Accueilالاولىالنظام السياسي في تونس : التغيير المستحيل

النظام السياسي في تونس : التغيير المستحيل

أخذ الجدل حول تغيير النظام السياسي نسقا تصاعديا في تونس خلال الساعات القليلة الماضية رغم ان هذه الدعوة ليست جديدة وكان الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي اول من اشتكى من النظام السياسي الحالي الذي انبنى على نظرية ” لا أحكم ولا تحكم ” ولكن الجديد اليوم هو دخول الاتحاد العام التونسي للشغل على الخط الذي أكد يوم أمس ” أنّ تونس تمرّ بأزمة سياسيّة بإمتياز وأزمة أخلاقيات معتبرا أنّ الوضع السياسي له انعكاس على الوضع الإقتصادي الذي له تداعيات على الوضع الإجتماعي.”

وخلال استضافته أمس الاثنين 18 ماي 2020،في برنامج  ”البلاد اليوم” على الإذاعة الوطنيّة، أشار الطبوبي أنّ اليوم هناك صراع سياسي من أجل السلطة موضّحا أنّ  لكلّ من رئيس الحكومة ورئيس البرلمان ورئيس الجمهوريّة، صلاحيات ومشمولات. 

”الشعب التونسي أمضى 10 سنوات هباء من عمره” مشيرا أنّ ”الجمهوريّة الثانية” أيّ تونس بعد الثورة لم تُحقّق شيئا من انتظارات الشعب، ونظرا لأنّ البلاد تمرّ بأزمة سياسية، لا بدّ من إجراء استفتاء شعبي لتقييم النظام السياسي إن كان صالحا أم لا، وفق تصريحه.

ولئن عبرت النائبة عن كتلة قلب تونس ليليا بالليل عن مساندتها لدعوة  نور الدين الطبوبي حسب ما اعلنت عنه في تدوينة علي صفحتها الخاصة بالفايسبوك الا ان هذه الدعوة وجدت من ينتقدها بشدة وبعبارات مختلفة تقول ليليا بالليل “كنائب شعب، أعلن مساندتي التامة لدعوة الاتحاد العام التونسي للشغل في شخص أمينه العام نور الدين الطبوبي القيام باستفتاء شعبي لتغيير نظام الحكم.

فهذا النظام الهجين، البرلماني المعدل، ساهم في تشتيت مجهود السلطة التنفيذية بالبلاد، كما غذى المعارك والتجاذب بين رؤوس السلطة التنفيذية، و عطل أولويات البلاد في أفق الانطلاق في سن الإصلاحات الكبرى، وفتح ورشات التنمية وإنقاذ الاقتصاد الوطني.

ولأن الديمقراطية الحقة، هي خيار الشعب وقراره، فإن تنظيم استفتاء بخصوص تغيير نظام الحكم من عدمه، سيكرس حكم الشعب وقراره.

رئيس حزب مشروع تونس المشارك في كتلة الاصلاح الوطني محسن مروةق وفي نفس اليوم الذي تحدث فيه الطبوبي أعلن أنّه يتبرأ من الائتلاف الحكومي وسياسياته نافيا أن يكون مشاركا في الحكومة عبر دعم كتلة الاصلاح الوطني. مروةق فسر أن الكتلة فيها  عدة أحزاب ولهم مواقف مختلفة من الحكومة فبينما يشارك فيها البديل ونداء تونس الا أنّ مشروع تونس وافاق يرفضان هذه الحكومة معلقا “تتواصل الأخطاءن ان هذا النظام السياسي هو جثة هامدة متعفنة.”

وتابع مرزوق أنّ أغلب النواب في البرلمان هو مقاولون سياسيون يبيعون ولائتهم للأطراف السياسية.

“أدعو رسميا الى أن تونس لا مستقبل لها ولا يمكنها النجاة الا عبر جمهورية ثالثة لان هذا النظام يأخذنا الى الهاوية. هذا النظام يكبل البلاد وشعبها واقتصادها. رئيس الجمهورية بدوره اقترح هذا الموضوع. وستبقى تونس في هذا الوضع. كل محاولاتنا للاصلاح فشلت. هذه الحكومة الأخيرة هي التعبيرة على التعفن والفوضى. التيار يحكم مع يوسف الشاهد وحركة الشعب تحكم مع النهضة.”

وأكد محسن مرزوق وجود تشظي بين السلط مبينا أن كلا من رئيس الحكومة والجمهورية والبرلمان أنشأ اقطاعية وحده. وتابع أنه من المستحيل حلّ أي مشكل من مشاكل الشعب عبر المحافظة على هذا النظام.

“الحكومات تكذب على الشعب، لم يتحسن أي مؤشر. الجمهورية الثالثة هي الحل. أنا أرفض، الدعوات الى العنف وأختلف مع رئيس الجمهورية لكنني اتقف معه عبر فتح هذا الموضوع حول ضورة تعديل النظام السياسي.”

وشدد مرزوق على أنّ رئيس الجمهورية يجب أن يبعث اطارا يقدم فيه أفكاره واليات تطبيقها معتبرا أن الدعوة لتغيير النظام ليست خروجا عن المشروعية لأننا في نظام ديمقراطي ولنا حرية التفكير والتعبير  في سياق الديمقراطية اي أن لا نعود الى الاستبداد بل أن نذهب الى جمهورية ثالثة

نواب الشعب ليسوا فوق القانون، وحل البرلمان قد يكون أحد الحلول الممكنة للانكباب على إعادة البلاد إلى طريق الإصلاح والنمو وتسليط الإمكانات لوضع حلول اجتماعية للفئات الهشة، ومن تجاوز القانون نائب شعب كان أو أيا كان من المواطنين فيجب أن يتحمل مسؤوليته الكاملة”. 

لكن مقابل وعلى النقيض تماما إعتبر الأمين العام للحزب الجمهوري في تدوينة على حسابه بموقع فايسبوك، أن السياسيين الساخطين على صناديق الإقتراع سيظلوا يصرون على المطالبة بتغيير النظام السياسي و القانون الانتخابي إعتقادا منهم ان ذلك وحده كفيل بتغيير موازين القوى و إرجاعهم لتصدّر المشهد في حين ان الطريق الأنجع في رأيي هو القبول بقواعد و قوانين اللعبة الديمقراطية و التهيؤ للمنافسات القادمة بدل محاولة هدم البيت على ساكنيه.

وتابع الشابي “نقاش النظام السياسي يجب ان يتم على نار هادئة و بعيدا عن مناخات الدعوة للانقلاب على الشرعية، و عليه ان يبقى في إطاره الدستوري و ألاّ يتحول الى محاولة جديدة للهروب الى الأمام و إدارة الظهر للاستحقاقات الوطنية العاجلة”. 

وحسب خبراء القانون الدستوري فانه من الناحية التقنية لا يمكن حاليا، إذ لا يمكن تعديله إلا بموافقة المحكمة الدستورية التي لم تنشأ بعد”.

وفي تعليقها على الدعوات لتغيير نظام الحكم في تونس قالت منى كريم الدريدي أستاذة القانون أنه لا يوجد  فصل في الدستور متعلق بالنظام السياسي ولا يعرف النظام السياسي التونسي وبالتالي تغيير النظام السياسي ليس مرتبطا بتغيير فصل في الدستور.

تضيف كريم ” النظام السياسي هو نتاج لعدة عوامل أهمها الصلاحيات الممنوحة لكل سلطة وهنا بالطبيعة أتحدث على السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، طبيعة العلاقات بين السلطتين وداخل السلط نفسها، طبيعة النظام الإنتخابي…
ولهذا عندما نتعلم على تغيير النظام السياسي يجب أن نعرف ماهو الهدف الذي نسعى للوصول اليه وما هي الممارسات والعوائق التي نخشى من تكرارها . وعلى أساسها نقوم بمراجعة الصلاحيات والعلاقات وطريقة الإقتراع الخ…

أما اللجوء للاستفتاء تقول كريم فهو مشروط بمصادقة مجلس نواب الشعب على مشروع القانون الذي سيتم عرضه على الاستفتاء. فهو وسيلة تعوض حق الرد الذي يمارسه رئيس الجمهورية

وهكذا فانه في ضوء عدم توازن القوى بين دعاة الاستفتاء وتغيير النظام السياسي وهم اقلية وامام المتمسكين بالوضع الحالي وهم الأكثير فانه يصبح من المستحيل تحقيق تغيير النظام السياسي .

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة