رغم محدودية انتشارها، تشهد تونس تناميًا تدريجيًا في الجرائم السيبرانية، في ظل توسّع رقمنة الخدمات العمومية والمالية. ووفق ما كشفه تقرير مؤشر الجريمة المنظمة العالمي 2025، فإن الهجمات السيبرانية المسجّلة في تونس لا تزال محصورة نسبيًا، لكنها تتّخذ أشكالًا متنوّعة تشمل البرمجيات الخبيثة وهجمات الفدية والتصيّد الإلكتروني، ما يجعلها خطرًا متناميًا على المؤسسات الاقتصادية والإدارية.
تهديدات تستهدف المؤسسات والأفراد
تشير المعطيات إلى أنّ أغلب الحوادث رُصدت في مؤسسات صغيرة ومتوسطة، وأحيانًا في الإدارات المحلية التي تعتمد أنظمة حماية ضعيفة. كما تم تسجيل حالات احتيال إلكتروني استهدفت متعاملين ماليين وبنوكًا رقمية ناشئة، عبر إرسال روابط مزيفة وسرقة بياناتهم الحساسة.
ويُبرز التقرير أن الجرائم السيبرانية في تونس لا ترتبط فقط بالابتزاز المالي، بل تشمل كذلك محاولات لاختراق قواعد بيانات رسمية وملفات حساسة، بعضها لأغراض تجسسية أو تجارية.
كلفة مالية وتداعيات ثقة
تؤكد المؤشرات أن المؤسسات التونسية تتكبّد خسائر مالية متزايدة بسبب هجمات الفدية والاختراق، إضافة إلى الأثر غير المباشر المتمثل في تراجع ثقة المواطنين في المنصات الإلكترونية الرسمية والخدمات الرقمية، ما يعطّل جهود الدولة في التحول الرقمي.
ويشير التقرير إلى أن بعض الهجمات تمت من خارج البلاد، مستغلة ضعف الحماية المعلوماتية في المؤسسات المحلية وغياب التنسيق بين الأجهزة الأمنية المختصة.
استجابة محدودة وحاجة ملحّة للإصلاح
رغم وجود وحدات مختصة في وزارة الداخلية والديوان الوطني لحماية المعطيات الشخصية، فإن تونس ما زالت تفتقر إلى منظومة وطنية متكاملة للأمن السيبراني قادرة على الاستجابة السريعة للحوادث، وتبادل المعلومات بين القطاعين العام والخاص.
كما أوصى التقرير بتعزيز التكوين الأمني والتقني، وإنشاء مركز وطني للاستجابة للحوادث السيبرانية، مع دعم التعاون الدولي وتبادل الخبرات مع أوروبا والاتحاد الإفريقي.
يختم التقرير بالتحذير من أنّ الجرائم السيبرانية، رغم محدوديتها الحالية، يمكن أن تتحول إلى تهديد بنيوي إذا لم تُواكبها سياسات أمن رقمي صارمة واستثمارات في البنية التحتية للحماية.

