أعلن العقيد شمس الدين العضواني، رئيس مكتب الاتصال بـالمرصد الوطني للسلامة المرورية، يوم الإثنين 28 جويلية 2025، أن السلطات التونسية تعتزم قريبًا إدخال تحاليل لعابية سريعة للكشف عن استهلاك المخدرات في السياقة.
وأوضح المسؤول عبر إذاعة موزاييك أن هذه التحاليل، ذات الطيف الواسع، قادرة على رصد عدة مواد مثل القنب الهندي، الكوكايين، والمورفين، وتُعطي نتائجها في ظرف يتراوح بين خمس إلى عشر دقائق، مؤكدًا أن تطبيق هذا الإجراء الجديد يتطلب إعداد إطار قانوني مناسب.
وأمام تزايد السلوكيات الخطرة أثناء القيادة تحت تأثير الكحول أو المخدرات، يعتمد المرصد على وعي المواطنين من جهة، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة من جهة أخرى. لكن العقيد العضواني شدد على أن الوقاية وحدها لم تعد كافية، خاصة في حالات تعاطي المواد المخدّرة.
وقال في هذا السياق: “على عكس الحملات المتعلقة بالكحول التي كنا نشجّع فيها على الراحة أو تسليم القيادة لشخص آخر، فإن مكافحة القيادة تحت تأثير المخدرات تقتضي مسارًا مختلفًا. إذ أن نتيجة إيجابية لتحليل المخدرات ستُحال مباشرة إلى النيابة العمومية“كما أن العملية لن تقتصر على السواق فقط، لذلك سيتم تعميم الاختبارات بالفضاءات العامة .. لأن الكحول والمخدرات من أخطر السلوكيات ..”.
مع هذا التصريح تصاعدت التساؤلات حول الوجاهة القانونية لهذه الآلية الجديدة، ومدى مشروعية اعتمادها كدليل إثبات في التتبعات الجزائية.
القاضي عفيف الجعيدي اوضح في تدوينة له اليوم قائلا ” لا يمكن قانونا استعمال التقنية المتحدث عنها دون اطار تشريعي يجيزها
و لا يمكن التوسع في اجازة استعمال هذه التقنية لتشمل غير سواق العربات دون ان يكون ذلك في اطار بحث عدلي ..
وفي كل الحالات وبعد سن التشريع اللازم يجب احترام حق من يتم اخضاعه للاختبار في رفض ذلك وعلى من يشرف على الاختبار اعلامه بحقه هذا وبما يرتب القانون من اثر على ممارسته ( اذا ما تم اعتماد نص قانوني يجرم رفض الخضوع للتحليل على سائقي العربات )…..في المحصلة قريبا لا تعني شيئا غير انه تم توريد تجهيزات لم يتم التحضير لاستعمالها و استعمالها غير جائز الى حين ”
وفي هذا الإطار، اعتبر المحامي ص.ب رفض الكشف عن هويته أن “الإبلاغ عن الإدمان وطلب العلاج يجب أن يتم قبل انطلاق التتبعات القضائية حتى يتمتع المعني بالحماية القانونية الممكنة”. وذهب إلى التأكيد على أن التحليل الفوري للعاب هو “إجراء لم ينظمه القانون التونسي، ولا يمكن بأي حال إجبار أي شخص على الخضوع له“.
وأضاف محدثنا أن رفض الشخص الخضوع لهذا التحليل “لا يُعد قرينة على استهلاك المخدرات، ولا يمكن مؤاخذته فقط بناءً على هذا الرفض”، مشددًا على أن القانون يفرض إثبات الاستهلاك بطريق يقيني علمي، لمنتوج مصنّف ضمن المواد المحظورة المدرجة حصريًا في الجدول “ب” من القانون المؤرخ في 18 ماي 1992 المتعلق بالمخدرات.”
وأكد أن هذه النقائص تُبرز قصور القانون الحالي عن تنظيم الإجراءات البيولوجية الضرورية، داعيًا إلى تنقيح جذري لهذا القانون الذي مرّت عليه أكثر من 33 سنة، حتى يتماشى مع المعطيات العلمية والحقوقية المستجدة.
وفي مقارنة لافتة، أشار المحامي إلى أن قانون الطرقات المنقّح حديثًا يقدّم مثالًا عن التنظيم القانوني الواضح لتحاليل الكحول، إذ تم تحديد نسبة الكحول المحرّمة بـ 0.5 (بعد أن كانت 0.8 سابقًا)، كما تم التنصيص صراحة على أن من يرفض التحليل يُعاقب بنفس عقوبة القيادة تحت تأثير الكحول، وهي صيغة قانونية لا نجد لها مثيلًا في قانون المخدرات.
من جهته قال الأستاذ المحامي حافظ البريقي لتونيزي تيليغراف ” لا يوجد اي نص قانوني يجيز إجراء مثل هذه الاختبارات، ففي قانون السياقة تحت تأثير حالة كحولية يقع اللجوء لمثل هذه التحاليل اما في خصوص المخدرات فإن القانون لا يجيزها “
وتشير أحدث الإحصائيات إلى أن نسبة تعاطي المخدرات في تونس قد شهدت ارتفاعًا مقلقًا في صفوف الشباب والمراهقين، وهو ما دفع السلطات إلى تكثيف الحملات الوقائية، وسط دعوات متزايدة إلى مراجعة السياسة العقابية وتبني مقاربة صحية علاجية بدلًا من الزجر وحده.
وكان المكلف بملف الإدمان بوزارة الصحة، نبيل بن صالح، اكد يوم 2 جويلية 2025، أنّ معدل استهلاك القنب الهندي لدى الفئة العمرية من 15 إلى 17 سنة في تونس، تفاقم بـ 4 مرات ما بين 2013 و2021، وفق قوله خلال الدورة 22 من حلقة السكان والصحة الإنجابية حول موضوع “الأسرة والإدمان: الواقع والانتظارات” التي ينظمها الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري.
وأوضح المتحدث، أن وزارة الصحة تعمل في إطار الإستراتجية الوطنية للوقاية من الإدمان وتقليص المخاطر والعلاج منذ 2021، على إعداد منصة لجمع المعطيات حول عدد المدمنين يتم تحيينها بصفة دورية إضافة إلى عرض أنواع المخدرات المروجة في البلاد، وذلك بمساهمة عدد من الوزارات المتدخلة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء التونسية الرسمية.
أوروبا: اجراءات صارمة
- العديد من الدول الأوروبية تطبق هذا الإجراء منذ سنوات، أبرزها:
- فرنسا، إسبانيا، ألمانيا، هولندا، بلجيكا، السويد، إيطاليا.
- التحاليل تُجرى غالبًا على الطرقات، وتؤدي إلى عقوبات فورية في حال ثبوت التعاطي.
- هذه الدول تستخدم التحاليل ضمن قانون المرور، وتحت إشراف جهات مختصة، وغالبًا ما يتبع التحليل اللعابي تحليل تأكيدي مخبري.
- وفي عدد من الدول الأوروبية يُستخدم هذا النوع من التحاليل أحيانًا في أماكن العمل أو المهرجانات، لكن ليس بصفة عشوائية، بل وفق مبررات قانونية صارمة.

