في بيان لوزارة الخارجية أكّدت الإمارات العربية المتحدة “التزامها الراسخ بمنع أي استغلال لأراضيها أو موانئها أو مجالها الجوي في أي أنشطة غير مشروعة، ولا سيما تلك التي ترتبط بمحاولات تهريب الأسلحة لأي طرف من أطراف الحرب الأهلية في السودان، أو غيره من مناطق التوتر الأخرى. “
وشدّدت وزارة الخارجية، في بيان لها، على اعتمادها نهجاً ثابتاً يقوم على تطبيق أعلى معايير الرقابة والامتثال للقوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، بما يُعزز الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.
كما تؤكد وزارة الخارجية أنّ موقف دولة الإمارات ثابت في رفض الاتجار غير المشروع بالأسلحة ومكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، انطلاقاً من مسؤوليتها في دعم الجهود الدولية الرامية إلى حماية السلم والأمن الدوليين، والتزامها الكامل بقرارات مجلس الأمن والمواثيق الدولية ذات الصلة.
و”تواصل دولة الإمارات العمل بشكل وثيق مع شركائها الإقليميين والدوليين لتعزيز منظومة التعاون وتبادل المعلومات، وبما يُسهم في منع الأنشطة غير المشروعة التي تُهدد الأمن والاستقرار في المنطقة. ” حسب نص البيان .
وفي الأثناء أعلنت نيابة أمن الدولة في أبوظبي عن انتهاء تحقيقاتها في قضية محاولة تمرير كمية ضخمة من الذخائر العسكرية إلى الجيش السوداني عبر الأراضي الإماراتية، وذلك في إطار صفقة مزورة تم إحباطها في أفريل الماضي.
أفادت وكالة أنباء الإمارات، نقلاً عن مصدر مسؤول في نيابة أمن الدولة، أن التحقيقات التي باشرتها النيابة في أبوظبي بشأن محاولة تهريب عتاد عسكري إلى السودان قد اكتملت، بعد أن تم الكشف عن محاولة تمرير نحو خمسة ملايين قطعة ذخيرة إلى الجيش السوداني عبر طائرة خاصة. وأوضحت السلطات أن العملية تمت باستخدام عقود مزورة ضمن صفقة عسكرية، وهي رواية أثارت شكوكاً لدى مصادر عسكرية سودانية آنذاك، خاصة في ظل المعلومات التي نشرتها الإمارات حول نوع الذخائر وكميتها، حيث أشارت إلى أن الطائرة كانت تحمل خمسة ملايين طلقة من نوع “قرنوف”، وهو رقم اعتبره خبراء يتطلب أكثر من خمس طائرات شحن كبيرة، وليس طائرة واحدة فقط.
ذكرت السلطات الإماراتية أن المتهمين تم ضبطهم أثناء معاينتهم كمية كبيرة من الذخائر العسكرية داخل طائرة خاصة في أحد مطارات الدولة، وتحديداً من نوع “جيرانوف” عيار 62×54.7، وذلك تحت إشراف النيابة العامة وبموجب أذون قضائية صادرة من النائب العام بالضبط والتفتيش. كما تم العثور على جزء من متحصلات الصفقة المالية بحوزة اثنين من المتهمين، في خطوة وصفتها السلطات بأنها تأتي ضمن جهود الدولة لتعزيز الشفافية والعدالة في التعامل مع القضايا الأمنية الحساسة.
أكد المصدر المسؤول، وفقاً لما نقلته وكالة أنباء الإمارات، أن المتهمين سيُحالون إلى المحاكمة، في إطار الإجراءات القانونية المعتمدة لدى دولة الإمارات، والتي تلتزم بمعايير العدالة الدولية. وأشار إلى أن التحقيقات كشفت عن تورط أعضاء الخلية في تعاملات مباشرة مع قيادات عسكرية سودانية، من بينهم ضباط ومسؤولون سياسيون ورجال أعمال، إلى جانب أفراد وشركات مدرجة على قوائم العقوبات الأمريكية والانتربول الدولي.
وجاء نشر نتائج التحقيقات بعد ساعات من تصريحات لوزير الخارجية الامريكية امس الخميس حيث أعلن وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، خلال تصريحات أدلى بها للصحافيين عقب مغادرته اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في كندا، أن بلاده ترى ضرورة اتخاذ إجراءات دولية لوقف إمدادات الأسلحة والدعم الخارجي الذي تتلقاه قوات الدعم السريع، مشيراً إلى أن هذه القوات تواصل تحقيق تقدم ميداني رغم خطورة الوضع. وقال روبيو إن ما يحدث في السودان “مرعب”، محملاً قوات الدعم السريع مسؤولية التصعيد، خاصة بعد سيطرتها الأخيرة على مدينة الفاشر، رغم إعلانها قبول مقترح هدنة أميركي. وأضاف أن المشكلة تكمن في أن قوات الدعم السريع توافق على المبادرات، لكنها لا تلتزم بتنفيذها.
أوضح روبيو أن قوات الدعم السريع تعتمد بشكل أساسي على التمويل والدعم الخارجي، نظراً لافتقارها إلى مرافق تصنيع الأسلحة الخاصة بها. وأشار إلى أن هذا الدعم يأتي من دول محددة، تعرفها الولايات المتحدة جيداً، وستتواصل معها لشرح تداعيات استمرار هذا الدعم على الوضع في السودان وعلى الاستقرار الدولي. ولفت إلى أن استمرار تدفق الأسلحة إلى هذه القوات من شأنه أن ينعكس سلباً على تلك الدول وعلى المجتمع الدولي بأسره، إذا لم يتم اتخاذ خطوات حاسمة لوقف ما وصفه بالكارثة.
رحبت وزارة الخارجية السودانية بتصريحات وزير الخارجية الأميركي، معتبرة أنها تمثل خطوة مهمة نحو محاسبة قوات الدعم السريع وداعميها. وفي بيان رسمي نقلته وكالة الأنباء السودانية “سونا”، دعا وزير الخارجية السوداني، محيي الدين سالم، إلى تحويل هذه التصريحات إلى إجراءات عملية لمساءلة كل من ساهم في دعم قوات الدعم السريع، سواء عبر تزويدها بالسلاح أو السماح باستخدام أراضيه لإدخال الأسلحة والمرتزقة، أو من قدم لها دعماً سياسياً وروّج لها على المستوى الإقليمي والدولي. وأكد سالم أن تصنيف هذه القوات كمنظمة إرهابية من شأنه أن يساهم في تصحيح رؤية المجتمع الدولي لما يجري في السودان، ويمهد الطريق لاتخاذ خطوات أكثر جدية تجاه إنهاء النزاع.
في المقابل، اعتبرت قوات الدعم السريع تصريحات وزير الخارجية الأميركي “غير موفقة”، مؤكدة أنها لا تخدم مسار وقف إطلاق النار أو الجهود الإنسانية الرامية إلى التوصل إلى هدنة. وجاء هذا الرد في وقت تتواصل فيه العمليات العسكرية في مناطق متفرقة من السودان، وسط دعوات دولية متزايدة لوقف القتال وتوفير ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية، في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية في البلاد.

