الدكتور فوزي البدوي يطلق صيحة فزع حول وضعية الجامعة التونسية اليوم

0
56

تحت عنوان ” هَـذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَ لِيُنذَرُواْ بِهِ … ” كتب الدّكتور فوزي البدوي أستاذ الأديان المقارنة في كلية الآداب منوبة مختصرا لتجربته في التدريس وكيف يتفاعل طلبة الآداب تحديدا مع المسائل المتعلقة بالدين لانغلاق العديد منهم الذين يأتون ” إلى الجامعة جاهزين من حيث غسل الأدمغة ”

وفي يلي النص الحرفي للشهادة التي تقدم بها الدكتور البدوي والتي نشرتها صفحة تونس الى أين على موقع فايسبوك

“من خلال تجربتي في التّدريس الجامعي لطلبة الآداب تحديدا و تدريس مسائل ذات صلة بالدّين طوال أكثر من عقدين يمكنني أن أشهد بما يلي :

1 – أنّ جزءا كبيرا من الطّلبة يأتون إلى الجامعة جاهزين من حيث غسل الأدمغة ولا نفلح إلّا قليلا في تغيير قناعاتهم طوال فترة التّدريس الجامعي و تدريبهم على الفكر النّقدي و الشكّ المنهجي و حتّى تقنيات الجرح و التّعديل القديمة الخ …. بما يعني أنّ عملا كبيرا يتمّ من أجهزة مختلفة في فترة المراهقة و فترة الثّانوي تؤدّي إلى تشكّل نهائي تقريبا للأدمغة .

2 – أنّ بعض من ندرّسهم يتلقّون تكوينا موازيا خارج الكليات أي في المساجد المحيطة و البعيدة وعند مشايخ يعتبرونهم مراجع علمية مقنعة. و حدث أن شاهدت كيف أنّ بعض طلبتي يخرجون مباشرة من الدّروس إلى المساجد القريبة بل و يعلّقون في سنوات الثّورة الأولى لافتات في حيطان الكلية تدعو إلى الالتحاق بدروس الشّيخ فلان و الشّيخ علّان أو الاختلاف إلى حلقات مغلقة أو غيرها حيث يتمّ حقنهم بمضادّات التّفكير الحرّ.

3 – بعض هؤلاء الطّلبة ينظرون إلى أساتذة الكليات على أنّهم علمانيون فاسدون و يتجرّؤون على المقدّسات و البعض ترى في عينيه صورا من الحقد المكبوت و الرّغبة في الثّأر من هؤلاء الأساتذة الذّين يشكّكون في الدّين و رموزه مثلما يتصوّرون أو يُشبّه لهم.

4 – الدّولة لم تفعل شيئا و أؤكّد شيئا من أجل إصلاح التّعليم الدّيني في الثّانوي وعرقلت الإصلاح الدّيني في الجامعة بكيفية جعلتها متواطئة بشكل غير مباشر في الحال التّي وصلنا إليها.

5 – يساهم ضعف اللّغات في انحصار رؤية العالم داخل اللّغة العربية بما يعني أنّ حوالي 95 % ممّا يطالعونه لا يصلح لشيء و الـ 5 % الباقية ترجع إلى التّرجمات أو كتابات المتنوّرين العرب و هؤلاء يحاصرون من خلال سبّ الاستشراق من ناحية و اتّهام البقية بأنّهم علمانيون لا يوثق بعلمهم في مسائل الدّين.

6 – العمى التّاريخي الذّي أصاب نظام الزّعيم بورقيبة و من بعده بن علي في مسألة الدّين و تدريسه و التّعامل معه يتواصل بشكل شرس وغبيّ حتّى اليوم و لا بوادر على أنّ الأمر سيتغيّر.

7 – بعض هؤلاء الطّلبة المتدعوشون أو من هم على حافة الدّعوشة و الأخونة يفلحون في اجتياز كلّ الامتحانات مستغلّين ثغرات نظام التّقييم و الامتحانات و فوضي الإصلاحات الجامعية التّي هي أقرب إلى المفاسد في مجال الإنسانيات و بعضهم بدأ يدخل و سيدخل تباعا إلى إطار التّدريس في المستقبل القريب بما يعني أنّ الخطر سيتفاقم و ستدفع الجمهورية مستقبلا من المال العامّ ما به يتمّ ضرب النّظام الجمهوري .

8 – ترسّخ لديّ اقتناع من خلال التّدريس الجامعي أنّ أخطار الإسلام السّياسي و الدّعوشة ستتواصل لعقود قادمة و لا علاقة للأمر بالفقر أو المنشأ الاجتماعي بل في تقنيات غسل الأدمغة التّي تتمّ بشكل مبكّر و سطوة وسائل الاتّصال الحديثة التّي لا تشجّع كثيرا على التّفكير و إنّما تقدّم في الغالب وجبات دينية جاهزة لا يملك الطّلبة لا الوقت و لا القدرة على هضمها ذلك أنّ عامّة الناس لا يعلمون أنّه بفضل نظام ( ل . م . د ) سيّء الذّكر لا يقضي الطّالب إلّا سنة و نصف في الجامعة إذا ما تمّ احتساب العطل و الامتحانات و شرط أن تكون الدّروس منظّمة دون إضرابات و احتجاجات. إنّ قضاء سنة و نصف في الجامعة لا يعني شيئا و لا يمكن من تنظيف مواطن من أدران غسيل الأدمغة و الجهل و صنع وعي تاريخي و ديني جديد.

باختصار

الجامعة لا تفلح دوما في تعليم الطّلبة أن يفكّروا بأنفسهم بل يفلح آخرون في تلقينهم ” التّفكير ” … بغيرهم يعنى بالأموات من أسلافهم ……