الرئيسيةآخر الأخبارزهير الجيس يُنهي «بوليتيكا» بعد 11 سنة بلا إنقطاع ...لماذا

زهير الجيس يُنهي «بوليتيكا» بعد 11 سنة بلا إنقطاع …لماذا

أعلن الصحفي زهير الجيس، اليوم 1 أوت 2025، نهاية برنامجه السياسي اليومي الشهير «بوليتيكا»، الذي بُثّ طيلة 11 سنة دون انقطاع على موجات جوهرة أف أم.

وفي حلقة امتدت لأكثر من 16 دقيقة، ودّع الجيس مستمعيه بكلمات مؤثرة، لم تخلُ من المرارة والحنين، مستعرضًا الضغوط والمصاعب والتحديات وحتى الشتائم التي تعرض لها خلال مسيرته، دون أن يكشف بشكل صريح عن الأسباب المباشرة وراء إيقاف البرنامج.

الصحفي اكتفى بالإشارة إلى أن القرار اتُّخذ “بالتوافق” مع إدارة المؤسسة، في حين يلفّ الغموض هذا التوقف المفاجئ، خاصة في ظل مناخ عام متوتر تعيشه الساحة الإعلامية، تُتهم فيه بعض وسائل الإعلام بالخضوع للرقابة أو ممارسة الرقابة الذاتية تحت تأثير الضغوط السياسية والاقتصادية.

وكان الجيس قد لمح في الأيام الأخيرة إلى إمكانية توقف برنامجه، من خلال منشورات مبهمة على حساباته في شبكات التواصل، ليؤكد الخبر رسمياً خلال استضافته للسياسي منجي الرحوي، واعدًا بالكشف عن المزيد لاحقًا، مع تأكيده أنه “لم يساوم يوماً على أخلاقيات المهنة الصحفية، حتى في أحلك الظروف”.

“الفضيحة التقنية” التي سبقت القرار

إعلان نهاية «بوليتيكا» لا يمكن فصله عن الحادثة التي أثارت الكثير من الجدل يوم 23 جويلية 2025، حين اختفت فجأة مقابلة بث مباشر أجراها الجيس مع الوزير السابق فوزي بن عبد الرحمان من موقع الإذاعة وصفحاتها الرسمية، رغم أنها لم تتضمن أي محتوى مخالف.

بن عبد الرحمان نشر تدوينة غاضبة تساءل فيها: «وهكذا يسقط آخر فضاء حرّ في البلاد»، معتبرًا أن حذف الجزء السياسي فقط من المقابلة يرقى إلى رقابة صريحة، وأن الجيس نفسه لم يكن على علم بما حصل.

نقابة الصحفيين تدقّ ناقوس الخطر

في اليوم الموالي، أصدر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين (SNJT) بيانًا شديد اللهجة، أدانت فيه ما وصفته بـ”الرقابة الصارخة”، واعتبرت تبرير الإذاعة بوجود عطل تقني ناتج عن انقطاع كهربائي، مجرد ذريعة غير مقنعة.

النقابة أوضحت أن “جميع مقاطع الحلقة ما عدا الجزء المتعلق بالسياسة بقيت متوفرة”، ما يؤكد، بحسبها، وجود نية واضحة في حذف مضمون معين. وحذرت نقابة الصحفيين التونسيين من أن مثل هذه الممارسات “تذكر بأساليب عفا عليها الزمن وتشكل تهديدًا مباشرًا لحرية الصحافة“.

كما دعت إدارة الإذاعة إلى احترام استقلالية الخط التحريري وعدم الرضوخ لأي إملاءات سياسية أو تجارية.

رحيل زهير الجيس عن الأثير، وطيّ صفحة «بوليتيكا»، يُنظر إليه من قبل عديد المتابعين بوصفه أكثر من مجرد قرار مهني. فهو قد يكون إنذارًا لما تشهده الصحافة التونسية من تآكل تدريجي للفضاءات الحرة، وسط تحولات سياسية وإعلامية كبرى بدأت تعيد طرح الأسئلة القديمة حول حدود حرية التعبير والاستقلالية الإعلامية في البلاد.

في انتظار توضيحات إضافية من الصحفي أو من المؤسسة، تبقى النهاية المفاجئة لواحد من أقدم البرامج السياسية في تونس، لحظة مفصلية في مشهد إعلامي يتغير بصمت… وربما بقلق.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!