الرئيسيةآخر الأخبارفي الحمامات… حين يُصبح البحر فزّاعة

في الحمامات… حين يُصبح البحر فزّاعة

في وقت يفترض أن تكون فيه مدينة الحمامات نابضة بالحياة، مكتظة بالزوار والمصطافين، وتعيش ذروة موسمها السياحي، تفاجأ المتابعون هذا الأسبوع بمشهد غير مألوف: شواطئ شبه خالية، ومقاهي ومطاعم بلا حركة، وقلق جماعي يتسلل إلى النفوس.

هذا المشهد لم يمرّ دون تعليق سياسي، إذ عبّر النائب عن دائرة الحمامات، ياسين مامي، عن استيائه من حالة الهلع التي اجتاحت المدينة مؤخرًا، بسبب ما وصفه بـ”التهويل والدراما المبالغ فيها” حول وجود تيارات بحرية قوية، على خلفية حوادث غرق متفرقة.

وفي تدوينة لافتة نشرها مساء السبت 12 جويلية 2025، قال النائب إن البحر “تحوّل إلى فزّاعة بلا مبرّر علمي”، مؤكدًا أن هذا الخطاب لا يخدم مصلحة البلاد، لا سياحيًا ولا اجتماعيًا.

فكيف لمدينة مثل الحمامات، التي تُعدّ ركيزة من ركائز السياحة الوطنية، أن تُصاب بما يشبه الشلل السياحي في عزّ الصيف؟ وكيف تنتقل مشاعر الحذر إلى فوبيا جماعية، تقطع صلة الناس بالبحر، وتضرب في العمق دينامية المدينة وموارد عيش أهلها؟

الجواب، كما يُفهم من تدوينة النائب، يكمن في الطريقة التي أُدير بها الخوف: إشاعات متداولة، غياب تفسيرات علمية واضحة، ترك المواطن يتخبط بين تحذيرات مبهمة وأخبار غرق مأساوية… فكان أن انسحب الجميع، واختارت العائلات البقاء في بيوتها، بدل الاستجمام على شاطئ مدينة وُلدت لتكون وجهة.

لكن، ومهما بلغت خطورة بعض التيارات أو دقة الظرف المناخي، فإن تحويل البحر إلى “خطر دائم” هو بحدّ ذاته خطر مضاعف. ذلك أن السياحة في الحمامات لا تُبنى فقط على الفنادق والشمس، بل على الثقة، على إحساس جماعي بالأمان، وعلى خطاب رسمي متماسك يُطمئن دون إنكار، ويُحذّر دون ترهيب.

لقد كانت الحمامات طيلة عقود عنوانًا للجمال، وللفرح، ولصناعة الحياة، ولا يليق بها أن تُختزل اليوم في “حالة طوارئ بحرية”، يُروّج لها دون تروٍّ، وتُستهلك جماهيريًا دون تدقيق.

ما نحتاجه الآن ليس فقط إصلاح صورة البحر، بل استعادة الثقة في مدينة الحمامات كوجهة آمنة وساحرة، عبر توضيح علمي للمخاطر، وتدخّل مسؤول للحد من الإشاعات، وإعادة الاعتبار للموسم السياحي في هذه المدينة العريقة، التي يعيش على إيقاعها عشرات الآلاف من المواطنين.

الحمامات لا تستحق هذا الهلع، ولا يجب أن تُترك وحيدة أمام عاصفة الخوف.
فالخطر الحقيقي… هو أن نخاف بلا مبرّر، وأن نُدير السياحة بالخوف لا بالعقل.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!