عقد تم ايقاف رجل الأعمال المثير للجدل شفيق الجراية الذي تحدى رئيس الحكومة في وقت سابق ان كان قادرا على ايقاف «معزة» ليتبعه ياسين الشنوفي المسؤول السابق بالديوانة التونسية والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية ثم امبراطور الفواكه والتوابل الجافة نجيب بن اسماعيل والاطار الديواني رضا العياري فيما تؤكد مصادر عليمة ان القائمة ستطال اسماء اخرى خلال الساعات القادمة.
ولقيت هذه الخطوة تجاوبا كبيرا لدن الغالبية الساحقة من الرأي العام المحلي اضافة الى منظمات مهتمة بمكافحة الفساد ولكن أطبق الصمت على غالبية الأحزاب السياسية التي مازالت متردّدة في اتخاذ موقف ما.
ولكن يبدو ان الشاهد أصبح مصمّما أكثر من أي وقت مضى على قطع دابر الفساد وهو وعد قطعه على نفسه قبل دخول قصر الحكومة بالقصبة قبل أقل من عام.
وبالأمس تحول رفقة وزير العدل غازي الجريبي الى مقر القطب القضائي المالي اين أكد للقضاة الحاضرين دعمه لهم مع تمكينهم من كل الإمكانيات اللازمة لمعالجة مئات الملفات التي بقيت رهن الأدراج.
من جهته أكد وزير العدل ما وعد به من انتداب 500 قاض للتفرغ لمعالجة ملفات الفساد.
واليوم أكد عضو الحكومة مبروك كورشيد كاتب الدولة لأملاك الدولة والشؤون العقارية أن حكومة الوحدة الوطنية أعلنت الحرب على الفساد، مشددا على أنها ستتصدى للفاسدين الذين يريدون سرقة خيرات الشعب التونسي.
وقال كورشيد إنّ هناك من ركب على احتجاجات تطاوين، ومنهم من هو من كبار الفاسدين الذين تعرفهم الدولة و تمعّشوا من الحدث الاحتجاجي في الجهة.
وشدد كورشيد أنه «لا مانع لسقوط الحكومة إذا انتصرت على الفساد وبمعنى أدق حكومة الوحدة الوطنية ستحارب الفساد والفاسدين إلى أخر رمق في حياتها وشرف المقاومة هو نبل في حد ذاته».
وفي وقت سابق اشتكى شوقي الطبيب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد من البطء الشديد في معالجة ملفات الفساد الذي وصفه بأنه اصبح شبيها بفساد المافيا.
وكشف الطبيب ان الهيئة أحالت 120 ملف فساد على القضاء من بينها ملفات تتعلق بثلاثة وزراء، وبرؤساء مديرين عامين بمؤسسات عمومية، خلال يوم دراسي نظمته وكالة تونس افريقيا للانباء.
وافاد شوقي الطبيب أنه لا يمكن بأيّ حال من الاحوال كشف الاسماء التي تعلقت بها شبهات فساد ولا التشهير بها، وهو ما ينص عليه قانون الهيئة ويفرض الالتزام بالسر المهني، وعدم الكشف عن أي اسم مهما كانت درجة شبهة الفساد المتعلقة به.
وقال رئيس الهيئة ان «اهم مجهود في مكافحة الفساد ليس إحالة الملفات على القضاء، بل تفكيك كامل منظومة الفساد» مشيرا إلى أن الامر الايجابي هو أنه أصبح «هناك نوع من الهاجس الوطني والارادة الوطنية لمكافحة الفساد على الرغم من التقييمات المختلفة حيث أصبحت الهيئة في الفترة الاخيرة معطى هاما على مستوى الساحة السياسية وفاعلا رئيسيا معترفا به رغم أنها كانت موجودة منذ سنة 2011».
ويوم 10 ماي الجاري أصدرت منظمة الأزمات الدولية تقريرا صاعقا حول الفساد في تونس اذ أكدت المنظمة أن حوالي 300 «رجل ظل» يتحكمون في أجهزة الدولة بتونس ويعرقلون الإصلاحات وأن «بعضهم» يعطل تنفيذ مشاريع تنموية بالمناطق الداخلية ويحرك الاحتجاجات الاجتماعية فيها.
وحذّرت المنظمة في تقريرها الذي حمل عنوان «الانتقال المعطَّل: فساد وجهوية في تونس» من أن مظاهر «الإثراء من المناصب» السياسية والإدارية و«المحسوبية» و«السمسرة» أصبحت «تنخر» الإدارة والطبقة السياسية «العليا» في تونس (الأحزاب، البرلمان..) وأن عموم المواطنين أصبحوا يعتبرون أجهزة الدولة أجهزة «مافيوزية».
وشدّدت المنظمة على ضرورة أن يشمل «التصريح بالمكاسب» أعضاء البرلمان و«ديوان رئاسة الجمهورية» وعلى أن تودع الأحزاب السياسية تقاريرها المالية لدى دائرة المحاسبات حتى يتمّ «إضعاف شبكات الإثراء من المناصب».
وجاء في التقرير الذي أعدته المنظمة اعتمادا على أكثر من 200 مقابلة مع فاعلين اقتصاديين وسياسيين ونقابيين وغيرهم أن مجلس نواب الشعب أصبح «مركز التقاء الشبكات الزبائنية» وأن «عديد» النواب أصبحوا «مختصين في السمسرة وترقية الأعمال».
وحسب التقرير فإن «الفاعلين الاقتصاديين الذين موّلوا الحملة الانتخابية لبعض الأحزاب» السياسية التي وصلت الى الحكم بعد انتخابات 2014 أصبحوا «يؤثّرون مباشرة في تعيين الوزراء وكتاب الدولة وكوادر الإدارة المركزية والجهوية والمحلية بما في ذلك الديوانة وقوات الامن الداخلي».
ولفتت المنظمة إلى أن «بعض» ممن يتم تعيينهم في هذه المناصب «مجبرون على الإذعان (للتعليمات) كما كان الحال زمن الدكتاتورية لتفادي فضح ملفاتهم الأخلاقية والجبائية وفسادهم في حين يذعن البعض الآخر خوفا من عزله» من المنصب.
ونبهت الى أن تونس تعيش في ظل «منظومة مافيوزية» وأن الفساد بلغ «مستويات خطيرة» خصوصا في «وزارة الداخلية والديوانة والقضاء».