الرئيسيةآخر الأخبارقانون المالية لسنة 2026:في إنتظار "رجّة قوية "

قانون المالية لسنة 2026:في إنتظار “رجّة قوية “

قدّم الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي قراءة أولية لمشروع قانون المالية لسنة 2026، مؤكّدًا أن النسخة المتداولة “تثير القلق” لغياب الشفافية في الفرضيات الأساسية، ولغياب التناغم بين مختلف مكونات السياسة الاقتصادية للدولة.

وقال الشكندالي إنّه إذا كانت النسخة المسربة هي ذاتها التي تسلمها النواب، “فعلى الدنيا السلام”، مشيرًا إلى أنّ البرلمان لن يتمكّن من مناقشة أهداف المشروع ولا سياساته في غياب التقرير النهائي لنتائج تنفيذ ميزانية الدولة إلى غاية سبتمبر 2025، خصوصًا وأن الأرقام المنشورة لا تتجاوز مارس الماضي رغم أننا في أكتوبر 2025.

سنة مفصلية… بلا رؤية واضحة

وأوضح الخبير أنّ سنة 2026 يفترض أن تكون مختلفة جذريًا عن سابقاتها، لأنها السنة الأولى لتنفيذ مخطط التنمية 2026–2030، وكان من المفروض أن تُفتتح بسياسات جريئة تحدث “رجّة قوية” في اقتصاد يعيش حالة ركود تضخمي.

وأضاف أن مشروع القانون الجديد لا يعكس الانسجام المطلوب بين المخطط الاقتصادي والميزان الاقتصادي وقانون المالية، بل يُظهر “تشتتًا مؤسسيًا واضحًا بين وزارتي المالية والاقتصاد والتخطيط”، داعيًا رئاسة الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها في تحقيق التنسيق بين مختلف الأطراف.

ويرى الشكندالي أن المشروع يعاني من “شرخ كبير بين الأهداف والسياسات”، حيث رُسمت أهداف طموحة تحت شعارات السيادة الوطنية والاعتماد على الذات، لكن الوسائل المقترحة “ضعيفة ولا ترتقي حتى إلى الحد الأدنى من تحقيقها”.
وقال: “كمن يريد بلوغ القمر بواسطة عربة كريطة”.

وأضاف أن من صاغ هذا القانون “إما غير مقتنع بإمكانية تنزيل هذه الشعارات على أرض الواقع، أو أنه مجبر على مجاراة الخطاب السياسي لرئيس الجمهورية دون إيمان فعلي بجدواه الاقتصادية.”

الدور الاجتماعي للدولة… محدود ومشوّه

واعتبر الخبير أن الدور الاجتماعي للدولة كما ورد في المشروع “محصور في ثلاث نقاط فقط”:

  1. التوظيف في القطاع العمومي (خاصة لحملة الشهادات وأعوان الحضائر والأساتذة النواب)، وهو ما يكرّس البيروقراطية ويثقل المالية العمومية بدل دفع الاستثمار الخاص.
  2. الزيادات في الأجور بين 2026 و2028 دون مفاوضات اجتماعية فعلية، محذرًا من أن الاكتفاء بمعدلات تضخم رسمية “لا تعكس واقع الأسعار التي تتجاوز 15% في المواد الأساسية.”
  3. دعم أنظمة الضمان الاجتماعي عبر فرض إتاوات ورسوم جديدة (على التسجيل العقاري، كراسات الشروط، شحن الهاتف، الألعاب، الفواتير…) بدل معالجة الأسباب الهيكلية لعجز الصناديق.

وقال الشكندالي إن الحلّ الحقيقي لتحسين المقدرة الشرائية لا يكون فقط عبر الزيادات في الأجور، بل عبر تحسين جودة الخدمات الاجتماعية وتقليص كلفتها في الصحة والتعليم والنقل.

خطر الاقتراض المباشر

وفي تحذير لافت، انتقد الشكندالي لجوء الحكومة إلى قرض مباشر بقيمة 11 مليار دينار لتمويل عجز الميزانية، واصفًا الخطوة بـ“المغامرة غير المحمودة العواقب”، لأنها ستعمّق أزمة السيولة وتضعف فرص تمويل الاستثمار الخاص.

وأوضح أن هذا النوع من التمويل “يناقض السياسة النقدية للبنك المركزي” الذي يسعى لتقليص السيولة عبر رفع الفائدة المديرية، بينما “تضخ الدولة السيولة من الباب الخلفي عبر الاقتراض المباشر بفائدة صفرية.”

وختم الشكندالي بالقول:“اختصار مفهوم الاعتماد على الذات في تحويل وجهة السيولة من القطاع الخاص إلى تمويل نفقات الدولة هو مسار خطير، وسيكون العائق الأكبر أمام النمو وخلق الثروة المنتجة في تونس.”

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!