أكّد الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للحرس الوطني، العميد حسام الدين الجبابلي، مساء السبت، أنّ وحدات الحرس الوطني نجحت في تفادي كارثة بيئية كبرى بولاية قابس، إثر الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها الجهة للمطالبة بتفكيك الوحدات الصناعية التابعة للمجمّع الكيميائي التونسي.
وأوضح الجبابلي، في مداخلته على القناة الوطنية الأولى، أنّ الوحدات الأمنية تمكنت من حماية مقرّ المجمع الكيميائي وتأمين ما يقارب 100 ألف طن من المواد الخطرة، التي كان يمكن أن تتسبب في انفجار أو تسرّب سام لو تمكّنت “المجموعات المخربة” من اختراق صفوف المحتجين والوصول إلى المنشآت الصناعية.
إحباط محاولات اختراق الاحتجاجات
وشدّد العميد الجبابلي على أنّ “المواطنين الشرفاء في قابس لعبوا دوراً محورياً في حماية منطقتهم ومؤسساتهم” من محاولات الاختراق التي سعت إليها مجموعات وصفها بـ”المخربة”، مؤكداً أنّ هذه المجموعات “معروفة لدى الأجهزة الأمنية والقضائية وهي محلّ متابعة دقيقة”.
كما أشار إلى أنّ السلطات فتحت أبحاثاً وتحقيقات شاملة لتحديد المسؤوليات وإحالة المتورطين على القضاء، مشدّداً على أنّ الأمن الوطني تعامل باحترافية عالية مع الاحتجاجات، وتمكّن من الفصل بين المظاهرات السلمية المشروعة وأعمال الشغب والعنف التي حاول البعض استغلالها.
استغلال القُصّر وتحريضهم
وفي جانب آخر، كشف الجبابلي عن معطيات خطيرة تتعلق باستغلال القصر في أعمال الشغب التي رافقت الاحتجاجات، مشيراً إلى أنّ عدداً منهم “تلقوا مبالغ مالية ومواد مخدّرة من أطراف مجهولة دفعتهم للمشاركة في أعمال تخريبية”.
ودعا العميد أولياء الأمور في قابس إلى تحمّل مسؤولياتهم في حماية أبنائهم ومنع الزجّ بهم في صراعات أو تحركات تهدّد الأمن العام، مؤكداً أنّ الأجهزة الأمنية تعمل على تتبع الأطراف التي تقف وراء هذا “التغرير الممنهج” بالقصر.
ضبط الوضع وعودة الهدوء
وبيّن المتحدث أنّ “الهدوء عاد تدريجياً إلى مختلف مناطق ولاية قابس بفضل تضافر جهود الأجهزة الأمنية وتعاون المواطنين”، مشيراً إلى أنّ النيابة العمومية أذنت بإيقاف شخصين فقط تورطا في قضايا حق عام، فيما تم الإبقاء على بقية الموقوفين في حالة تقديم.
وأوضح أنّ الأجهزة الأمنية قامت بتأمين جميع المسيرات السلمية التي نظمها مواطنو قابس للمطالبة ببيئة سليمة، وفق ما يكفله الدستور، مضيفاً أنّه رغم ذلك تم تسجيل اعتداءات خطيرة على قوات الأمن تمثلت في استعمال نحو 500 شمروخ حارق و800 قارورة حارقة (مولوتوف)، إلى جانب أسلحة بيضاء وأعمال سرقة وتخريب للممتلكات العامة والخاصة.
خلفية بيئية معقدة
وفي ما يتعلق بجوهر الأزمة البيئية في قابس، ذكّر الجبابلي بأنّ “رئيس الجمهورية قيس سعيّد كان قد أصدر تعليماته فور تسجيل حالات اختناق بسبب انبعاث الغازات السامة من المجمع الكيميائي، بإيفاد لجنة مشتركة من وزارتي الصناعة والبيئة لتقصّي الوضع ميدانياً”.
وأضاف أنّ الإدارة الفرعية للحرس الوطني كانت قد باشرت منذ سنة 2022 عدة أبحاث شملت مسؤولين في المجمع الكيميائي التونسي، على خلفية تسرّب مواد ملوّثة ومخاطر على الصحة العامة، مشيراً إلى أنّ “ملف قابس لم يعد بيئياً فقط، بل أصبح ذا أبعاد اقتصادية واجتماعية وأمنية”.
نحو حلول جذرية
وأكد الجبابلي أنّ الدولة تسعى حالياً إلى إيجاد حلول جذرية للمشكل البيئي المزمن في قابس، لافتاً إلى اللقاء الذي جمع اليوم وزير التجهيز والإسكان بسفير الصين بتونس، بتكليف من رئيس الجمهورية، للتباحث حول تأهيل وحدات إنتاج المجمع الكيميائي بشاطئ السلام، ومعالجة الانبعاثات والتسربات الغازية، ووضع حد نهائي لمصادر التلوث في المنطقة.

