كشف الخبير في الجباية محمد صالح العياري عن أرقام مقلقة تتعلق بالتهرب الضريبي في تونس، حيث قدّر أن هذه الظاهرة تمثل حوالي 50% من النشاط الاقتصادي الخاضع للضريبة، مشيراً إلى أن ذلك يمثل تحدياً كبيراً أمام العدالة الجبائية ومصداقية النظام الضريبي.
وخلال تدخله في برنامج Midi Express، أوضح العياري أن نسبة التهرب في النظام التقديري كانت في حدود 40% سنة 2020، وقد بلغت، وفق المعطيات الأولية، بين 50% و60% عند بداية الإصلاحات الجبائية، ما يعني أن ما يُصرّح به لا يعكس حقيقة النشاطات الاقتصادية خاصة في القطاعات الحرة.
ماذا تقول الأرقام
عدد أعوان المراقبة الجبائية لا يتجاوز 2300 عون، أي ما يمثل 2.5% فقط من العدد المطلوب.
يقدّر العياري أن تونس بحاجة إلى ما لا يقل عن 4500 إلى 5000 عون لتحقيق الحد الأدنى من النجاعة في مقاومة التهرب.
الضريبة على الدخل لسنة 2025 مبرمجة بـ12.7 مليار دينار، منها 8.7 مليار دينار من الأجراء، أي ما يعادل نحو 70% من الضريبة على الدخل يتحمّلها الأجراء عبر الخصم من المورد.
وانتقد العياري ما وصفه بـ”اللاعدالة الجبائية”، حيث يتحمّل الأجراء العبء الضريبي الأكبر، مقابل تهرّب كبير في صفوف بعض المهن الحرة والتجار. واعتبر أن العدالة الجبائية لا يمكن تحقيقها طالما ظلّت الضريبة تستهدف فئة واحدة دون توسيع القاعدة الجبائية.
الحلول المقترحة:
- رقمنة المنظومة الجبائية بشكل عاجل وفعلي.
- ربط مصالح الجباية بالخدمات الإدارية (مثل التعريف بالإمضاء في البلديات) لتوفير المعطيات في الوقت الحقيقي.
- تعميم أجهزة الدفع الإلكتروني (caisse enregistreuse) في المقاهي والمطاعم للحد من التصريحات العشوائية.
- تحسين الخدمات المقدّمة للمطالبين بالضريبة، كما هو الحال في الدول الاسكندنافية حيث يبلغ التزام المواطنين حوالي 49%، في مقابل خدمات عمومية جيدة.
وختم العياري بالتأكيد على أن رفع مداخيل الدولة الجبائية لا يجب أن يكون عبر إثقال كاهل الأجراء، بل عبر تحسين الالتزام الطوعي، وتوفير الثقة والخدمات. وفي حال تحقيق هذه الإصلاحات، يمكن للدولة أن تتجه نحو تخفيض نسب الضرائب تدريجياً، مما يشجّع المواطنين أكثر على الالتزام الجبائي.

