رغم أن الكثيرين قد يغفلون عن ذلك، فإن لتونس شبكة سكك حديدية واسعة تمتد على نحو 2000 كيلومتر، وتضم 23 خطًا تربط بين معظم المدن الكبرى، لاسيما على امتداد السواحل. ورغم أن استخدام القطار لا يُعد شائعًا بما يكفي في صفوف السياح، إلا أن بعض الخطوط تقدم تجارب سفر فريدة تمكّن الركاب من اكتشاف مناظر طبيعية خلابة، ما يمنحها عن جدارة لقب “الخطوط السياحية”.
ومن بين هذه الخطوط، يبرز “الخط 13” الشهير، الرابط بين مدينة المتلوي ومدينة توزر، والذي يستعد للعودة إلى الخدمة قبل نهاية صيف 2025، بعد انقطاع دام أكثر من خمس سنوات بسبب تراكم الرمال الزاحفة من صحراء الجنوب.
يمتد الخط على مسافة قصيرة نسبيًا لا تتجاوز 50 كيلومترًا، إلا أن قيمته تتجاوز المسافة بكثير. فالقطار يعبر مناطق ذات طبيعة صحراوية آسرة، مما يجعله وسيلة نقل ذات بُعد سياحي وتراثي متميز. ومع إعادة تشغيله، يأمل المشرفون أن يُسهم في إحياء الحركة الاقتصادية في الجنوب التونسي، ودفع عجلة السياحة الصحراوية التي تعتبر مصدر دخل حيوي للجهة.

إعادة الربط بين توزر والمدن الأخرى، وخاصة العاصمة تونس ومدن الساحل، ستمنح الزوار خيارًا مريحًا وبديلًا مستدامًا عن الطائرة أو الحافلة أو السيارات الخاصة، وهو ما يُسهم في تسهيل التنقل وجعل الجنوب أكثر انفتاحًا على الزائرين.
وتتميز هذه المنطقة التي سيخترقها القطار بمشاهد طبيعية أخاذة وتراث معماري غني، مما قد يجعل منها وجهة مفضلة لعشاق السياحة البديلة والمغامرات الصحراوية.
وقد عبّر عدد من الفاعلين في القطاع السياحي، من مشغلي الرحلات والفنادق والمطاعم إلى المرشدين السياحيين المحليين، عن تفاؤلهم بهذه العودة التي يرون فيها فرصة لتعزيز التنمية المستدامة بالجهة. كما أن السكان المحليين في المدن والقرى التي يخدمها الخط، من المتوقع أن يستفيدوا من تحسين وسائل النقل، وتوفير فرص الشغل والخدمات المصاحبة للنشاط السياحي.
ومن المنتظر أن يُواكب إعادة تشغيل الخط تحديث للبنية التحتية، من خلال تجديد العربات وتحسين مستوى الراحة والسلامة، بما يليق بالمراهنة على الخط 13 كأحد جسور التنمية في الجنوب التونسي.
في المحصّلة، يبدو أن تونس على موعد مع استعادة واحدة من جواهرها المنسية في النقل والسياحة، في مشروع يُراهن عليه ليكون نموذجًا للربط بين التراث، والتنمية، والاستدامة.

