تستعد مدينة بنغازي الليبية لاحتضان أول منتدى طبي تونسي–ليبي في ديسمبر المقبل، في خطوة تُعدّ تتويجًا لمسار طويل من التقارب السياسي والاقتصادي بين تونس والسلطات في شرق ليبيا بقيادة المشير خليفة حفتر.
المنتدى المنتظر تنظمه غرفة التجارة والصناعة والزراعة ببنغازي بالتعاون مع اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية التونسي ، وسيجمع فاعلين من قطاع الصحة في البلدين بهدف تأسيس شراكات جديدة في مجالات الطب والمصحات وصناعة الأدوية والتجهيزات الطبية. هذا التطور يُكرّس تقنين العلاقات الاقتصادية بين تونس وبنغازي، وهو ما كان قد دعا إليه علي الذوادي، الأمين العام لغرفة التجارة التونسية–الليبية، منذ أشهر، لتوسيع التعاون مع الحكومة الليبية في الشرق.
تونس كانت السّباقة في مدّ الجسور مع شرق ليبيا، حين أمر الرئيس قيس سعيّد في سبتمبر 2023 بإرسال مساعدات طبية وفريق من الحماية المدنية عقب كارثة انهيار سدي درنة التي خلّفت مئات الضحايا.
وفي فيفري 2024، زارت بعثة من وزارة الخارجية التونسية برئاسة المدير العام للمصالح المشتركة مدينة بنغازي لإعداد إعادة فتح القنصلية التونسية العامة هناك بالتنسيق مع وزير خارجية حكومة الشرق عبد الهادي الحويج، وهو ما تحقق فعليًا في أوت 2025.
في مارس الماضي، نقلت حكومة بنغازي جثامين ستة تونسيين لقوا حتفهم في حادث مرور في المدينة تنفيذًا لتوجيهات المشير حفتر، ورافق الوزير الحويج موكب الجثامين إلى تونس شخصيًا، في خطوة حملت رسائل إنسانية وسياسية متزامنة.
وفي ماي 2025، استضافت بنغازي لقاءً سياسيًا تونسيًا–ليبيًا جمع شخصيات من الجانبين، من بينهم زهير المغزاوي، الأمين العام لحركة الشعب وأحد أبرز الوجوه السياسية القريبة من الرئيس سعيّد، “في إطار دعم العلاقات الثنائية بين البلدين”.
كما عقد وزير النقل بحكومة الشرق محمد الشهوبي في 14 أكتوبر 2025 اجتماعًا موسعًا مع مسؤولين تونسيين في قطاع الطيران المدني، بحضور القائم بالأعمال في السفارة التونسية بطرابلس وممثلي شركات طيران تونسية، لبحث إمكانية إعادة فتح الخطوط الجوية بين تونس وبنغازي.
وحسب موقع Africa Intelligence من المنتظر أن تكون مشاركة رئيس منظمة الأعراف سمير ماجول ووزير الصحة التونسي مصطفى الفرجاني في منتدى بنغازي مؤشرًا قويًا على رغبة تونس في تعزيز حضورها الاقتصادي والدبلوماسي شرق ليبيا، في وقت تشهد فيه البلاد انقسامًا سياسيًا حادًا بين حكومتي بنغازي وطرابلس.
لكن هذا التحرك لم يمرّ دون ردّ من حكومة طرابلس، إذ سارع وزير الاقتصاد محمد الحويج في 22 أكتوبر إلى لقاء رئيسة الحكومة التونسية، سارة الزعفراني الزنزري، في محاولة واضحة لإعادة التوازن في علاقات تونس مع طرفي الصراع الليبي.

