لا يوجد تاريخ عالمي محدد للكسكس، ولكن يتم الاحتفال به في تواريخ مختلفة حول العالم، حيث تحتفل بعض البلدان باليوم العالمي للكسكسي في 9ديسمبر وتونس أعلنت السنة الماضية عن تنظيم أول أولمبياد للكسكسي من 4 إلى 9 ديسمبر 2024. يخلد هذا اليوم أهمية الكسكسي كثقافة وطعام تقليدي في شمال أفريقيا.
عددت التخمينات حول اشتقاق اسم الكسكسي. فيُعتقد أن كلمة “كوسكوس” مشتقة من الكلمة الأمازيغية “سكسو” أو “كسكسو” التي تعني “مُلفوفة جيداً” أو “مشكّلة جيداً”، إشارة إلى طريقة صنع حبيبات الدقيق الصغيرة. وهناك من يقول إن الاسم مشتق من الكلمة العربية “كُسْكُس”، والتي تشير أيضاً إلى الشكل النموذجي للطبق وطريقة تحضيره. ونظراً لأن الكلمة العربية نفسها تعود إلى اللغة الأمازيغية، فقد انتقل هذا الطبق محتفظاً باسمه الأصلي ومع كل تنوعات إعداده إلى مختلف اللغات. فأصبح اسم “Couscous” هو المهيمن في الفرنسية والإنجليزية والألمانية.
لم يُحسم بعد في أصول طبق الكسكسي، لكن الاكتشافات الأثرية في شمال إفريقيا تشير إلى أن الأمازيغ عرفوا هذه الأكلة منذ آلاف السنين. وحتى وإن كان الكسكس قد انتشر استهلاكه في غرب إفريقيا وعدد من دول البحر الأبيض المتوسط، بل وصل إلى أمريكا الجنوبية، فما لا يقبل الشك هو أن موطنه الأصلي هو شمال إفريقيا.
الكسكسي والأساطير
نظراً لقيمة أكلة الكسكسي وحضورها القوي في يوميات الإنسان الإفريقي الشمالي، حيكت حوله العديد من الأساطير، أغلبها مرتبط بالوجود الفرنسي في المنطقة. من بينها أن قوات نابليون بونابرت واجهت أثناء غزوها لمصر (1798-1801) مشاكل كبيرة في التكيف مع الظروف المناخية والغذاء في أرض النيل. فبينما كان الجنود الفرنسيون يفضلون حصصهم المعتادة من الخبز واللحوم، لاحظوا أن المحاربين العرب والأمازيغ كانوا يتناولون الكسكسي كغذاء أساسي، مما جعلهم يبدون أكثر قوة وتحملاً.
وقد قال أحد الضباط الفرنسيين لاحقاً:
“إن الأعداء كانوا يتناولون طعاماً سرياً سحرياً يمنحهم طاقة لا تنضب.”
وفي الحقيقة، لم يكن هذا الطعام إلا الكسكسي، الذي منح المقاتلين الشماليين ميزة بفضل سهولة هضمه وغناه بالمغذيات.
وتروي قصة قديمة من الأندلس عن خليفة كان يتجادل مع علمائه حول الطبق المثالي. وبينما فضّل بعضهم لحم الضأن مع التمر والعسل، وفضّل آخرون السمك مع الزيتون، أحضر طباخ بسيط من المغرب طبقاً من الكسكسي بالخضار واللحم الطري. تذوق الخليفة الطبق وأعلن:
“هذا هو الطعام المبارك الحقيقي، لأنه يجمع كل ما تخرجه الأرض.”

