Accueilالاولىالفيلسوف الجزائري حميد زنار : الوباء عرى فقهاء الخرافات والتفكير الغيبي

الفيلسوف الجزائري حميد زنار : الوباء عرى فقهاء الخرافات والتفكير الغيبي

في رده على سؤال لموقع هسبريس المغربي حول كيف يمكن فهم المتخيل الشعبي الذي يستسلم في فهْم تمفصلات الكوارث الطبيعية والأوبئة؟يقول حميد زناز وهو باحث جزائري مهتمّ بقضايا الفلسفة والإسلام السياسي

يعود الأمر إلى غياب نخبة فكرية حقيقية جريئة تطالب بقطيعة نهائية وحاسمة مع الموروث الغيبي الإسلامي، ووجود نخبة سياسية تستغل هذا التراث الغيبي لتزييف وعي الناس من أجل التحكم فيهم، والبقاء في الحكم باسم هذا التراث والانتماء الوهمي إليه.

لقد عملت حكومات الاستقلال في شمال إفريقيا على استيراد هوية لا علاقة لها بهوية شمال إفريقيا سوى في صدامها معها واستعمارها. وباسم هذه الحضارة العربية الإسلامية تم تشويه الهويات المحلية واستبدالها بهوية مستوردة مرتكزة على تراث خرافي في غالبيته لا علاقة له مع العصر وإشكالياته، ما شجع التفكير الغيبي والاتكالية والإيمان بالمعجزات وغيرها، وشكل ذلك طبعا عائقا كبيرا أمام انتشار التفكير العلمي النقدي.

والأدهى من ذلك أن هذا الخراب يُدرس في المدارس الحكومية من الابتدائي إلى الجامعي، وتدعمه آلاف المساجد والزوايا وعشرات الجرائد والقنوات والدعاة والأحزاب الدينية الإسلامية. في حقيقة الأمر، لم تفعل سلطات الاستقلال ما يجب ليكون العلم سابقا على الدين، الجامعة على المسجد، المفكر على الإمام.

ومن الطبيعي أن تنتشر الخرافات والتفكير الغيبي والتفسير اللاعقلاني للمرض والكوارث الطبيعية. لن أتردد في القول إن هناك سياسة تجهيل ممنهجة تهدف إلى تأبيد الفكر الخرافي الديني في بلداننا بمباركة بعض أشباه المثقفين المتشبثين بهوية معتلة مستوردة. ومن البديهي جدا أن ضعف التعليم العلمي الجاد هو الذي جعل التفكير الغيبي يتغوّل.

وحول استغلال مجموعة من التيارات السلفية “أزمة كورونا” قصد تكريس النظرة الخرافية تجاه الوباء، مستندة في تبرير أقاويلها إلى الجانب التديّني الفولكلوري لدى شعوب المنطقة. بماذا يُمكن تفسير الردود المتوترة من لدن فقهاء الدين كلّما أُخْضِعت هذه المواضيع للنقاش العام؟

يقول زنار ” هذا الوباء عرّى هؤلاء الفقهاء وأظهر ترّهاتهم وضرب عرض الحائط بكل أكاذيبهم، حيث أظهر أن العلم وحده هو الذي يجب أن نعول عليه وما الدعاء سوى سلوك من مخلفات عصر ما قبل العلم لا يفيد في شيء. في نهاية المطاف، اعتمد المصابون على المراكز الاستشفائية وآلات التنفس الاصطناعي، وليس على خزعبلات الفقهاء.

يبدو أن السلفية قد ضربها هذا الفيروس في مقتل، فضح ألاعيبها كما فضح دعاة الإعجاز العلمي. يكفي متابعة ما يحكى عنهم من نكت على مواقع التواصل الاجتماعي لنعرف أن قطاعات لا بأس بها من الشباب في بلداننا قد انتبهت إلى خداعهم المتواصل منذ عشريات.

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة