بعد مرور سنتين عن إعفاء 57 قاضيا : ما الذي تغير

0
143

أكد أنس الحمادي رئيس جمعية القضاة التونسيين أن القضاء التونسي مُطوّع ومُجوّع ومُركّع من طرف السلطة التنفيذية ”

وجاءت كلمة الحمادي بمناسبة الذكرى الثانية لاعفاء 57 قاضيا وقاضية انه يستخلص اليوم انه لم يكن لتلك الاعفاءات اية علاقة بتطهير القضاء ولا باصلاحه ولا بتنقيته مما علق به من ادران السياسة خلال العشرية السابقة وانما كان ذلك”سلوكا مدبرا لاخضاع القضاء والقضاة وارتهان قراراتهم وتطويعها خدمة لاغراض السلطة التنفيذية ومصالحها وبرامجها السياسية ” لافتا الى انه يكفي استعراض الواقع التونسي منذ اتخاذ قرارات الاعفاء وما يتميز به من تضييق على حرية العمل السياسي والجمعياتي والنقابي وحرية العمل الصحفي واستهداف لكل صوت حر حتى نستخلص الغاية من تلك القرارات ونتيجتها.

وقال الحمادي في مداخلة خلال ندوة ينظمها اليوم بالعاصمة عدد من جمعيات ومنظمات المجتمع المدني تحت عنوان ” “سنتان بعد الإعفاء: أين نحن من القضاء المستقل؟”:” ارحب بكم ونشكر حسن استجابتكم لدعوتنا وحضوركم المشرف لهذا اللقاء الذي نعقده اليوم 1 جوان 2024 احياء للذكرى الثانية لمجزرة الاعفاءات الظالمة والتعسفية… لقاء اردناه لنستحضر من خلاله بداية تلك الذكرى الاليمة والمريرة والتي تولى من خلالها رئيس الجمهورية قبل سنتين من الان وفي مجلس وزاري بث على القناة الوطنية الاولى الاعلان عن تنقيح المرسوم عدد 11 لسنة 2022 وتعويضه بالمرسوم عدد 35 والذي اسند بمقتضاه لنفسه صلاحية اعفاء القضاة بصفة مباشرة واحادية خارج كل ضمانات المحاسبة النزيهة والشفافة والاعلان في ذات المجلس عن التطبيق الحيني لذلك المرسوم المُنقح حتى قبل نشره بالرائد الرسمي من خلال اتخاذ قرار اعفاء مجموعة من القضاة بعد ان نسبت لهم قائمة طويلة من الاتهامات والافعال الخطيرة المرتبطة بالفساد المالي والفساد الاخلاقي والجرائم الارهابية في ما يشبه المحاكمة الشعبية ولنقف ثانيا على ما ترك ذلك اليوم ولا يزال من الام ومآس لازالت تلقي بظلالها الى حد الان ليس في نفوس القضاة المعفيين بتلك المجزرة فحسب وانما في نفوس ازواجهم وزوجاتهم وابنائهم وبناتهم ومع افراد عائلاتهم ..كيف لا وقد مضى على ذلك الظلم الى حد الان 24 شهرا بالتمام والكمال ذاق فيها القضاة والقاضيات ألوانا من العذاب النفسي والاجتماعي والمادي وفصولا من التنكيل من خلال التتبعات الجزاية الواهية والمفتعلة في غالبيتها والتي لم تفض الى حد الان الى اي حكم بات يقضي بالادانة دون ان نخفي الاثر البالغ لتلك الاعفاءات في نفوس القضاة المباشرين وهم يشاهدون زملاءهم ينكل بهم يوميا ويرفض تنفيذ الاحكام الادارية الصادرة لفائدتهم ويمنعون من حقهم الشرعي والقانوني في العمل بحرمانهم من الالتحاق بمهنة المحاماة كضمانة اساسية من ضمانات حماية القضاة من الفصل التعسفي من القضاء رغم استيفائهم جميع الموجبات ومنها المقابل المالي والذي تم استخلاصه بشكل فوري وحيني من حساباتهم منذ عدة اشهر دون ادنى مراعاة لوضعهم المادي والنفسي .”

واضاف “ثم لنطرح ثالثا في ما بيننا الاسئلة التقييمية المشروعة ونقول ماذا تحقق للبلاد من مكاسب جراء اعفاء القضاة؟ وهل تحقق الاصلاح القضائي الذي ينشده المواطن والمتقاضي؟ هل اصبح القضاء نقيا من كل مظاهر الفساد؟ وهل اصبح مستقلا وخيرا من الف دستور مثلما بشرنا به رئيس الجمهورية؟ وهل استعاد ثقة المتقاضين فيه؟ ماذا تغير في منظومة العدالة ؟هل اصبحت اكثر تطورا وشفافية وحيادا ومصداقية ؟وهل اصبحت البنية التحتية في المحاكم عصرية ومتطورة وتضاهي مثيلاتها في البلدان المتقدمة؟ وماذا عن واقع الحقوق والحريات في تونس هل هو محمي بقضاء قوي ومستقل ومحايد يطبق القانون على الجميع على قدم المساواة؟ وهل يمارس المواطنون حقوقهم وحرياتهم دون خوف من سلطة متجبرة تنكل بهم لان القضاء المستقل يحميهم؟ …هذه بعض الاسئلة وغيرها كثير يحق لنا كمواطنين ومهتمين بالشأن العام ان نطرحها في علاقة باعفاء القضاة لنستخلص بكل وضوح انه لم تكن لتلك العملية اية علاقة بتطهير القضاء ولا باصلاحه ولا بتنقيته مما علق به من ادران السياسة خلال العشرية السابقة وانما هي بكل وضوح سلوك مدبر لاخضاع القضاء والقضاة وارتهان قراراتهم وتطويعها خدمة لاغراض السلطة التنفيذية ومصالحها وبرامجها السياسية ويكفي استعراض الواقع التونسي منذ اتخاذ قرارات اعفاء 57 قاضيا وقاضية وما يتميز به من تضييق على حرية العمل السياسي والجمعياتي والنقابي وحرية العمل الصحفي واستهداف لكل صوت حر حتى نستخلص الغاية من تلك القرارات ونتيجتها ولنعلن بكل ثقة ودون اي شك ان الدفاع عن القضاة المعفيين والتصدي لقرارات الاعفاء يندرج في صلب معركة استقلال القضاء التي تعتبر كما قلت في عديد المرات ام المعارك من اجل الديمقراطية واستشهد في ذلك بما دون الشهيد شكري بلعيد في سجلات جمعية القضاة يوم 5 اكتوبر 2012 بمناسبة الاعتصام الذي اعلنت عنه جمعية القضاة زمن حكومة الترويكا من اجل ارساء هيئة وقتية للقضاء العدلي مستقلة عن وزارة العدل حين كتب حرفيا ” ان معركة استقلال القضاء شكلت وتشكل لب بناء الجمهورية الديمقراطية فلا حقوق ولا حريات ولا رقابة على المؤسسات الا بقضاء مستقل ضمانة الضمانات لذلك فان كل القوى المدنية معنية بان تكون معكم في معركة تونس من اجل قضاء مستقل طبقا للمعايير الدولية وفاء للشهداء وانحيازا للوطن والشعب…” كم كنت كبيرا يا شهيد تونس ..نستشهد ايضا بمواقف المؤسسات الدولية المعنية باستقلال القضاء ومنها الاتحاد الدولي للقضاة والمفوضية السامية لحقوق الانسان والمقررين الخاصين للامم المتحدة وما صدر عنهم من بيانات ومواقف تندد بالاجراءات المتخذة من السلطات التونسية والمخلة بل والمتعارضة مع استقلال القضاء وضمانات استقلال القضاة اخرها البيان الصادر يوم امس عن 4 مقررين خاصين للامم المتحدة تحت عنوان “يجب وقف التدخل في النظام القضائي ومضايقة المحامين في تونس” …”

وتابع “نستعرض واقع القضاء في تونس وكلنا حسرة مما آل اليه نتيجة التداعيات الخطيرة لمجزرة الاعفاءات وما تلاها من اجراءات لاحقة اصبحت بموجبها وزارة العدل تُحكم السيطرة على المسارات المهنية للقضاة العدليين من خلال وضع اليد على الحركة القضائية وإعمال آلية مذكرات العمل غير القانونية لنقلة القضاة وتجريدهم من المسؤولية والحط من رتبهم بشكل دوري ومستمر اثناء السنة القضائية فضلا عن ايقاقهم عن العمل اثر مساءلتهم عبر التفقدية العامة عن اجتهاداتهم القضائية مستغلة في ذلك حالة الفراغ في تركيبة المجلس المؤقت للقضاء العدلي وما نتج عنها من شلل كامل في اضطلاعه بمهامه ليصبح بذلك القضاء التونسي قضاء مُطوّع وقضاء مُجوّع قضاء مُركّع وسلطة تنفيذية فيه ترتع …”

وخلص الحمادي الى القول “اننا اذا نستعرض بكل ألم واقع القضاء في توسن اليوم فان الامل لا زال يحدونا لتجاوز هذه المحنة والنهوض مجددا لبناء القضاء المستقل المحايد والنزيه والعادل الذي نحلم به بفضل مجهودات الصادقين والصادقات والمناضلين والمناضين من امثالكم متى اتحدّت الجهود وصدقت النوايا وتسلحنا بالعزيمة والعمل والمثابرة… قد يرون ذلك بعيدا ونراه قريبا واقرب حتى مما نظن ونعتقد ..”