أثار منشور للوزيرة السابقة سلوى العباسي بن علي جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن اقترحت فيه ما وصفته بـ«حلول لأزمة قابس» عبر تسخين مادة الفوسفوجيبس لإعادة استخدامها في حالة غازية مع إضافة بخار الماء للحصول على حامض كبريتيك، معتبرة أن ذلك يمكن أن يفتح المجال لتحويل الفوسفوجيبس إلى إسمنت، ويساعد تونس على الاستغناء عن استيراد الكبريت من الخارج، مما يوفر مليارات ويخلق فرص عمل في مجال الطاقة النظيفة.
لكن الباحث التونسي سامي لخضر، مدير الأبحاث بالمركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا (CNRS) ورئيس مخبر علمي في مدينة تولوز، ردّ على هذا الطرح بلهجة علمية صارمة، مؤكدًا أن ما ورد في المنشور «لا يمتّ إلى الكيمياء بصلة، بل يعكس جهلًا علميًا فادحًا بمكونات الفوسفوجيبس وخواصّه».
وقال الدكتور لخضر في رده الذي نُشر عبر صفحته الرسمية:”ما كتبته السيدة الوزيرة السابقة للتربية عن تحويل الفوسفوجيبس أخطر بكثير مما يستحقه إخوتنا وأصدقاؤنا في قابس، ويؤكد أن من هبّ ودبّ قادر على اعتلاء أعلى المناصب في بلد يُفترض أنه يقدّر جودة التعليم وكفاءة أبنائه.”
وأوضح الباحث أن الفوسفوجيبس (Phosphogypsum) هو ناتج ثانوي لتصنيع الأسمدة الفوسفاتية، ويتكون أساسًا من كبريتات الكالسيوم وشوائب معدنية مشعة وفلوريدات وفوسفات. وأشار إلى أن هذا المركب لا يتحوّل إلى حامض كبريتيك بالتسخين ولا بالبخار ولا بأي تفاعل بسيط، لأن تكوين الحامض الكبريتي يتطلب عمليات أكسدة وتحفيز كيميائي معقدة باستخدام ثاني أكسيد الكبريت وثالث أكسيد الكبريت في درجات حرارة محددة وتحت ظروف صناعية دقيقة.
وأضاف ساخرًا:”لا يمكن تحويل الرمل إلى ذهب بتسخينه، ولا الفوسفوجيبس إلى حامض بمجرد النار أو الماء. هذا ليس علمًا بل ضرب من التمنّي الفلسفي.”
وختم الدكتور سامي لخضر بالقول إنّ ما يحدث هو «نموذج مؤلم لكيفية انحدار الخطاب العلمي في البلاد إلى وصفات فيسبوكية»، معتبرًا أن أزمة قابس البيئية لا تُحلّ بالمنشورات ولا بالسحر، بل بفهم علمي دقيق واستراتيجيات مستدامة لإدارة النفايات الصناعية ومراقبة التلوث.


