في تطور لافت داخل مجلس نواب الشعب، وجّهت النائب فاطمة المسدّي سؤالًا كتابيًا إلى وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم، كشفت فيه عن إخلالات هيكلية وتقنية وإدارية خطيرة داخل الشركة التونسية الإيطالية لاستغلال النفط (SITEP)، معتبرة أن هذه التجاوزات تضرب في عمق الشفافية وحوكمة المال العام، وتنعكس مباشرة على كلفة الإنتاج وجدول المشاريع النفطية بالشراكة الأجنبية.
إخلالات في صيانة الآبار وخسائر بمئات آلاف الدنانير
المسدّي أشارت إلى أن وثائق فنية داخلية للشركة تُظهر تكرار التدخلات على نفس الآبار خلال فترات قصيرة جدًا، ما يكبّد المؤسسة خسائر مالية كبيرة، من بينها:
- بئر EB75B (25 فيفري 2025) بكلفة 675.808 د.ت،
- بئر EB103 (Alpha + B) (21 أفريل 2025) بكلفة 413.300 د.ت،
- نفس البئر EB103 (Alpha + B) (28 جويلية 2025) بكلفة 350.524 د.ت،
- إلى جانب بئر EB24 حسب إفادات ميدانية.
وأوضحت النائب أن كل هذه العمليات نُفّذت بواسطة المنصة FRANKS 300 SITEP، وأنها تتكرّر بمعدل مرتين سنويًا للبئر الواحد، في حين تُعزى الأسباب المعلنة إلى أعطال تقنية بسبب استعمال وحدات ضخ قديمة (pompes usagées) أو إلى سرقة الأسلاك السطحية.
وقالت المسدّي إن تكرار نفس الأعطال في نفس الآبار “لا يمكن تفسيره إلا بسوء تقدير فني أو إخلال في الصيانة أو حتى وجود شبهات تضخيم فواتير وصيانة غير ناجعة“، مؤكدة أن كل عملية تتسبب في خسائر تتراوح بين 270 و650 ألف دينار إضافة إلى خسارة الإنتاج خلال فترة الأشغال.
وطالبت النائب الوزيرة بتوضيح أسباب الإبقاء على هذه المعدات القديمة، وبالكشف عن أي تقرير محاسبي أو فني لتقييم جدوى هذه التدخلات، مع تحديد المسؤوليات الإدارية والفنية في حال ثبوت سوء التصرف.
تأخير في مشاريع الحفر الجديدة بالشراكة الإيطالية
وفي محور ثانٍ، تطرّقت المسدّي إلى تأخير عمليات حفر بئرين جديدين بالشراكة مع الجانب الإيطالي، والمبرمجتين خلال أكتوبر 2025، حيث سجّلت تأخيرات بين 3 و5 أسابيع رغم أن كلفة كل بئر تتراوح بين 40 و45 مليار مليم.
وأرجعت الأسباب إلى:
- تباطؤ الإجراءات الإدارية في طلبات العروض،
- تعيينات مبنية على المحاباة بدل الكفاءة،
- عدم جاهزية المنصة التقنية في الموعد المحدد،
- تأخر في التزوّد بالمستلزمات الحيوية للحفر.
وأكدت المسدّي أن هذه الممارسات تمثل “دليلًا إضافيًا على ضعف الحوكمة وسوء التخطيط داخل الشركة”، وأن التأخير تسبب في خسائر زمنية وإنتاجية كبيرة.
شبهات محاباة وتسيّب إداري
وأشارت المسدّي إلى أن المعطيات التي بحوزتها تكشف عن تعيينات مشبوهة تمت على أساس الولاء والمحاباة، لا على أساس الكفاءة، ما أثّر على أداء مصالح التخطيط والإمداد الفني.
كما حذّرت من أن تكرار هذه الممارسات يعكس منظومة تسيّب إداري قد تخفي تضارب مصالح أو شبكات نفوذ داخل الشركة الوطنية للطاقة.
مطالبة بتحقيق عاجل
وختمت النائب فاطمة المسدّي سؤالها بدعوة صريحة إلى:
- فتح تحقيق إداري ورقابي عاجل لتحديد المسؤوليات،
- تقييم شامل لنجاعة منظومة الصيانة والتخطيط البترولي،
- مراجعة معايير التعيين داخل الشركة لضمان الشفافية والكفاءة،
- إصلاح شامل لمنظومة الحوكمة في قطاع النفط والطاقة.
وأكدت أن الهدف من هذا السؤال البرلماني هو حماية الثروات الوطنية ومنع نزيف المال العام، داعية الحكومة إلى التعامل مع الملف بـ”الجدية القصوى لما يمثّله من مساس مباشر بالسيادة الطاقية للبلاد”.




