قبل توقيع مذكرة تفاهم مع تونس اليوم : رئيس توتال إنرجي ينسف خطط الهيدروجين الأخضر

0
124

وقعت تونس، اليوم الاثنين بقصر الحكومة بالقصبة، مذكرة تفاهم بين وزارة الصناعة والمناجم والطاقة والمجمع الفرنسي “طوطال اينرجي” والمجمع النمساوي “فربوند” لتنفيذ مشروع انتاج الهيدروجين الأخضر انطلاقا من تونس وتصديره الى أوروبا عبر الانابيب.

ويهدف المشروع إلى انتاج 200 ألف طن سنويا من الهيدروجين الأخضر في مرحلته الأولى وتركيز حوالي 5 الاف ميغاواط من الطاقات المتجددة والفي ميغاواط من تقنية التحليل الكهربائي (الالكتروليز).

ولكن رئيس شركة توتال إنرجي الفرنسية (Total Energies) باتريك بويانيه كان له رأي اخر فقد حذر قبل شهر من هذا التاريخ ” من أن ارتفاع أسعار الهيدروجين الأخضر بحلول 2030 يهدد مخططات الاتحاد الأوروبي.”

ويستهدف الاتحاد، الذي يضم 27 دولة تحت رايته، استعمال 20 مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول نهاية العقد الجاري (2030)؛ عبر إنتاج 10 ملايين طن محليًا، واستيراد الـ10 ملايين طن الأخرى، وفق متابعة منصة الطاقة المتخصصة.

وبحسب بويانيه، فالهدف “مستحيل” بناءً على حساب التكلفة الحالية لإنتاج الهيدروجين الأخضر مقارنة بالرمادي منه، فضلًا عن أن أجهزة التحليل الكهربائي ما زالت في مراحل التطوير الأولية نسبيًا.

وفي المقابل، قال، إن توتال إنرجي تخطط لمنح الأولوية للاستثمار في الوقود الحيوي؛ لأنه من غير المحتمل أن تنهض أنواع وقود الطيران المعتمدة على الهيدروجين الأخضر قبل المدة بين عامي 2035 و2040.

خلال اجتماع خاص على هامش فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي الذي انعقد بمدينة الرياض في السعودية،نهاية أفريل الماضي فصّل الرئيس التنفيذي لتوتال إنرجي باتريك بويانيه تكلفة خطة الاتحاد الأوروبي لاستعمال 20 مليون طن هيدروجين أخضر بحلول عام 2030.

وقال، إن تكلفة إنتاج الهيدروجين الرمادي إلى الأزرق هي 2:1 وتصل من الرمادي إلى الأخضر 3:1، بحسب تقرير نشرته منصة “هيدروجين إنسايت” (hydrogeninsight).

ويوضح الإنفوغرافيك أدناه -أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أنواع الهيدروجين حسب طريقة الإنتاج:

أنواع الهيدروجين

ودعا باتريك بويانيه الحكومات إلى إعادة التفكير فيما إذا كانت أهدافها واقعية، قائلًا: “لا أعلم بصدق كيف وُضعت تلك الأهداف 10 ملايين طن، 20 مليون طن، ربما لا يفهمون ما يتحدثون بشأنه”.

وتابع: “من المحتمل ألّا نصل للهدف بحلول 2050، لكن تلك ليست مشكلة في حدّ ذاتها، لأن الأهم هو اتخاذ خطوات بالفعل وإنفاق الأموال بصورة مُجدية اقتصاديًا للمستهلكين، ليحصلوا على الطاقة النظيفة بسعر معقول”.

ولم يوضح رئيس توتال إنرجي ما إذا كان هدف 2050 الذي يقصده هو الحياد الكربوني في أوروبا، أم رفع حصة الهيدروجين بمزيج الطاقة هناك إلى ما بين 13% و20%.

وإذ وصف تقنية التحليل الكهربائي بكونها غير ناضجة تمامًا، أضاف بويانيه: “دعونا نعترف بأننا في مرحلة الطفولة، ولنتوقف عن إنتاج 10 ملايين طن و20 مليون طن”.

ولفت أيضًا -في هذا الصدد- إلى أن أكبر مشروع تحليل كهربائي الذي لم يُركَّب بعد (مشروع كوبا بقدرة 260 ميغاواط) هو الوحيد القادر على إنتاج 500 ألف طن سنويًا، كما أن هناك مصنعًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقدرة 1 غيغاواط لم يُنشَأ.

وأضاف: “لنكن واضحين، من المستحيل خفض تكلفة الهيدروجين الأخضر فعليًا إلّا إذا كانت هذه الأسواق المستهدفة، وأودّ أن أقول، الصناعة التي يصعب الحدّ منها ومصافي التكرير وما إلى ذلك.. إذا لم توجد سوق للهيدروجين لأغراض النقل، سيكون من العسير للغاية خفض التكلفة”.

الهيدروجين الأخضر لمصافي التكرير

دافع الرئيس التنفيذي لعملاقة النفط والغاز الفرنسية توتال إنرجي عن الجدوى الاقتصادية لعطاء تقيمه الشركة حاليًا لتوفير 500 ألف طن من الهيدروجين الأخضر لاستعماله في مصافي التكرير التابعة لها.

وأضاف: “إذا حصلنا على 500 ألف طن في المتوسط بسعر 8 يورو للكيلوغرام (8.57 دولارًا)- هذا يزيد أو يقلّ عن متوسط العروض- لذلك فالسعر ليس 3 يورو أو 5، لا تحلموا، سعر اليوم هو 8 يورو و8 يورو الأفضل”.

وتابع: “إذا كنت لأدفع 8 يورو للكيلوغرام مقارنة بيورو واحد للهيدروجين الرمادي، تعلم أن هناك شيئًا لاستيعابه”.

ورغم ارتفاع الأسعار، قال بويانيه، إن العطاء قابل للتطبيق بسبب منظومة تجارة الانبعاثات في أوروبا التي تغرّم مُطلقي الانبعاثات بقطاع الصناعة مقابل كل طن من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وأيضًا تمنح مخصصات مجانية مقابل إنتاج الهيدروجين الأخضر.

وأوضح: “إذا كانت مصفاة ما تستعمل الهيدروجين الأخضر بدلًا من الهيدروجين الرمادي، فلن أتجنّب فحسب دفع ضريبة قدرها 100 دولار لكل طن، ولكن سأحصل على ائتمان مضاعف أيضًا، وبذلك يسمح نظام الائتمان الضريبي بالحصول على نحو 7 إلى 8 يورو للكيلوغرام”

من المتوقع أن تصل الطاقة الإنتاجية إلى مليون طن سنويا مع تركيز 25 جيغاواط من الطاقات المتجددة وذلك بقيمة استثمارات تناهز 6 مليار أورو (حوالي 19.8 مليار دينار) في المرحلة الأولى و40 مليار اورو (132 مليار دينار) في مرحلته النهائية في أفق سنة 2050.


وتولت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة، فاطمة ثابت شيبوب، والمدير العام للغاز والكهرباء والطاقات المتجددة بمجمع “طوطال اينرجي” ستيفان ميشال وعن مجمع ” فربوند” النمساوي هالم فرانس، توقيع مذكرة التفاهم بحضور مديرة ديوان رئيس الحكومة، سامية الشرفي قدور، وعدد من أعضاء الحكومة وعدد من سفراء بعض الدول الأوروبية.
وقال كاتب الدولة المكلف بالانتقال الطاقي، وائل شوشان، في تصريح اعلامي، ان مذكرة التفاهم التي تم امضاؤها اليوم تندرج في إطار تفعيل الاستراتيجية الوطنية التونسية لإنتاج الهيدروجين الأخضر التي تم اطلاقها في أكتوبر 2023 من طرف الوزارة.


وترمي الوزارة حسب لاغ أصدرته اليوم “الى انتاج 3ر8 مليون طن من الهيدروجين الأخضر في افق سنة 2050 وتوفير حوالي 430 ألف موطن شغل وأبرز ان موقع تونس الاستراتيجي في المنطقة (قربها من اوروبا) سيخول لها ان تكون فاعلا مهما في تطوير انتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره.
وعما إذا سيكون تمويل المشروع مشتركا فرنسي نمساوي، أكد وائل شوشان ان المستثمرين هم فرنسيون ونمساويون مع إمكانية تسجيل تمويل دولي من عدة أطراف اخرى.
كما أضاف ان المرحلة النهائية للمشروع ترمي الى انتاج 1 مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويا وتركيز حوالي 25 ألف ميغاواط من الطاقات المتجددة وحوالي 10 الاف ميغاواط من التحليل الكهربائي.
ومن جانب اخر، أوضح كاتب الدولة المكلف بالانتقال الطاقي ان النقطة الأولى من توقيع مذكرة التفاهم تخص انطلاق الدراسات الفنية للمشروع، لافتا الى ” ان مرحلة الدراسات تتكلف بدورها عشرات الملايين من الاوروات”.
وعرج في هذا الصدد على ان المستثمرين، في إطار الدراسات التي سيقومون بها، سيحددون الموقع الذي سيتم به تركيز انتاج الهيدروجين الأخضر كاشفا انه سيتم زيارة بعض المواقع واختيارها على ان يقع الاتفاق بشأنها مع الحكومة التونسية.
قريبا امضاء اتفاقيات مماثلة مع شركاء من حجم كبير


واكد عضو الحكومة ان موقع تونس سيكون اهم موقع في العالم لطوطال اينرجي لتطوير الهيدروجين الأخضر.
وعما إذا أبدت بعض المجموعات العالمية الاخرى اهتماها بموقع تونس لإنتاج الهيدروجين الأخضر، أعلن كاتب الدولة ” انه في القريب العاجل سيتم امضاء اتفاقيات مماثلة مع شركاء من حجم كبير” متحفظا عن ذكر بعض أسماء هذه الشركات العالمية.
وقال المدير العام للغاز والكهرباء والطاقات المتجددة بمجمع ” طوطال اينرجي” ستيفان ميشال، ان امضاء مذكرة التفاهم، سيمكن من السماح للمجمعين الفرنسي والنمساوي ان يكونا من مؤسسي ورواد مشروع تطوير الهيدروجين الأخضر في تونس وفي العالم في إطار شراكة فاعلة مع تونس، وفق رايه.
وأبرز أهمية مشروع انتاج الهيدروجين الأخضر انطلاقا من تونس وتصديره باتجاه أوروبا من حيث حجمه وتصديره عبر الانابيب التي تعد تقريبا التقنية الوحيدة لإيصال الهيدروجين الى دول الاتحاد الأوروبي.