الرئيسيةآخر الأخبارإتفاقية بودابست… إلتزام دولي يتناقض مع المرسوم 54

إتفاقية بودابست… إلتزام دولي يتناقض مع المرسوم 54

استبعد النائب محمد علي، رئيس لجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب، خلال مداخلة إعلامية يوم الخميس 26 جوان 2025، عقد جلسة عامة مخصصة لمناقشة تعديل المرسوم عدد 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، وذلك قبل انطلاق العطلة البرلمانية الصيفية.

وفي تصريح لبرنامج هنا تونس،باذاعة الديوان أمس الخميس 26 جوان 2025 أوضح محمد علي أن المبادرة البرلمانية المطروحة تتضمن تعديل عدد من فصول المرسوم، مشيراً إلى أن تونس ملتزمة باتفاقيات دولية مصادق عليها، من بينها اتفاقية بودابست الخاصة بمكافحة الجرائم الإلكترونية، والتي تستوجب إعادة النظر في نص المرسوم حتى يكون منسجمًا معها.

وشدد النائب على أن الفصل 24 من المرسوم لا ينسجم مع التشريعات المنظمة للجرائم السيبرانية، إذ يعالج نوعًا مختلفًا من الانتهاكات، وأضاف قائلاً: “من الممكن الاعتماد على قوانين أخرى لتجريم أفعال مثل الثلب أو نشر الأخبار الزائفة، دون الحاجة إلى هذا المرسوم”.

وأكد محمد علي أن المرسوم “فقد هويته الأصلية”، معبّرًا عن رفضه لاستخدام نص قانوني صُمم لمكافحة الجرائم الإلكترونية كوسيلة للتضييق على حرية التعبير والفكر. وقال: “من غير المقبول أن يتحوّل هذا النص إلى أداة لقمع الصحفيين، الذين أصبح عدد منهم ضحايا مباشرة لهذا المرسوم”.

وفي ختام حديثه، أشاد النائب بتفاعل رئاسة مجلس نواب الشعب مؤخرًا مع ملف المرسوم 54، بعد ما وصفه بسنة كاملة من الجمود وعدم التحرك.

تُعد اتفاقية بودابست بشأن الجريمة السيبرانية، التي وقّعت عليها تونس، المرجع الدولي الأساسي للتشريعات المتعلقة بمكافحة الجريمة الإلكترونية. و تهدف الاتفاقية إلى توحيد القوانين الوطنية للدول الأعضاء، وتيسير التعاون الدولي في التصدي لجرائم الإنترنت.

تشمل الاتفاقية جرائم مثل الاختراق الإلكتروني، سرقة المعطيات، نشر البرمجيات الخبيثة، والاحتيال الرقمي، كما تؤكد في الوقت نفسه على ضرورة احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير، وتحقيق التوازن بين الأمن الرقمي والحقوق الأساسية.

ويؤكد مراقبون أن المرسوم 54، في صيغته الحالية، يتعارض مع روح هذه الاتفاقية، خاصة في ما يتعلق بالفصل 24، الذي يعالج قضايا مثل الثلب ونشر الأخبار الزائفة، والتي يمكن تنظيمها بموجب قوانين أخرى دون المساس بحرية التعبير.

ويثير هذا التناقض مخاوف حقيقية بشأن استخدام هذا المرسوم كأداة للحد من الحريات، بدلاً من أن يكون وسيلة لمكافحة الجريمة السيبرانية، وفقًا للمعايير الدولية.

ما هي اتفاقية بودابست؟

تُعد اتفاقية بودابست بشأن الجريمة السيبرانية، المعروفة أيضًا باسم اتفاقية الجريمة الإلكترونية، أول اتفاقية دولية تهدف إلى التصدي لجرائم الإنترنت والجريمة السيبرانية العابرة للحدود. وُقعت الاتفاقية في العاصمة الهنغارية بودابست سنة 2001، ودخلت حيّز التنفيذ في تونس يوم 8 مارس 2024 تحت إشراف مجلس أوروبا، وهي مفتوحة للانضمام من قبل الدول غير الأوروبية كذلك، مثل تونس.

تهدف الاتفاقية إلى توحيد التشريعات الوطنية للدول الأعضاء فيما يخص الجرائم الإلكترونية، وتوفير إطار قانوني للتعاون الدولي، خاصة في ما يتعلق بجمع الأدلة الرقمية، وملاحقة المتورطين في جرائم مثل:

  • اختراق الأنظمة
  • سرقة البيانات
  • التزوير الإلكتروني
  • نشر البرمجيات الخبيثة
  • الاعتداءات على السلامة الرقمية للأفراد

وتشدد الاتفاقية على ضرورة التوازن بين مكافحة الجريمة الإلكترونية وحماية حقوق الإنسان، لا سيما حرية التعبير وحرية الوصول إلى المعلومة.

وبانضمام تونس إلى هذه الاتفاقية، تكون ملزمة بتكييف قوانينها الوطنية لتتوافق مع المعايير الدولية، وهو ما يجعل من مراجعة المرسوم عدد 54 ضرورة ملحّة لتجنّب التضارب بين التشريع الداخلي والالتزامات الدولية.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!