شرعت محكمة المحاسبات بفرنسا في حملة رقابة مشددة تستهدف فئتين من المتقاعدين، على رأسهم الفرنسيون المقيمون في الخارج، في محاولة للحدّ من الاحتيال في نظام التقاعد، الذي يُكلّف خزينة الدولة نحو 60 مليون يورو سنويًا.
وتقدّر السلطات الفرنسية عدد المتقاعدين المقيمين خارج البلاد بأكثر من مليون شخص، من بينهم 37 395 فرنسيًا اختاروا الإقامة في تونس خلال شيخوختهم، نظرًا لكلفة المعيشة المناسبة وارتباطات تاريخية وثقافية.
محكمة،المحاسبات في تقرير حديث لها، شددت على ضرورة التثبت من “وجود” هؤلاء المتقاعدين على قيد الحياة، خصوصًا بعد تسجيل حالات عديدة لاستمرار صرف المعاشات لأشخاص متوفين دون علم الصناديق المختصة، وهو ما تُسهم فيه صعوبة التبليغ عن الوفاة في الدول الأجنبية.
وبحسب التقرير، تستغل بعض الأطراف، غالبًا من أقارب المتوفين، هذا الفراغ الرقابي للاستمرار في سحب المعاشات شهريًا بعد وفاة المتقاعد. وفي هذا السياق، تم تحديد عشر دول يُطلب فيها تدقيق خاص، بينها تونس، إلى جانب الجزائر والمغرب وتركيا وإسبانيا وإيطاليا.
وللتصدي لهذا النوع من الاحتيال، أعلنت السلطات الفرنسية عن إجراءات رقابية جديدة تشمل إلزام المتقاعدين في الخارج بتقديم شهادة حياة، وبطاقة هوية سارية، ونسخة أصلية من شهادة الميلاد، في أجل أقصاه ثلاثة أشهر. كما سيتم تكثيف الاستدعاءات الشخصية للمتقاعدين في القنصليات الفرنسية، وفي حال عدم الاستجابة، قد يتم تعليق صرف المعاشات.
إلى جانب المتقاعدين المقيمين بالخارج، تستهدف محكمة المحاسبات فئة أخرى متزايدة العدد: المتقاعدون الذين يجمعون بين العمل والتقاعد. فبينما بلغ عددهم في 2022 نحو 381 ألفًا، ارتفع اليوم إلى أكثر من 710 آلاف. ويثير هذا الوضع قلق السلطات بسبب ما وصفته بـ”الفرص الانتهازية”، حيث يستفيد بعض الأثرياء من النظام، مثل أطباء تتجاوز مداخيلهم السنوية 100 ألف يورو، إلى جانب معاشاتهم التقاعدية.
ودعت المحكمة إلى مراجعة شروط الجمع بين المعاش والنشاط المهني، وتكثيف الرقابة على هذه الفئة أيضًا، معتبرة أن النظام وُضع بالأساس لدعم محدودي الدخل، وليس ليصبح وسيلة لتحقيق دخل مزدوج للأثرياء.
ورغم هذه التحفظات، يؤكد خبراء أن هذا النظام لا يزال يُعتبر ضرورة لكثير من المتقاعدين الفرنسيين، في ظل تراجع المعاشات التي لا تمثل سوى 74% من آخر راتب حسب بيانات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE).

