راشد الغنوشي …. المتادور

0
505

جاء بيان حركة النهضة الصادر عن مكتبها السياسي المنعقد يوم أمس ليؤكد شكوكا بقيت تراوح مكانها حول عزم راشد الغنوشي  رئيس حركة النهضة الترشح للانتخابات الرئاسية  ويبدو جليا ان مطالبة يوسف الشاهد للمرة الثانية في بحر سنة بالالتزام بعدم الترشح لهذا الاستحقاق الانتخابي  مقابل دعمه في البقاء في قصر الحكومة بالقصبة والاكتفاء باجراء تحوير وزاري يهدف الى وضعه في زاوية  ضيقة تشبه الزقاق  ليكون تحت كلكلها بعد ان أجبرته على دق اسفين بينه وبين حزبه ورئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي

ويقول العارفون بخبايا الأمور ان حركة النهضة ثبتت نفسها بعد ان ضمنت حصول شرخ كبير في صفوف الحزب المنافس لها وهو حركة نداء تونس لتمر في مرحلة ثانية لمنع اي رأب لصدع شقوقه

حسابيا اصبحت حركة النهضة ضمانة الشاهد الوحيدة  مما دفعها الى مواصلة ابتزازه وابتزاز رئيس الجمهورية  في مرحلة أخرى

واليوم اصبح واضحا ان طرح حركة  النهضة ليس مع احد بل مع ذاتها…وما تسعى اليه بدأ يتحقق الان بعد ان استمعنا الى الحوار الذي اجراه رئيس الجمهورية ليلة الاحد الماضي وهو يطالب من أطلق عليه في يوم ما رجل الفرصة الاخيرة باعلان استقالته أو طلب تجديد الثقة من البرلمان  …هدف النهضة  يراه حتى الأعمى لا شاهد قوي ولا باجي قوي والأفضل ان  ترتفع الجدران بينهما

لقد تحولت بلادنا خلال الأسابيع القليلة الماضية الى ما يشبه ساحة  لمصارعة الثيران  ليكتشف المتفرجون  بعد مقدمات محتشمة تواصلت لأسابيع وجه المصارع او المتادور كما يطلق عليه الاسبانيون ليكتمل المشهد ويجد الكثير منا أننا كنا نعيش خدعة كتلك التي تنهي حياة الثور في ساحة الصراع

دعونا نقدم الصورة كما هي عليه فحين ينزل المتادور الى ساحة القتال يلوح بمنديل أحمر نحو الثور الذي يسارع بكل قواه نحو هذا المنديل ليصيبه مقتلا ويتكرر المشهد عدة مرات وهدف الثور لايتغير المنديل ألاحمر دون سواه لكنه في غفلة من أمره يخرج النبل القاتل من تحت المنديل وتنتهي حياة الثور في مشهد تختلط فيه الاحاسيس بين مشفق على الثور واخر فخور بدهاء المتادور

وهذه المشاهد والمشاعر ليست مختلفة عما نعيش فغالبيتنا ظلت مشدودة الى المنديل الاحمر دون ان ننتبه ما يخفى تحتها من نبال قاتلة

لقد التبست  الحالة السياسية على الكثير من التونسيين وهم يراقبون ما يحدث هذه الأيام من فوضى شبيهة بتلك الفوضى التي عشناها مع نهاية مرحلة  الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة

وفي الاثناء يتربع زعيم حركة النهضة على المشهد السياسي ليديره كما يشاء  دافعا الحزب الذي اطاح به في انتخابات أكتوبر 2014  الى التاكل الذاتي عبر تغليبه لشق على حساب الشق الاخر  بعد ان بنى قلاعا عالية حول حزبه لا يقدر على تجاوزها اي كان

فيما كان يحول اختلال الاداء والفوضى لدى خصمه الاول الى مخزون سيستخدمه لا محالة في الساعة المناسبة

وقد دقت عقاربها هذه الايام

اما ساكن قصر قرطاج فانه مازال يرى في نفسه المنقذ الذي يعتقد ان مجرد حضوره قد يدفع بأمور  حزبه والبلاد نحو الأحسن

ولكن ما يثير الحيرة حقا انه وما تبقى من المحيطين به لم يروا ان هناك فجوة بين ما يحاول المنقذ قوله وما يسمعه الناس الذين كانوا يرون فيه الرجل الوحيد القادر الى العبور بهم الى بر الامان

فبدلا من ان يعالج المخاوف ويحقق الجزء القليل من وعوده أدخل الذئب الذي حذرهم منه الى بيته وأذن للعبة جديدة لتنطلق رغم المخاطر المحدقة بها لقد أوقع نفسه في مصيدة  ادعى انه غير قادر على تجنبها

وفي خضم كل هذه المكائد هناك تجاهل للناس العاديين الذين بدأوا يكتشفون أن حلمهم بدأ يتحول الى كابوس

فالصراع انحسر داخل بيته  وبدأ  يتحول مع مرور  الوقت الى حريق قد يأتي على الأخضر واليابس فيما يقدم نفسه من ألقى بعود الثقاب  أنه رجل المطافئ الوحيد لا نقاذ الموقف  انه الماتادور التونسي

وأخيرا هناك سؤال يطرح دوما  لصلح من كل هذا