Accueilالاولىحفتر يراوح مكانها على مشارف طرابلس

حفتر يراوح مكانها على مشارف طرابلس

قبل نحو ستة أشهر، أطلق رجل ليبيا القوي خليفة حفتر عملية مفاجئة للسيطرة على العاصمة طرابلس الخاضعة لسيطرة “حكومة الوفاق الوطني” المنافسة، وبفضل تحركاته النشطة، حققت قواته مكاسب سريعة في فترة وجيزة.

وفي غضون أسابيع، تمكنت قوات حكومة الوفاق من إجبار قوات حفتر على التراجع؛ وذلك بعدما استعانت بالمسلحين الموالين لها من خارج طرابلس. وهكذا لازالت المعركة تراوح مكانها منذ أشهر.

وعلى وقع المعارك، يواصل المبعوث الأممي غسان سلامة جهوده ويشدد على الحاجة إلى حل سياسي في ليبيا بدعم من اللاعبين الدوليين، وعلى رأسهم إيطاليا وفرنسا وألمانيا.

وكما هو معروف فإن ليبيا، البلد الغني بالنفط والغاز، تعاني من حالة من الفوضى منذ الإطاحة، بدعم من حلف شمال الأطلسي (ناتو) عام 2011، بزعيم ليبيا السابق معمر القذافي الذي حكم البلاد لأربعة عقود.

وتؤمن الدول الأوروبية بأنه من المهم تحقيق الاستقرار في ليبيا، حتى لا تظل مرتعا للتطرف الإسلامي ومنطلَقا للهجرة غير الشرعية باتجاه بلدان أوروبا.

وعقدت الدول المعنية بالأزمة الليبية اجتماعا على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الخميس الماضي، تمهيدا لعقد مؤتمر حول ليبيا في وقت لاحق من العام الجاري في ألمانيا، دون أن يتم تحديد موعد محدد له بعد.

وقبل اللقاء الذي عُقد في نيويورك، أصدر حفتر بيانا قال فيه: “في نهاية المطاف، لا بد من الحوار والجلوس، ولا بد من العملية السياسية أن تكون لها مكانتها، ولا بد من الحوار الوطني الشامل الذي يحافظ على الوحدة الوطنية للتراب الليبي”..وكان البيان بمثابة تبدلٍ في موقفه من دعوات الأمم المتحدة للجانبين إلى إجراء محادثات.

وجاء بيان حفتر بعد تصريحات لفايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، المدعومة من الأمم المتحدة، أمام الجمعية العامة، والتي قال فيها إنه لن يتفاوض مع “مجرم حرب” مثل حفتر.

وفي كلمته أمام قادة دول العالم في نيويورك، ندد السراج بقيام دول بتقديم دعم مالي وعسكري لحفتر، ولكنه شدد في الوقت نفسه على أنه لا يمكن حل الأزمة في ليبيا عسكريا.

وتواجه تركيا اتهامات بدعم حكومة طرابلس، بينما تواجه الإمارات اتهامات بدعم حفتر؛ وذلك رغم أن ليبيا بالأكمل تخضع لحظر توريد أسلحة تفرضه الأمم المتحدة.

وترى كلوديا جازيني، المحللة البارزة المتخصصة في الشأن الليبي بـ”مجموعة الأزمات الدولية”، ومقرها بروكسل، أن طرفي الصراع في ليبيا ليسا منفتحين على الحوار، وقالت لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): “لا توجد رغبة في الوقت الحالي لدى السلطات المتنافسة للانخراط في مفاوضات، دون أدنى مؤشر بشأن صيغتها، كما أنه، ومرة أخرى، يشعر كل من الجانبين بأنه في وضع المنتصر، وبالتالي يجد نفسه ليس مضطرا للسعي إلى حل يتراضى عليه الطرفان”.

وأكد إدريس أبو فايد، عضو “المجلس الأعلى للدولة”، وهو هيئة استشارية مقرها طرابلس، موقف السراج بشأن المفاوضات.

وتجدر الإشارة إلى أن المجلس يعارض الدخول في أي محادثات مع حفتر “حتى لو كانت بطريقة غير مباشرة”.

وقال أبو فايد: “لن نتفاوض مع المعتدين … لكننا مستعدون للحوار مع النخبة السياسية، ومع كل شخص يدعو إلى إقامة دولة مدنية”.

وأوضح حافظ الغويل، عضو معهد السياسات الخارجية بجامعة جون هوبكنز بالولايات المتحدة، والمؤيد لحكومة الوفاق، أن أبو فايد كان يقصد المحادثات بين حكومة الوفاق ومجلس النواب بقيادة عقيلة صالح والمتحالف مع حفتر.

ويقول الغويل: “أعتقد أنه من المستحيل الآن فرض حفتر كطرف في أي حل سياسي، وبالتالي فإن الحل المناسب والمنطقي هو عقد لقاءات بين مؤسسات معترف بها دوليا”.

إلا أن هذه الفكرة لا يمكن مجرد تخيلها من جانب الموالين لحفتر، مثل الصحافي عيسى عبد القيوم، الذي يرى أن الحل السياسي سيكون وفقا لـ”القواعد الجديدة” التي يفرضها ما وصفه بتراجع نفوذ الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق منذ بدء عملية طرابلس، إلى جانب سيطرة حفتر على مناطق واسعة في جميع أنحاء ليبيا.

وقال عبد القيوم: “حفتر يسيطر على 75% من مساحة البلاد.. إنه يسيطر على غالبية مساحات الأراضي وحقول النفط والموانئ، إلى جانب السيطرة على المجال الجوي الليبي وتسع قواعد عسكرية”.

وبدأ ما يسمى “الجيش الوطني الليبي”، بقيادة حفتر، عمليته للسيطرة على طرابلس في الرابع من أبريل، بعد أقل من شهرين من إعلان سيطرته على مناطق جنوب البلاد.

وتتواجد قوات تابعة لحفتر حاليا في بعض الضواحي الجنوبية لطرابلس، بما في ذلك عين زارة وقصر بن غشير، كما تتطلع للسيطرة على ثلاث مناطق تُعتبر مؤيدة لحفتر، وهي العزيزية جنوب غرب طرابلس، ومدينتي صبراته وصرمان غرب طرابلس، الواقعتين على البحر المتوسط.

وقبل المؤتمر المقرر في ألمانيا، تصر حكومة الوفاق على ألا تكون دولة الإمارات جزءا من أي جهد سياسي لحل الأزمة.

ويشدد الغويل على ضرورة أن يقتصر أي اجتماع على الدول الأوروبية – خاصة إيطاليا وفرنسا وألمانيا – بالإضافة إلى الولايات المتحدة وروسيا ودول الجوار الليبي.

وكان وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو قال مؤخرا إنه يتعين أن تكون الولايات المتحدة وروسيا جزءا من المحادثات، وقال في نيويورك: “نحتاج إلى محادثات موسعة جدا بشأن ليبيا”.

وبالنسبة لجازيني فإنه ليس فقط غياب اللاعبين الرئيسيين في ليبيا هو الذي من شأنه أن يؤدي إلى تقويض نجاح أي محادثات، وإنما أيضا حقيقة أن لكل جانب وجهة نظر معاكسة للتطورات على الأرض، وأوضحت: “عندما تكون وجهات النظر بشأن تطور الحرب على الأرض بمثل هذا التباين، فإنه من الصعب للغاية دفع أي مفاوضات قدما”.

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة