قدّم وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، محمد علي النفطي، صباح اليوم الثلاثاء 4 نوفمبر 2025، خلال جلسة مشتركة بين لجنتي التعاون الخارجي والاستثمار بالغرفتين التشريعيتين، عرضًا شاملًا حول الخيارات الدبلوماسية والاقتصادية لتونس خلال سنة 2026.
أكد الوزير في مستهل مداخلته أن الدبلوماسية الاقتصادية ستكون في صدارة أولويات السياسة الخارجية لتونس، معتبرًا أن نجاح البلاد في المرحلة المقبلة يمرّ عبر تعزيز حضورها في الأسواق العالمية وتكثيف الشراكات التي تدعم الاستثمار والتنمية.
وأوضح النفطي أن وزارته تعمل على تنويع الشراكات الاقتصادية لتشمل جمهورية الصين الشعبية، اليابان، كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأميركية، مع الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي، الذي يظلّ الشريك التجاري الأول لتونس.
وأشار إلى أن تونس تسعى من خلال هذه المقاربة إلى تعزيز موقعها داخل الكوميسا (COMESA)، وهو ما سيمكنها من توسيع دائرة نفوذها التجاري في أفريقيا ورفع حجم المبادلات مع الأسواق الإقليمية الناشئة.
مراجعة اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي
وأشار إلى أن الوزارة تنسّق مع بقية الوزارات لمراجعة هذه الاتفاقية وتحيينها حتى تتلاءم مع الواقع الاقتصادي الجديد لتونس، الذي يتطلّب حضورًا أقوى في مختلف الفضاءات الأوروبية. وقال:“لا بد أن تكون تونس فاعلة اقتصاديًا في كامل الفضاء الأوروبي، بما يتماشى مع مصالحها الوطنية ومع التحولات الاقتصادية العالمية.”
علما بأن اتفاقية الشراكة التونسية الأوروبية الموقّعة سنة 1995 ودخلت حيّز النفاذ عام 1998، كانت أول اتفاق من نوعه بين الاتحاد ودولة من جنوب المتوسط، وفتحت الباب أمام منطقة تبادل حرّ تدريجية بين الجانبين.
ووفق آخر المعطيات الأوروبية الرسمية، بلغ حجم التبادل التجاري بين تونس والاتحاد الأوروبي سنة 2024 نحو 25.1 مليار يورو، منها حوالي 13 مليار يورو صادرات تونسية و12.1 مليار يورو واردات. ويمثل الاتحاد الأوروبي أكثر من 54% من حجم التجارة الخارجية التونسية.
أما على الجانب الآسيوي، فقد شهدت العلاقات الاقتصادية مع الصين نموًا لافتًا، إذ بلغ حجم المبادلات سنة 2024 حوالي 9.2 مليار دينار تونسي، بزيادة 8% عن السنة السابقة، غير أن الصادرات التونسية إلى الصين لا تتجاوز 2.4% من إجمالي المبادلات، ما يعكس عجزًا هيكليًا لصالح بكين.
من جهة أخرى، أعلن الوزير عن استئناف الحوار الثلاثي بين تونس والجزائر ومصر تحت إشراف الأمم المتحدة حول الوضع في ليبيا، مؤكّدًا أن هذه المبادرة لا تمثل أي شكل من أشكال التدخل في الشأن الليبي، بل تهدف إلى تعزيز الاستقرار في المنطقة وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين.
كما تطرّق النفطي إلى أوضاع الجالية التونسية بالخارج، خصوصًا في مناطق التوتر مثل باماكو (مالي)، مطمئنًا إلى أن القائم بالأعمال في السفارة التونسية هناك على اتصال دائم مع أفراد الجالية لمتابعة تطورات الوضع.
خدمات رقمية جديدة وبرنامج العودة الطوعية
وأعلن الوزير عن تعميم خدمة استخراج الجوازات عن بعد خلال السنة المقبلة، إلى جانب إعادة توزيع الشبكة القنصلية بما يتناسب مع أماكن تمركز الجالية التونسية وفتح تمثيليات جديدة في بعض الدول ذات الكثافة التونسية العالية.
وفي ما يتعلق بملف الهجرة غير النظامية، شدّد النفطي على أن تونس تعمل بالتنسيق مع شركائها الأفارقة على إطلاق برنامج للعودة الطوعية للمهاجرين في إطار يحفظ كرامتهم الإنسانية، مبرزًا أن أغلب المهاجرين غير النظاميين هم ضحايا شبكات الاتجار بالبشر.
وأضاف أن الدول الإفريقية المعنية رحّبت بهذه المبادرة، وأن تونس تواصل تأكيدها للشركاء الأوروبيين بأنها لن تكون منطقة عبور للمهاجرين. كما نوّه بالتعاون المثمر مع المنظمة الدولية للهجرة (OIM) التي ساهمت في إعادة عشرة آلاف مهاجر إلى بلدانهم الأصلية، في إطار هذا البرنامج الإنساني.

