قدّم يوم 2 سبتمبر 2025 كلّ من النائب الجمهوري جو ويلسون وزميله الديموقراطي جيسون كرو مشروع قانون جديد إلى الكونغرس الأميركي يحمل عنوان استعادة الديموقراطية في تونس . و بعد قراءته الأولى، تمت التوصية بإحالته إلى لجنة التشريع ولجنة العلاقات الخارجية للنظر فيه، وذلك طبقًا للإجراءات المتبعة في النظام التشريعي الأميركي.
وقبل احالته الى هاتين اللجنتين “سيبدأ محلل تشريعي في خدمة البحث البرلماني (Congressional Research Service) بتحليل هذا التشريع بعد توفر نصه.” وهي هيئة بحثية تابعة للكونغرس الأميركي تقدم تحليلات وتقارير غير حزبية حول مشاريع القوانين والسياسات.
الهدف هو مساعدة النواب وأعضاء الشيوخ على فهم القضايا القانونية والاقتصادية والسياسية المتعلقة بمشاريع القوانين.
والصورة التالية توضح أن هذا المشروع مازال لم يحل على اي لجنة من اللجان رغم مرور أسبوع عن طرحه .

ورغم أن الإحالة إلى اللجان تعتبر خطوة تقنية، إلا أنها في الواقع تمثل العقبة الجوهرية أمام أي مشروع قانون. فاللجان البرلمانية تحتفظ بسلطة واسعة: يمكنها عقد جلسات استماع واستدعاء خبراء لمناقشة النص، كما يمكنها إدخال تعديلات جوهرية قبل إعادة المشروع إلى القاعة العامة. غير أن الأخطر هو أن هذه اللجان تستطيع ببساطة تجاهل النص وعدم إدراجه على جدول أعمالها، وهو ما يُعرف في واشنطن بـ “دفن المشروع” (pigeonholing).
وتشير التجربة العملية إلى أن المئات من مشاريع القوانين تلقى هذا المصير سنويًا، حيث لا تصل مطلقًا إلى مرحلة النقاش أو التصويت العام.
وبالنظر إلى أن مشروع القانون الحالي يحظى حتى الآن بدعم محدود يقتصر على نائبين جمهوريين فقط، فإن حظوظه في اجتياز مرحلة اللجان تظل ضعيفة، خصوصًا في ظل انشغال الكونغرس بملفات كبرى ذات أولوية.
في هذا السياق، يرى مراقبون أن المبادرة تحمل أكثر طابعًا رمزيًا منها مسارًا تشريعيًا فعليًا، إذ يسعى مقدّموها إلى توجيه رسالة سياسية أو تسجيل موقف أمام ناخبيهم وحلفائهم، أكثر من سعيهم لتمرير نص قانوني قابل للتنفيذ. فحتى في حال عدم مناقشته، يحقق المشروع غايته كأداة ضغط ورسالة رمزية داخل المشهد السياسي الأميركي.
في عام 2024، كان الكونغرس الأميركي في دورته الـ118 من أقل الدورات إنتاجية في التاريخ الحديث، حيث تم تمرير 78 قانونًا فقط حتى أغسطس من نفس العام، وهو ما يُعدّ أقل من ثلث القوانين التي تم تمريرها في الدورات السابقة .
ورغم عدم توفر إحصائيات دقيقة حول عدد مشاريع القوانين التي تم “دفنها” أو تجاهلها في اللجان، إلا أن هذه الأرقام تشير إلى أن الغالبية العظمى من المشاريع لم تُناقش أو تُصوّت عليها. وبالنظر إلى أن الكونغرس شهد انقسامًا سياسيًا حادًا، فإن العديد من المشاريع لم تُدرج حتى على جداول أعمال اللجان، مما يعكس ظاهرة “دفن المشاريع” (pigeonholing) بشكل غير رسمي.

