إستدعاء سفير ماذا يعني في الأعراف الدبلوماسية؟

0
102

استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد، يوم الأربعاء 15 ماي 2024 بقصر قرطاج، السيد منير بنرجيبة، كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، وكلّفه بدعوة عدد من السفراء الأجانب المعتمدين ببلادنا لإبلاغهم احتجاج تونس على التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية، مذكّرا، في هذا الإطار، بما ورد في توطئة الدستور بأن الشعب التونسي يرفض أن يتدخل أحد في شؤونه الداخلية.

في الأعراف والتقاليد الدبلوماسية ما دعا اليه الرئيس قيس سعيد دعوة عدد من الديبلومسيين في تونس للاحتجاج على تدخلهم في الشأن الداخلي التونسي هو شكل من أشكال الاحتجاج الذي تتعدد صوره وأنواعه ما بين “رسائل احتجاج” و”استدعاء السفير للتشاور” و”خفض التمثيل” و”إعلان السفير شخصا غير مرغوب فيه” و”قطع العلاقات”.

والخطوة الأولى تبدأ بالاحتجاج الذي يتم بين الدول عبر القنوات الدبلوماسية ، مثل استدعاء السفير إلى وزارة الخارجية وارسال رسالة احتجاج من خلاله.
اشكال الاحتجاج تتعدد صوره وأنواعه ما بين “رسائل احتجاج” و”استدعاء السفير للتشاور” و”خفض التمثيل” و”إعلان السفير شخصا غير مرغوب فيه” و”قطع العلاقات”.

ودائما ما نسمع عن قيام دولة ما بطرد سفير دولة أخرى من أراضيها، حيث تعلن الدولة أن الدبلوماسي المعني “شخص غير مرغوب به”.

ولكن ماذا تعني كل هذه المصطلحات في الأعراف والمواثيق الدبلوماسية الدولية التي تنظمها اتفاقية فيينا وما هو الفرق بينها؟

واتفاقية فيينا هذه، جرى توقيعها عام 1961 بهدف تنظيم العلاقات بين الدول ووضع أطر عريضة لعمل البعثات الدبلوماسية بين دول العالم.

وتتألف الاتفاقية التي أبرمتها 191 دولة، من 53 مادة وتغطي معظم الجوانب الرئيسية للعلاقات الدبلوماسية الدائمة بين الدول، من فتح السفارات إلى تحديد الحصانة الدبلوماسية للعاملين فيها وغيرها من القضايا.

“شخص غير مرغوب به”

ويعمل الدبلوماسي على تمثيل مصالح دولته في دولة أخرى كرئيس بعثة أو عضو فيها، حيث تتنوع مهامه على أرض الدولة التي استقبلته.

ويشير مصطلح “شخص غير مرغوب به” إلى أن الدولة المضيفة تلقي باللوم على دبلوماسي مقيم على أراضيها لسلوكه غير اللائق أو لارتكابه مخالفة في أثناء تمتعه بحصانة دبلوماسية.

ومع ذلك، لا يعني طرد السفير أو أحد الدبلوماسيين إنهاء العلاقات الدبلوماسية بين أي بلدين، حيث يصنف هذا الإجراء غالبا موقفا تصعيديا لتسجيل موقف معين من دولة تجاه أخرى.

ويحق للدولة المضيفة في أي وقت وتحت أي ظرف ودون تبرير الأسباب، أن تقوم بطرد رئيس البعثة الدبلوماسية لدولة أخرى على أراضيها أو أي عضو آخر في البعثة.

وتمنح الدولة المضيفة في الغالب فترة زمنية معينة لمغادرة الدبلوماسي غير المرغوب به أراضيها.

وغالبا ما يكون هذا الإجراء بطرد الدبلوماسي مرتبطا بمخالفات معينة قد يكون هذا المبعوث ارتكبها كالتجسس مثلا أو تدخله في الشؤون الداخلية للبلد أو استغلال حصانته لارتكاب مخالفات قانونية.

كما يحق للدولة المضيفة، وفقا لاتفاقية فيينا، رفض اسم دبلوماسي ترغب دولة أخرى في تعيينه قبل اعتماده بصفة رسمية.

وتنص الاتفاقية بوضوح على أن المبعوثين الدبلوماسيين، بمن فيهم “أعضاء السلك الدبلوماسي والموظفون الإداريون والفنيون وموظفو خدمة البعثة” يتمتعون “بالحصانة من الولاية القضائية الجنائية للدولة المستقبلة”. 

كما يتمتع هؤلاء بالحصانة من الإجراءات المدنية ما لم تكن القضية تتعلق بممتلكات أو مصالح تجارية لا علاقة لها بواجباتهم الدبلوماسية.

يجب ألا يكون الدبلوماسيون عرضة لأي شكل من أشكال الاعتقال أو الاحتجاز، كما على الدولة المستقبلة بذل كل الجهود لحماية شخصهم وكرامتهم.

استدعاء السفير ومذكرة الاحتجاج

ويحق للدولة المستضيفة استدعاء سفير دولة أخرى على أراضيها لتسليمه مذكرة احتجاج على قضية معينة أو موقف ضد سياسة بلده وإبلاغه رسميا بها من قبل وزارة خارجية الدولة المعترضة.

ويعتبر هذا الإجراء وسيلة من وسائل الاحتجاج للدولة المضيفة في الأعراف الدبلوماسية بين الدول التي تنظمها اتفاقية فيينا.

ويهدف ذلك لتسجيل موقف ضد الدولة أو طلب إيضاحات منها إزاء مسألة بعينها تعترض عليها الدولة.

استدعاء سفير الدولة من الخارج

وبعكس الإجراء السابق، يمكن لدولة معينة أن تستدعي سفيرها في دولة أخرى للتشاور إزاء قضية معينة مثلا أو حتى لانتهاء فترة عمله لأي سبب كان.

كما يدل هذا المصطلح إلى احتمالية سحب السفير من دولة معينة، وهنا ينخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي من درجة سفير – وهي الأعلى – إلى القائم بأعمال، وهي خطوة احتجاجية على موقف أو سياسات معينة في تلك الدولة.

وفي هذه الحالة غالبا ما يستمر عمل البعثة الدبلوماسية، ولكن بتمثيل أقل من درجة سفير وهو ما حدث بين تونس والمغرب على خلفية استقبال تونس رسميا لرئيس جبهة البوليساريو إبراهيم غالي الذي دُعي للمشاركة في القمة اليابانية الأفريقية للتنمية، في أوت 2022.

وأعلن المغرب استدعاء سفيره لدى تونس للتشاور وردت تونس على القرار المغربي بخطوة مماثلة ومازال الوضع على ما هو عليه الى حد اليوم .