جاء بيان حركة النهضة الصادر عن مكتبها السياسي المنعقد يوم أمس ليؤكد شكوكا بقيت تراوح مكانها حول عزم راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الترشح للانتخابات الرئاسية ويبدو جليا ان مطالبة يوسف الشاهد للمرة الثانية في بحر سنة بالالتزام بعدم الترشح لهذا الاستحقاق الانتخابي مقابل دعمه في البقاء في قصر الحكومة بالقصبة والاكتفاء باجراء تحوير وزاري يهدف الى وضعه في زاوية ضيقة تشبه الزقاق ليكون تحت كلكلها بعد ان أجبرته على دق اسفين بينه وبين حزبه ورئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي
ويقول العارفون بخبايا الأمور ان حركة النهضة ثبتت نفسها بعد ان ضمنت حصول شرخ كبير في صفوف الحزب المنافس لها وهو حركة نداء تونس لتمر في مرحلة ثانية لمنع اي رأب لصدع شقوقه
حسابيا اصبحت حركة النهضة ضمانة الشاهد الوحيدة مما دفعها الى مواصلة ابتزازه وابتزاز رئيس الجمهورية في مرحلة أخرى
واليوم اصبح واضحا ان طرح حركة النهضة ليس مع احد بل مع ذاتها…وما تسعى اليه بدأ يتحقق الان بعد ان استمعنا الى الحوار الذي اجراه رئيس الجمهورية ليلة الاحد الماضي وهو يطالب من أطلق عليه في يوم ما رجل الفرصة الاخيرة باعلان استقالته أو طلب تجديد الثقة من البرلمان …هدف النهضة يراه حتى الأعمى لا شاهد قوي ولا باجي قوي والأفضل ان ترتفع الجدران بينهما
لقد تحولت بلادنا خلال الأسابيع القليلة الماضية الى ما يشبه ساحة لمصارعة الثيران ليكتشف المتفرجون بعد مقدمات محتشمة تواصلت لأسابيع وجه المصارع او المتادور كما يطلق عليه الاسبانيون ليكتمل المشهد ويجد الكثير منا أننا كنا نعيش خدعة كتلك التي تنهي حياة الثور في ساحة الصراع
دعونا نقدم الصورة كما هي عليه فحين ينزل المتادور الى ساحة القتال يلوح بمنديل أحمر نحو الثور الذي يسارع بكل قواه نحو هذا المنديل ليصيبه مقتلا ويتكرر المشهد عدة مرات وهدف الثور لايتغير المنديل ألاحمر دون سواه لكنه في غفلة من أمره يخرج النبل القاتل من تحت المنديل وتنتهي حياة الثور في مشهد تختلط فيه الاحاسيس بين مشفق على الثور واخر فخور بدهاء المتادور
وهذه المشاهد والمشاعر ليست مختلفة عما نعيش فغالبيتنا ظلت مشدودة الى المنديل الاحمر دون ان ننتبه ما يخفى تحتها من نبال قاتلة
لقد التبست الحالة السياسية على الكثير من التونسيين وهم يراقبون ما يحدث هذه الأيام من فوضى شبيهة بتلك الفوضى التي عشناها مع نهاية مرحلة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة
وفي الاثناء يتربع زعيم حركة النهضة على المشهد السياسي ليديره كما يشاء دافعا الحزب الذي اطاح به في انتخابات أكتوبر 2014 الى التاكل الذاتي عبر تغليبه لشق على حساب الشق الاخر بعد ان بنى قلاعا عالية حول حزبه لا يقدر على تجاوزها اي كان
فيما كان يحول اختلال الاداء والفوضى لدى خصمه الاول الى مخزون سيستخدمه لا محالة في الساعة المناسبة
وقد دقت عقاربها هذه الايام
اما ساكن قصر قرطاج فانه مازال يرى في نفسه المنقذ الذي يعتقد ان مجرد حضوره قد يدفع بأمور حزبه والبلاد نحو الأحسن
ولكن ما يثير الحيرة حقا انه وما تبقى من المحيطين به لم يروا ان هناك فجوة بين ما يحاول المنقذ قوله وما يسمعه الناس الذين كانوا يرون فيه الرجل الوحيد القادر الى العبور بهم الى بر الامان
فبدلا من ان يعالج المخاوف ويحقق الجزء القليل من وعوده أدخل الذئب الذي حذرهم منه الى بيته وأذن للعبة جديدة لتنطلق رغم المخاطر المحدقة بها لقد أوقع نفسه في مصيدة ادعى انه غير قادر على تجنبها
وفي خضم كل هذه المكائد هناك تجاهل للناس العاديين الذين بدأوا يكتشفون أن حلمهم بدأ يتحول الى كابوس
فالصراع انحسر داخل بيته وبدأ يتحول مع مرور الوقت الى حريق قد يأتي على الأخضر واليابس فيما يقدم نفسه من ألقى بعود الثقاب أنه رجل المطافئ الوحيد لا نقاذ الموقف انه الماتادور التونسي
وأخيرا هناك سؤال يطرح دوما لصلح من كل هذا