Accueilالاولى10 مخاطر في انتظار عالم ما بعد كورونا

10 مخاطر في انتظار عالم ما بعد كورونا

هذا العام شهد أحداثًا مفصلية مثَّلت نقطة تحول تاريخي في مسيرة العولمة، بدءًا من تراجع القيادة الأمريكية، وتنامي ظاهرة الشعبوية في ديمقراطيات العالم، إضافة إلى صعود نموذج اقتصادي وسياسي وتكنولوجي صيني بديل، وتراجع روسي”.

وأضافت المقالة، المعنونة بـ”المخاطر العشرة الأكثر تأثيرا في عالم ما بعد كورونا”، أن ذلك “دفع النظام الدولي لمواجهة الأزمة العالمية الأولى في الركود الجيو-سياسي”، وزادت: “لقد وجَّه تفشي فيروس كورونا المستجد ضربة قوية للتدفق العالمي للبشر والسلع والخدمات، ما جعل العولمة تحت الحصار، كما أجبر الوباء جميع الدول على التوجه نحو الداخل، ما أدى إلى تسريع عملية الركود الجيو-سياسي واضمحلال العولمة”.

وفي ضوء ذلك، قدَّمت الجمعية الأوروبية الآسيوية “مجموعة أوراسيا” (Eurasia group) في أول العام الجاري تقريرًا تناول المخاطر العشرة الأكثر تأثيرًا في التفاعلات الدولية، ثم قامت بتحديثه في شهر مارس الماضي أخذًا في الاعتبار انتشار جائحة كورونا وتداعياتها على العالم بأسره، وفق المصدر عينه.

تبعا لذلك، أوضح إسراء إسماعيل، وهو خبير في الشؤون السياسية والأمنية، أن “التقرير صنَّف المخاطر-وفقًا لدرجة خطورتها-إلى مخاطر منخفضة الخطورة بشكل كبير، ومخاطر منخفضة الخطورة، ومخاطر ثابتة، ومخاطر مرتفعة، ومخاطر ترتفع خطورتها بشكل كبير”. وفيما يلي عرض لهذه المخاطر:

أولًا .. الانتخابات الرئاسية الأمريكية:

تُعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، المقرر عقدها في نوفمبر المقبل، بمثابة اختبار غير مسبوق للمؤسسات الأمريكية، ولذلك جاءت ضمن فئة المخاطر المرتفعة، ويرجح كثيرون أنها ستؤدي إلى نتيجة غير شرعية.

وإذا فاز الرئيس دونالد ترامب وسط اتهامات بالمخالفات، فستكون النتائج موضع خلاف، وفي حالة خسارته، لا سيما إذا كانت نتائج التصويت متقاربة، فستكون النتائج أيضًا خلافية. وفي كلتا الحالتين ستشهد البلاد شهورًا من الدعاوى القضائية وفراغًا سياسيًّا.

ويشير التقرير إلى أنه مع استمرار نهج الإدارة الأمريكية الحالي في التعاطي مع أزمة كورونا، ستستمر الانتقادات، وسوف يميل “ترامب” إلى إثارة الشكوك حول نزاهة الانتخابات، وذلك فضلًا عن احتمال إطلاق شائعات صحية حول المرشح الديمقراطي “جون بايدن”.

وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، سوف يتسبب الفيروس في تحوُّل الولايات المتحدة إلى الداخل، وزيادة عزلتها عن العالم، وتراجعها عن مركز القيادة العالمي.

ثانيًا .. فصل سلاسل التوريد:

تسبب فصل سلاسل توريد التكنولوجيا بين الولايات المتحدة والصين في تعطيل التدفقات الثنائية للتكنولوجيا والاستثمار، لذلك جاء ضمن فئة المخاطر التي ترتفع خطورتها بشكل كبير.

ويرجح التقرير امتداد الفصل ليشمل قطاعات اقتصادية أخرى، ولن يؤثر هذا التوجه بالسلب على قطاع التكنولوجيا العالمي الذي يبلغ 5 تريليونات دولار فقط، لكنه سيؤثر أيضًا على الصناعات الأخرى، وهو ما قد يتسبب في خلق فجوة تجارية واقتصادية وثقافية عميقة تهدد باتساع ما أطلق عليه التقرير “جدار برلين الافتراضي” بين الطرفين.

وقد سرّع انتشار الوباء من الفصل ليشمل قطاعي التصنيع والخدمات، مما أجبر العديد من الشركات على تبديل سلاسل التوريد، وإغلاق المرافق، ونقل الموظفين إلى قطاعات عمل مختلفة.

ويرجح التقرير أن تواجه الشركات خيارات صعبة حول نقل سلاسل التوريد بشكل دائم من الصين خوفًا من خطر الإفراط في تركيز الإنتاج هناك، مما سيرسخ من اتجاهات الفصل بين أكبر اقتصادين في العالم، وسيضع مزيدًا من التحديات أمام الدول لموازنة العلاقات مع كلا الجانبين.

ثالثًا .. العلاقات الأمريكية الصينية:

سيتسبب الفصل في سلاسل التوريد بين الولايات المتحدة والصين في تفاقم التوترات بين البلدين، ولذلك جاءت أيضًا ضمن فئة المخاطر التي ترتفع خطورتها بشكل كبير؛ حيث يرجح التقرير أن يصبح الصراع أكثر وضوحًا حول قضايا تتعلق بالأمن القومي، والتأثير والنفوذ العالمي، وسيستمر الجانبان في استخدام الأدوات الاقتصادية في الصراع كالعقوبات، وضوابط التصدير، والمقاطعة، كما قد تزداد المواجهة حول هونج كونج وتايوان والإيغور وبحر الصين الجنوبي.

وتنظر واشنطن وبكين إلى تفشي وباء كورونا باعتباره الجولة التالية في سباق تنافسهما الجيو-سياسي، حيث يُلقي المسؤولون الأمريكيون باللوم على بكين في التسبب فيما وصفوه بـ”الفيروس الصيني”، ويخشون من استخدام الدول لأموال الطوارئ التي يقدمها لهم صندوق النقد الدولي في سداد ديونهم للصين بموجب مبادرة “الحزام والطريق”. وفي المقابل، ستوظف بكين نجاحها في احتواء الفيروس في الترويج لنموذج الحوكمة الصيني.

رابعًا .. الشركات متعددة الجنسيات:

ستواجه الشركات متعددة الجنسيات ضغوطًا جديدة من المسؤولين السياسيين؛ حيث يعمل السياسيون على إدارة أزمات: تباطؤ النمو العالمي، واتساع فجوة عدم المساواة، وتصاعد التهديدات الشعبوية، والتحديات الأمنية الناتجة عن استخدام التقنيات الحديثة، وقد يكون ذلك على حساب الشركات متعددة الجنسيات، إضافة إلى احتمال زيادة الضرائب المفروضة عليها، وفرض لوائح وإجراءات صحية، مما سيتسبب في زيادة تكاليف العمل، إضافةً إلى اضطرارها لتقصير سلاسل التوريد، وإدارة قوة عمل افتراضية.

لكن من ناحية أخرى، مع انشغال الحكومات بالأزمات الصحية، ستُتاح الفرصة للعديد من هذه الشركات لمساندة الحكومات المتعثرة، سواء من خلال مساعدة المسؤولين في إجراء اختبارات فيروس كورونا، أو من خلال تطوير آليات العمل عن بعد، ولذلك جاءت ضمن فئة المخاطر الثابتة.

خامسًا .. استمرار التوترات في الهند:

جاءت ضمن فئة المخاطر المرتفعة؛ حيث ألغى رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، وحكومته الوضع الخاص لجامو وكشمير، وأقر تعديلًا لقانون “المواطنة” تسبب في تجريد 1.9 مليون شخص من جنسيتهم، كما أقر قانونًا للهجرة ربط مسألة الحصول على الجنسية بالهوية الدينية للمهاجرين.

وعلى الرغم من انتشار الاحتجاجات بمختلف أنواعها في جميع أنحاء الهند، يرجح التقرير عدم تراجع “مودي” عن سياساته، وقد يؤدي رد الفعل الحكومي القاسي إلى مزيدٍ من المظاهرات، مما قد يشجع قادة المعارضة على تحدي الحكومة المركزية، ويترك للحكومة مجالًا أقل للمناورة حول الإصلاحات الاقتصادية.

سادسًا .. أوروبا أكثر استقلالًا:

جاءت ضمن فئة المخاطر الثابتة، حيث يرجح التقرير استمرار الاتحاد الأوروبي في السعي للدفاع عن استقلاليته في مواجهة الكتل الاقتصادية والسياسية المتنافسة. وفيما يتعلق بعامل التنظيم، سيواصل الاتحاد محاربة عمالقة التكنولوجيا في أمريكا الشمالية، وسيصبح أكثر حزمًا في تطبيق القواعد والتعريفات الخاصة بالتجارة. وفيما يخص الأمن، سيحاول المسؤولون كسر الحواجز عبر الحدود أمام التجارة العسكرية وتطوير التكنولوجيا، وستؤدي هذه الممارسات إلى مزيدٍ من الاحتكاك مع كل من الولايات المتحدة والصين.

وفيما يتعلق بأزمة كورونا، فقد تأخرت الحكومات الأوروبية-منفردة-في الاستجابة لها، وقد يدفع ذلك الاتحاد الأوروبي ليصبح أكثر تماسكًا، كما أن قيود السفر إلى أوروبا التي فرضها ترامب ستشجع الاتجاه نحو اتباع سياسة جيو-سياسية أكثر استقلالية، مما قد يتسبب في زيادة التوترات عبر الأطلسي، ولكن بالنظر إلى احتمالات الركود الاقتصادي خلال الأشهر القادمة، فإن الوباء سيخفِّف من حدة تلك السياسة العدائية، خاصة الموقف الأوروبي تجاه بكين.

سابعًا .. الصِّدام حول التغيرات المناخية:

أكد التقرير أن ظهور فيروس كورونا المستجد تسبب في تحويل الاهتمام والتركيز العالمي عن قضية التغيرات المناخية، حيث سيسعى المستثمرون والشركات إلى التعافي واستعادة النمو، وبالتالي ستستخدم الدول التدابير المالية المتاحة للتخفيف من تداعيات الفيروس، وهو ما سيحد من الموارد الموجهة للتحول نحو “الاقتصاد الأخضر”. علاوة على ذلك، فإن انهيار أسعار النفط سيُضعف القدرة التنافسية لمصادر الطاقة البديلة النظيفة.

ويرجح التقرير تضاؤل الاحتجاجات البيئية على نطاق واسع بسبب “التباعد الاجتماعي”، ولجوء الفاعلين في المجتمع المدني إلى الإنترنت للضغط على الشركات والحكومات، التي سيكون معظمها أقل قدرة على الاستجابة، ومن ثمَّ سيتضاءل الخطر المباشر لحدوث صدام بين السياسة والاقتصاد حول قضية تغير المناخ بشكل كبير على المدى القصير، رغم استمرار خطورتها، وبالتالي فقد جاءت ضمن فئة المخاطر منخفضة الخطورة بشكل كبير.

ثامنًا .. استمرار التوتر الشيعي:

تسببت السياسة الأمريكية غير المدروسة تجاه الدول الرئيسية التي يقودها الشيعة في الشرق الأوسط (وهي: إيران، والعراق، وسوريا) في العديد من المخاطر على الاستقرار الإقليمي، من أبرزها: الصراع مع إيران، وعدم استقرار أسعار النفط، وتحالف سوريا مع روسيا وإيران.

وعلى الرغم من إعلان “ترامب” وقادة إيران عدم الرغبة في الحرب، لكن من المحتمل استمرار المناوشات بينهما في العراق، لذلك جاء تصاعد الشيعة ضمن فئة المخاطر الثابتة.

تاسعًا .. زيادة السخط الشعبي في أمريكا اللاتينية:

جاءت ضمن فئة المخاطر التي ترتفع خطورتها بشكل كبير؛ حيث تعاني مجتمعات أمريكا اللاتينية من تباطؤ النمو والفساد وانخفاض جودة الخدمات العامة، وبالتالي يرتفع خطر عدم الاستقرار السياسي، ويأتي ذلك في الوقت الذي تتوقع فيه الطبقات الوسطى تخصيص مزيدٍ من الإنفاق الحكومي على الخدمات الاجتماعية، مما يقلل من قدرة الحكومات على اتخاذ تدابير التقشف التي يتوقعها المستثمرون الأجانب وصندوق النقد الدولي.

وتُعد أمريكا اللاتينية واحدة من أقل مناطق العالم استعدادًا للتعامل مع فيروس كورونا، وسيتسبب انتشاره في زيادة السخط الشعبي، ومن المرجح تدهور الموازين المالية، وانخفاض العملات، وانهيار الخدمات العامة، وتراجع تدفقات الاستثمار. كما تواجه الدول المنتِجة للنفط (مثل: البرازيل، وكولومبيا، والإكوادور، والمكسيك) تحدي الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في ظل انهيار أسعار النفط، وتزداد التوقعات سوءًا خاصة بالنسبة للإكوادور والأرجنتين. وفي البرازيل يرجح التقرير استمرار الإصلاحات وإن كانت بوتيرة أقل انتظامًا، بينما في المكسيك سيتسبب ضعف أداء الحكومة في تفاقم الأزمة.

عاشرًا .. تركيا:

جاءت ضمن فئة المخاطر المرتفعة، حيث يشهد نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حالة من التدهور السياسي الحاد بسبب سلوكه الاستفزازي ردًّا على التهديدات. ويرجح التقرير تراجع العلاقات مع الولايات المتحدة إلى مستويات متدنية، حيث من المتوقَّع أن تدخل العقوبات الأمريكية حيِّز التنفيذ خلال النصف الأول من هذا العام، مما يقوِّض سمعة البلاد ومناخ الاستثمار، ويضع المزيد من الضغط على الليرة التركية، ومن المتوقع أن تتسبب ردود فعل “أردوغان” على هذه التحديات في مزيد من الإضرار بالاقتصاد التركي.

وفي ظل انتشار فيروس كورونا، أشار التقرير إلى أن ذلك قد يدفع أردوغان أكثر إلى اتخاذ قرارات غير صائبة؛ حيث من المرجح أن يتبنى سياسات اقتصادية غير تقليدية. ويؤكد التقرير تأثُّر قطاع السياحة بالإضافة إلى الإلكترونيات والأدوية وصادرات السيارات.

ويضيف أن انخفاض أسعار النفط قد يمنح البنك المركزي التركي مجالًا لخفض أسعار الفائدة، ويساعد في خفض التضخم، وإلحاق الضرر بخصوم تركيا، خاصة السعودية والإمارات، أكثر من تركيا وحليفتها قطر، لكنه يعرِّض السياسة النقدية للخطر في مواجهة التداعيات الاقتصادية لأزمة كورونا، وذلك إضافة إلى انشقاق المزيد من الحلفاء السابقين لحزب العدالة والتنمية الحاكم إلى أحزاب معارضة جديدة، وآخرهم نائب رئيس الوزراء السابق، علي باباجان، مما سيجعل أردوغان “زعيمًا جريحًا” لا يمكن التنبؤ بأفعاله.

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة