطريقة ممنهجة وضرب انتظارات ضحايا الانتهاكات على معنى الفصل 3 من القانون الاساسي المتعلق بارساء العدالة الانتقالية وتنظيمها.

وعلى امتداد عملها، كانت الهيئة مصدرا للتفريق بين التونسيين والتحريض لفئات ضد فئات اخرى من الشعب التونسي في حين ان مسار العدالة الانتقالية جاء لانصاف كل التونسيين باعتبار ان كل الشعب التونسي كان ضحية انتهاكات حقوق الانسان بمختلف اشكاله (الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية). فقد وفر الدستور الجديد آلية للشعب التونسي لتصحيح الخيارات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتوفير شروط الانتقال من حالة الاستبداد الى نظام ديمقراطي يساهم في تكريس منظومة حقوق الانسان.

لقد تركت هيئة الحقيقة والكرامة فراغا اعلاميا رهيبا في الساحة التونسية غذى الشكوك في نبل مسار العدالة الانتقالية واهدافة الرامية الى تفكيك منظومة الفساد، حولته الهيئة الى سهام لزرع الفتنة وضرب الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.

آخر هذه السهام كان القرار الاطاري العام المتعلق بضبط معايير جبر الضرر ورد الاعتبار الذي كشف مرة أخرى ضعف أداء الهيئة وعدم قدرتها على تجسيد انتظارات ضحايا انتهاكات حقوق الانسان في برنامج جبر الضرر الشامل، بل ان الصيغة التي صدر فيها القرار الاطاري كشفت عن عدم تمكن الهيئة من مفاهيم العدالة الانتقالية وخصوصيتها مقارنة بالعدالة الانتقالية وهو ما غذى حملات التشويه التي ظهرت في المدة الاخيرة بخصوص صندوق الكرامة ورد الاعتبار والخلط الذي سقطت فيه عديد الاحزاب والجهات في لحظة تاريخية خطيرة تمر بها بلادنا المهددة بالافلاس وبانهيار كل الآمال المتعلقة بمؤسسات الجمهورية الثانية. وعوض ان تكون سفينة نجاة تحولت الهيئة الى قائم بانتهاك تطلعات الشعب التونسي ككل وليس ضحايا الاستبداد باعتبار ان قانون العدالة الانتقالية يشمل كل اشكال الانتهاكات ولا يتوقف عند انتهاكات الحقوق المدنية والسياسية بل يشمل ايضا الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وهي انتهاكات مارستها الانظمة السياسية السابقة من خلال منوال تنمية غير عادل يقوم على اعطاء الاولوية للاسواق الخارجية على خلفية الانفتاح والاندماج في الاقتصاد العالمي وضرب اولويات السوق المحلية كما هو الشأن اليوم مع حكومة الشاهد التي أقرت قانونا للاستثمار يقوم على الحرية وعلى المعاملة الوطنية للاستثمار الاجنبي المباشر بما يفتح له المجال لتعاطي كل الانشطة دون ترخيص ودون قيود.

وفي انتهاك صارخ لسيادتنا الوطنية، وقعت تونس على اتفاقية السماوات المفتوحة وفي ذلك انتهاك لحقوق جميع العاملين بالناقلة الجوية الوطنية الذين ضحوا من اجل سيادتنا الجوية التي انتهكت اليوم حيث لا يوجد اليوم ما يحمي اجواءنا من ناقلات جوية نرفض التطبيع مع بلدانها.

لقد فوتت هيئة الحقيقة والكرامة، وهي اليوم تعرض تقريرها الختامي على الشعب التونسي، فرصة تاريخية على بلادنا للتمكن من الآليات والوسائل التي اعتمدت لانتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والحقوق المدنية والسياسية وفهمها ليتم تجنبها عند صياغة مشاريع القوانين بما يساهم في الحد من الفساد والاستبداد.

لقد اختارت الهيئة الهرولة الى الامام دون مراعاة مطالب وانتظارات الضحايا على معنى الفصل 10 من القانون الاساسي المتعلق بارساء العدالة الانتقالية وتنظيمها، مخلفة وراءها احقادا جديدة ستعطل مسار الانتقال الديمقراطي، بل ستعمق دكتاتورية القوانين واستبداد المؤسسات على غرار مؤسسة مجلس نواب الشعب التي تحولت الى آلية لتمرير مشاريع قوانين تركيع الشعب التونسي وتجويعه وتجهيله.

لقد ساهمت الاحزاب الحاكمة في حرمان الشعب التونسي الذي أطاح بنظام دكتاتوري، من شروط استرجاع سيادته الكاملة على قراراته ومقدراته وخيراته وثرواته الطبيعية متجاهلة صيرورة التاريخ وقوانينه.

بقلم: جنات بن عبد الله

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة