قالت القاضية التونسية أنيسة التريشيلي في تدوينة لها ظهر اليوم “إنّه بعد المعركة الشرسة التي اندلعت بين قطاع المحاماة وقطاع عدول الإشهاد بسبب مقترح الطلاق بالتراضي أمام مكتب عدل الإشهاد، وبعد أن انتهى الأمر بسحب هذا المقترح نهائيًا، وجب التوضيح:
أولًا: لا يمكن لعدل الإشهاد أن يحيط بكل الجوانب المتعلقة بالنظام الشخصي العام، والذي يتطلّب حماية دقيقة لحقوق القُصّر، بما في ذلك مسائل الحضانة، ومصلحة الطفل الفضلى، وتقدير النفقة، ومنحة السكن أو البقاء في محلّ الزوجية، وغيرها من الإشكالات التي لا يمكن أن يتناولها أو يقدّرها سوى ممارس خبير في المحاكم. كما أن هذه القضايا لا يمكن تجاوزها دون مصادقة قضائية، لأنها تتعلّق بالنظام العام الشخصي.
ثانيًا: الأخطر من ذلك هو أن طرح مشاريع قوانين مماثلة يجب أن يمرّ عبر مشاورات موسّعة ونقاش عميق بين مختلف الفاعلين في المنظومة القضائية، ولا يمكن أن يتمّ عبر إسقاطات تشريعية أحادية.
ثالثًا: بعد سحب المقترح، نجد أنفسنا أمام قطاعين تصادما بلا جدوى — وللأسف، حول أمر لا يُفيد البلاد في شيء. كما أنّ الهياكل القضائية لزمت الصمت — وهو صمت خاطئ — إزاء مشروع يمسّ النظام القضائي ويضرب في صميم المجتمع.
رابعًا: إلى متى سنظل نقع في فخ مشاريع زائفة أشبه ببالونات اختبار، لا تنتج إلا خصومات وهميّة وتصنع أعداءً من ورق، دون أن تُصلح من الواقع شيئًا؟”


