أثارت تغريدة للمراسلة في البيت الأبيض نادية البلبيسي موجة من التفاعلات السياسية والتحليلات، بعد أن كشفت عن دخول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض من المدخل الخلفي للمرة الثانية على التوالي، وسط غياب التغطية الإعلامية المعتادة، في زيارة توصف بالحساسة سياسيًا.
وأشارت البلبيسي إلى أن اللقاء مع الرئيس الأمريكي جو بايدن لن يُعقد في المكتب البيضاوي، بل في غرفة الكابينت،(غرفة الاجتماعات الوزارية المجاورة للمكتب البيضاوي) وهو ما فُسر على أنه رسالة أمريكية دبلوماسية واضحة.
في العرف البروتوكولي الأمريكي، يُعتبر الدخول من الباب الرئيسي وعقد اللقاء في المكتب البيضاوي دلالة على الأهمية السياسية والمكانة الرمزية التي توليها الإدارة الأمريكية للضيف.
أما اختيار المدخل الخلفي وغرفة الكابينت، فيحمل إشارات غير مباشرة تفيد بأن اللقاء لا يرتقي إلى مستوى الدعم الكامل أو الاحتفاء السياسي، بل يُدرج ضمن الاجتماعات العملية أو “الاضطرارية”.
تأتي هذه الزيارة في ظل تصاعد الانتقادات الدولية للعدوان الإسرائيلي على غزة، حيث تشير آخر الإحصائيات إلى تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين 57 ألفًا، وسقوط أكثر من 136 ألف جريح، وفق بيانات وزارة الصحة الفلسطينية. كما تتزايد الأصوات داخل الولايات المتحدة، حتى في صفوف الحزب الديمقراطي، المطالبة بموقف أكثر حزمًا من حكومة نتنياهو.
ويرى مراقبون أن الإدارة الأمريكية، وإن كانت لا تريد قطع العلاقات الاستراتيجية مع إسرائيل، فإنها في الوقت نفسه تسعى إلى النأي بنفسها عن السياسات العسكرية لحكومة نتنياهو، خاصة في ظل تداعيات إنسانية كارثية داخل قطاع غزة.
التغريدة القصيرة التي نشرتها نادية البلبيسي كانت كفيلة بكشف أبعاد الصمت البروتوكولي. فالصور غابت، والسجاد الأحمر لم يُفرش، والمدخل الخلفي كان هو الخيار مرة أخرى. رسالة غير مباشرة مفادها: “العلاقة مستمرة، لكن الثقة السياسية مجروحة”.
وفق مراقبين، فإن بايدن لا يريد إعطاء نتنياهو انتصارًا سياسيًا مجانيًا، خصوصًا مع تصاعد الانتقادات من القاعدة التقدمية داخل الحزب الديمقراطي. ويُفهم من ترتيب اللقاء أن واشنطن تمارس دبلوماسية الضغوط الصامتة، وتبعث برسائل سياسية دون تصريحات علنية.
زيارة نتنياهو إلى واشنطن هذا الأسبوع لم تكن كسابقاتها. ليس فقط بسبب ما يجري في غزة، بل لأن البيت الأبيض اختار أن يتحدث بلغة المكان والإجراءات، لا بلغة التصريحات. وربما تكون هذه الرسائل غير المباشرة أقوى وقعًا من كل المؤتمرات الصحفية.

