إستطلاع الباروميتر العربي يكشف عن أهم مشاغل التونسيين

0
335

تونس – أخبار تونس

يكشف استطلاع الباروميتر العربي لتونس في 2023 عن آراء التونسيات والتونسيين وأولوياتهم واحتياجاتهم وشواغلهم المتغيرة في سياق منطقة تشهد تغيرات سريعة.

بين 13 سبتمبر و4 نوفمبر 2023 قابلت الشبكة البحثية أكثر من 2400 شخص في تونس وجهاً لوجه، استطلاعاً لآرائهم إزاء مجموعة كبيرة من القضايا، منها الاقتصاد، والثقة بالحكومة والأداء الحكومي، والعلاقات الدولية، والمعايير الجندرية ووضع المرأة، والبيئة. نظراً إلى توقيت إجراء الاستطلاع، فهو يسلّط الضوء أيضاً على تغيّر آراء التونسيين نتيجة لحملة إسرائيل العسكرية في غزة. وجرى تنفيذ الاستطلاع السابق للباروميتر العربي في تونس في 2021.

تشير النتائج الأساسية لاستطلاع الباروميتر العربي في تونس 2023 إلى ما يلي:

في أواخر 2023 ظل التونسيون متفائلون أكثر مما قبل انتخاب الرئيس سعيد، لكن يظهر من استطلاع الباروميتر العربي أن البعض بدأوا يفقدون الأمل.

 لم تتحقق الوعود بتحسّن الوضع الاقتصادي؛ إذ يقول شخص واحد من كل عشرة أشخاص إن الوضع الاقتصادي جيد، وهي نتيجة لم تتغير كثيراً منذ عام 2013.

كما تراجعت معدلات التفاؤل الاقتصادي، بواقع 14 نقطة مئوية منذ 2021. خلال هذه الفترة، زاد الجوع زيادة كبيرة، إذ قال ثلثا التونسيين إنهم لم يجدوا الطعام لمرة واحدة على الأقل في أخر شهر. والتصور الأكثر انتشاراً عن سبب انعدام الأمن الغذائي هو سوء إدارة الحكومة لهذا الملف.

التصورات حول أغلب المؤسسات السياسية سلبية نسبياً. 

أعرب أكثر من الثلث بقليل عن الثقة في الحكومة، في حين يثق أقل من الرُبع في البرلمان. لكن الثقة في الرئيس سعيد تبقى قوية؛ حيث أبدى ثلاثة أرباع المبحوثين الثقة في قائدهم. إلا أن مستوى الثقة هذا يمثل تراجعاً بواقع ست نقاط مئوية منذ عام 2021.

على الرغم من ارتفاع مستوى الثقة في الرئيس، فالنصف فقط يصنفون أداء الحكومة تصنيفاً إيجابياً، وهي النسبة التي انخفضت ثماني نقاط مئوية منذ 2021. 

يرتبط أعلى مستوى للرضا عن الحكومة بأدائها في ملفيّ الدفاع الوطني وتوفير البنية الأساسية، لكن الثلث فقط راضون عن مستوى الرعاية الصحية أو التعليم. وبلغت تصنيفات الأداء الاقتصادي معدلات أدنى؛ إذ أعرب أقل من الربع عن الرضا عن جهود الحكومة في تضييق فجوة الثروة وخلق فرص العمل والتصدي للتضخم.

يبقى الفساد مشكلة كبيرة في تقدير المواطنات والمواطنين؛ إذ قال أكثر من 90 بالمئة إنه منتشر في المؤسسات الوطنية بدرجة كبيرة أو متوسطة، وهي النسبة التي لم تتغير على مدار السنوات الثماني الماضية. 

لكن هناك قدر أكبر بكثير حالياً من الاعتقاد بأن الحكومة تبذل جهوداً للتصدي لهذه المشكلة قياساً بالماضي. منذ 2021، اعتبر ثلثا التونسيين أن الحكومة تتصدى لهذه المشكلة، مقابل أقلية من المواطنين قالوا ذلك في 2016 ثم في 2019.

نظراً إلى المشكلات التي تواجه المواطن التونسي، فليس من المدهش أن يسعى الكثيرون لمغادرة البلاد. 

قال النصف تقريباً إنهم يفكرون في الهجرة، لا سيما الأصغر سناً والأفضل تعليماً. ضمن الفئة التي تفكر في الهجرة، قال أقل من النصف بقليل إنهم بدأوا في التخطيط لذلك، وقال 4 من كل 10 أشخاص إنهم يفكرون في الخروج من تونس حتى إذا لم تتوفر الأوراق الرسمية اللازمة للانتقال لدولة أخرى.

على الرغم من قمع مجموعات المعارضة، لا يرى التونسيون أن ثمة انحسار كبير في حقوقهم السياسية.

 يرى 7 من كل 10 أشخاص إنهم يتمتعون بالحق في حرية التعبير، وهي نسبة أعلى قياساً بمثيلتها في 2019.

وقالت نسبة أقل إن حرية تكوين الجمعيات مضمونة، بواقع 56 بالمئة، وقد تراجعت هذه النسبة قليلاً منذ 2021، لكنها أعلى من مثيلتها في 2019.

على الرغم من التغيرات السياسية، لا يزال التونسيون داعمون للديمقراطية، لكن بحذر.

 أكد 8 من كل 10 أشخاص على أنه رغم مشاكل الديموقراطية، فهي لا تزال نظامهم السياسي المفضل. لكن يربط 7 من كل 10 أشخاص بين الديمقراطية والنتائج الاقتصادية الهزيلة، وانعدام الاستقرار وعدم الحسم. باختصار، تبقى منظومة غير مثالية لكن مرغوبة.

لكن ربما يرجع شق كبير من هذا الإحباط من الديمقراطية مع استمرار دعمها إلى كيفية تعريف الناس في تونس للديمقراطية.

فهم يرونها أكثر ارتباطاً بتوفير الضرورات الاقتصادية، والمساواة تحت لواء القانون، وغياب الفساد، أكثر من ارتباطها بعقد انتخابات حرة ونزيهة.

في الواقع، لا يفرّق التونسيون بين الديمقراطية والكرامة، والأخيرة كانت مطلباً أساسياً في احتجاجات 2011 التي أدت إلى سقوط نظام بن علي. من ثم، يُرجح أن يدعم التونسيون النظام القادر على تقديم النتائج وليس فقط السماح لهم باختيار قادتهم في انتخابات دورية منتظمة.

أثرت الحرب في غزة كثيراً على آراء التونسيين في ملف العلاقات الدولية.

 قبل 7 أكتوبر كان لدى 4 من كل 10 أشخاص في تونس آراء إيجابية تجاه الولايات المتحدة الأمريكية. ثم بعد ثلاثة أسابيع فقط، أصبح 10 بالمئة فحسب يدعمون الولايات المتحدة الأمريكية.

وتراجعت شعبية حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية على نفس الشاكلة؛ إذ انخفضت شعبية فرنسا والسعودية بواقع 14 نقطة مئوية، على سبيل المثال. على النقيض، هناك أدلة على تزايد دعم إيران على مدار نفس فترة الأسابيع الثلاثة. مع انتهاء مرحلة البحث الميداني للاستطلاع، كانت آراء الناس في سياسات القائد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي بنفس إيجابية الآراء حول سياسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وأعلى شعبية من سياسات رئيس الإمارات محمد بن زايد. في الوقت نفسه، لا يبدو أن المواطن التونسي قد غيّر رأيه كثيراً في الصين أو روسيا في الأسابيع التالية على 7 أكتوبر.

توصّل استطلاع الباروميتر العربي في تونس 2023 أيضاً إلى ما يلي:

يفضّل التونسيون المساواة بين النساء والرجال في المجالين الخاص والعام.

 تؤكد أغلبية كبيرة للغاية على ضرورة أن يكون للنساء نفس حقوق الرجال، مع تفضيل وجود حصص للنساء من الحقائب الوزارية ومقاعد البرلمان.

لكن رغم هذه التوجهات، فمن الواضح أن مشاركة النساء في قوة العمل لا تزال أقل من مشاركة الرجال. يرى التونسيون معوقات كثيرة تعترض النساء، منها غياب فرص العمل الكافية وعدم توفر خدمات رعاية الأطفال.

لكن ثمة عوامل أخرى قد تلعب دوراً في تقديرهم، منها حسب رأي الأغلبية أن النساء يواجهن مستويات كبيرة من التحرش في أماكن العمل.

أعرب التونسيون أيضاً عن قلق عميق إزاء بيئتهم الطبيعية والتغيّر المناخي. 

أكبر مبعث قلق لدى المواطنات والمواطنين يتعلق بالموارد المائية، لكن هناك أغلبية واضحة قلقة من الآثار الأعرض لتغير المناخ، ومنها آثاره على الصحة البدنية والنفسية.

ولقد أعربوا عن القلق بقدر كبير حول تأثير تغير المناخ على حياتهم اليومية أيضاً. ومن حيث الأطراف المساهمة في حدوث تغير المناخ، يعتبر أكثر الناس أن النشاط التجاري سبب كبير، سواء الشركات الدولية أو المحلية.

لكن يقول أغلبهم أيضاً إن الحكومات والمواطنين حول العالم وفي تونس يلعبون دوراً. والأهم ربما هو تأكيد المواطنات والمواطنين على ضرورة تحمل الشركات والحكومات والأفراد للمسؤولية في محاولة التصدي لتغير المناخ. ويفضّل أغلب المواطنين اتخاذ خطوات لتحسين بيئتهم والتصدي لتغير المناخ، بما يشمل معاقبة الملوثين للبيئة والتوقف تدريجياً عن استخدام المحروقات.