كشف المرصد التونسي للاقتصاد في تقرير له صدر يوم أمس أن الميزانية المخصصة لوزارة الصحة شهدت تراجعًا ملحوظًا بين سنتي 2016 و2019، وهو تراجع ازداد حدّة عند احتساب التضخم، حيث سجّل تطور الإنفاق بين عامي 2018 و2019 نسبة سلبية.
وفي عام 2020، سُجل ارتفاع استثنائي في نفقات وزارة الصحة بلغ 5710.360 مليون دينار، أي بزيادة بنسبة 75.4% مقارنة بسنة 2019. غير أن المرصد نبّه إلى أن هذا التطور كان ظرفيًا ومرتبطًا بجائحة كوفيد-19، وليس نتيجة سياسة عامة لرفع الإنفاق الصحي العمومي أو لتحسين الخدمات الصحية، وهو ما كشفته هشاشة النظام الصحي العمومي في مواجهة الأزمة.
وأشار التقرير إلى أن نسبة الاستثمار من الميزانية العامة بلغت 2.15% في سنة 2020، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بمتوسط السنوات السابقة (0.65% بين 2019 و2025 باستثناء سنة 2020). هذه النسبة، رغم أهميتها، لا تعوّض سنوات التقشف المالي التي فرضتها سياسات الحكومات المتعاقبة بتوصية من صندوق النقد الدولي، والتي أدت إلى تدهور البنية التحتية الصحية وصعوبة حصول المواطنين على الخدمات.
ورغم إعلان الحكومة التونسية ضمن برنامجها للعام 2025 عن تعزيز دور الصحة، إلا أن نسبة الإنفاق على الصحة من الميزانية العامة بقيت في حدود 5.11% فقط، وهي دون السقف الموصى به والمحدد دوليًا في حدود 15%، وكذلك دون هدف الحكومة المعلن البالغ 6%.
وأوضح المرصد أن قيمة نفقات وزارة الصحة قُدرت بنحو 4000 مليون دينار فقط، وهو ما لا يلبّي الحاجيات الحقيقية للمنظومة الصحية ولا يستجيب لمتطلبات تحسين جودة الخدمات أو دعم الكوادر الطبية وشبه الطبية.
وأكّد المرصد في ختام تقريره، على ضرورة مراجعة السياسات الاقتصادية المعتمدة التي أثّرت سلبًا على قطاع الصحة، داعيًا إلى اعتماد حلول واقعية تضمن منظومة صحية عمومية مستدامة وعادلة، تقوم على الإنصاف والجودة وتخفيف العبء عن المواطنين، وتضمن حق الجميع في الوصول إلى الرعاية الصحية في ظروف لائقة، خاصة في أوقات الأزمات.
المصدر: المرصد التونسي للاقتصاد

