شهدت الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف بتونس، اليوم، جلسة ساخنة في قضية التآمر على أمن الدولة 1، وسط حضور لافت لهيئة الدفاع ومجموعة من الصحفيين والملاحظين الذين سُمح لهم بمتابعة أطوار الجلسة لأول مرة منذ أشهر.
رفض مطلق للمحاكمة عن بعد
جدّد المحامون تمسكهم بضرورة حضور المتهمين ماديًا داخل قاعة الجلسة، مؤكدين أنّ المحاكمة عن بعد لا توفّر الحدّ الأدنى من شروط المحاكمة العادلة.
وقال عميد المحامين بوبكر بالثابت:”نسجّل بإيجابية تمكين الصحفيين والملاحظين من دخول الجلسة، لكن يبقى الحضور الفعلي للمتهمين عنصرًا جوهريًا لا يمكن تجاوزه.” والدفاع مستعد للتعاون مع المحكمة
ومن جانبها، اعتبرت الأستاذة آسيا الحاج سالم أنّ المتهمين يرفضون المحاكمة عن بعد لأنها تعيق حقّهم في الدفاع، مضيفة:”الصوت لا يُسمع أحيانًا والبث يمكن أن ينقطع… والمحاكمة في ملف رأي عام يجب أن تكون حضورية وعلنية.”
وخلال النقاش حول وضعية الموقوف جوهر بن مبارك، أكّد رئيس الجلسة أنه دوّن في الملف وجود شبهة تعذيب، قائلاً:”أنا أتحمّل مسؤوليتي… وإذا تعرّضتُ يومًا للخوف أو الضغط فسأستقيل.”
دفاع: جلسة دون متهمين ولا نعرف من يجيب من السجن
المحامي علي بن منصور انتقد عقد الجلسة دون حضور المتهمين، متسائلًا:”كيف تتمّ الجلسة والمتهمون غائبون؟ من يجيب من السجن؟ لا نعلم هويته.”
كما طرح مسألة غياب النيابة العمومية، ليجيبه القاضي:”يمكن عقد الجلسة دون النيابة ونعتبرها تغيّبت.”
بن منصور عاد ليُشير إلى أزمة استقلال القضاء وتلقي التعليمات، مستشهدًا بتصريحات وزيرة العدل بشأن “التسمية بالمذكرات”.
فردّ القاضي:”أنا مُسمّى بمذكرة… ونعرف روحي.”
سمير ديلو: دولة بثلاثة آلاف سنة حضارة غير قادرة على تأمين حضور المتهمين؟
المحامي سمير ديلو قال إنّ المحاكمة عن بعد لا تستجيب لشروط المحاكمة العادلة، مضيفًا:”هناك موقوفون يُنقلون من جندوبة إلى المرناقية، ومع ذلك يقال إنّ تأمين حضورهم لباب بنات خطير! كيفاش بلاد 3000 سنة حضارة موش قادرة تجيب متهمين للجلسة؟”
كما كشف أنّ منوّبه علي الحليوي طعن في الحكم الابتدائي لأنه صدر غيابياً دون إعلامه، وطالب بتأجيل الملف إلى السنة القادمة إلى حين البت في الطعن.
طلب الاطلاع على تقرير مخابرات أجنبية
المحامي أمين بوكر انتقد اعتماد المحكمة الابتدائية في الصفحة 124 من الحكم على تقرير استخباراتي لدولة أجنبية صديقة دون تمكين الدفاع من الاطلاع عليه.
وقال:”نطالب بالاطلاع على التقرير وعلى المؤيدات التي نُسبت استنادًا إليها تصريحات لشيماء عيسى.”
سامية عبو تطلب تجريح رئيس الجلسة
الأستاذة سامية عبو تقدّمت بطلب تجريح في رئيس الجلسة، مؤكدة أنّ منوّبها غازي الشواشي تبلّغ عن شبهات جدية بخصوص القاضي وصلت إلى التفقدية.
وأضافت:”وزيرة العدل تتولى هذا الملف، وهي نفسها التي تعيّن القضاة بمذكرات مخالفة للقانون… كيف تكون المحكمة مستقلة ورئيس الجمهورية قال: من يبرئهم فهو شريك لهم؟”
القاضي اكتفى بتدوين ملاحظاتها قائلاً:”لست مختصًا في البتّ في التجريح في شخصي.”
تأجيل بطلب جماعي
في ختام المرافعات، أكّد المحامون أنّ المتهمين لا يرفضون الحضور، بل يرفضون المحاكمة عن بعد، وطالبوا بتأجيل الجلسة لضمان حضورهم الفعلي والاستجابة لكل المطالب الشكلية والقانونية.
ملاحظة
هذه التغطية مستندة إلى رواية الصحفية أميرة محمد التي كانت داخل قاعة الجلسة وإلى مداخلات المحامين كما وردت حرفيًا.
