قال تقرير لموقع “واست فرانس ” لقد تجاوزت تونس عتبة 10 ملايين زائر في عام 2024، مما يعزز مكانتها كواحدة من أبرز الوجهات السياحية في منطقة البحر الأبيض المتوسط. فبفضل شواطئها الخلابة، ومنتجعاتها الحديثة، ومناخها المشمس طوال العام، وأسعارها المناسبة، وثرائها الثقافي والتاريخي، تجتذب تونس ملايين السياح سنويًا. ومع ذلك، ورغم هذا الزخم السياحي، تبقى منطقة الكاف خارج دائرة الضوء.
منطقة على الهامش لكنها مليئة بالإمكانات
تقع مدينة الكاف في الشمال الغربي للبلاد، على بعد 175 كيلومترًا من العاصمة تونس، وبالقرب من الحدود الجزائرية. وهي أعلى مدينة في تونس، حيث ترتفع لحوالي 800 متر فوق سطح البحر. ورغم ما تزخر به من ثروات طبيعية وتاريخية، لا تزال الكاف غائبة عن المسارات السياحية التقليدية. لكن هذا الوضع قد يتغير قريبًا.
فقد أعلنت السلطات التونسية عن مشروع طموح لتنمية السياحة في الكاف على مساحة تُقدَّر بثلاثين هكتارًا. ويشمل المشروع بناء فنادق، ودور ضيافة، ومطاعم، إلى جانب تجهيزات وبنية تحتية تهدف إلى تحسين جودة الاستقبال والخدمات المقدّمة للزوار. ويترافق ذلك مع خطط لإعادة تنشيط مطار طبرقة ليكون بوابة جديدة نحو المنطقة، إلى جانب مطارات تونس العاصمة وسواحل البلاد.
مدينة تجمع بين الطبيعة والتاريخ والتقاليد
رغم أن الكاف لا توفر سياحة شاطئية، إلا أنها تقدم لزوارها تجربة أصيلة وغنية. يمكن للسائح التجول في أزقة المدينة العتيقة الضيقة، وزيارة القصبة التي تطل على المدينة من الأعالي، واكتشاف الخزانات الرومانية، والكنيسة الأرثوذكسية “القديس بطرس”، وكنيس الغريبة، وضريح سيدي بو مخلوف، شفيع المدينة.
كما يمكن للزائر لقاء الحرفيين المحليين، والتعرف على تقاليد المنطقة، وزيارة متحف الفنون والتقاليد الشعبية الذي يعرض تراث المدينة وتاريخها الثقافي.
على مقربة من دُقَّة، جوهرة التراث العالمي
على بُعد حوالي 60 كيلومترًا من الكاف، يقع الموقع الأثري دُقَّة، المُدرج ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو. تأسست دقّة سنة 200 قبل الميلاد، واحتضنت على مدى قرون شعوبًا بربرية ورومانية. ويُعتبر هذا الموقع من أهم الشواهد على الحضارة الرومانية في تونس، بفضل ما يحتويه من معابد لزحل والزهرة وعطارد، ومسرح، وحمّامات، وسوق، وبقايا منازل وأسوار وقبور وسراديب.
الكاف… وجهة المستقبل؟
في وقت يتّجه فيه القطاع السياحي التونسي نحو التنوع والتجديد، تبرز الكاف كخيار جديد أمام الزائرين الباحثين عن الأصالة، والطبيعة، والثقافة، والهدوء، بعيدًا عن صخب الشواطئ.
ومع دعم الدولة والاستثمارات المنتظرة، قد تتحول هذه المنطقة المنسية قريبًا إلى واحدة من أبرز الوجهات السياحية في الداخل التونسي.
الرهان انطلق، ومستقبل الكاف السياحي يبدو أكثر إشراقًا من أي وقت مضى.
