يشهد العالم تحوّلاً استراتيجياً غير مسبوق في النظام الاقتصادي العالمي، حيث بات تكتل “البريكس” (BRICS) – الذي يضم البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب إفريقيا، بالإضافة إلى دول جديدة مثل مصر، المملكة العربية السعودية، الإمارات، إيران، وإثيوبيا – يتجاوز مجموعة الدول السبع الكبرى (G7) من حيث الوزن الاقتصادي والديموغرافي وحتى التأثير السياسي العالمي.
أرقام مقارنة بين “البريكس” و”G7″:
| المؤشر | البريكس (2024) | مجموعة السبع G7 (2024) |
|---|---|---|
| نسبة الناتج الداخلي الخام العالمي | 40% تقريباً | حوالي 30% |
| النمو الاقتصادي العالمي | أكثر من 50% من النمو العالمي | أقل من 30% |
| عدد السكان | 3.5 مليار نسمة (45% من سكان العالم) | نحو 770 مليون نسمة (10%) |
| احتياطات النقد الأجنبي | تفوق 4.5 تريليون دولار | حوالي 1.5 تريليون دولار |
| إنتاج النفط والغاز | أكثر من 40% من الإنتاج العالمي | أقل من 30% |
| الذهب والمعادن الاستراتيجية | تهيمن روسيا والصين على الإنتاج والتصدير | واردات كثيفة ومحدودية في الموارد |
أبعاد جيوسياسية متنامية
يؤشر هذا التقدّم إلى إعادة تشكيل النظام العالمي على أسس متعددة الأقطاب، تنهي أو تقلّص من الهيمنة الغربية التي سادت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
- التحرر من الدولار: تعمل دول “البريكس” على تقليص اعتمادها على الدولار الأمريكي في التبادلات التجارية، وتوسيع استخدام عملاتها المحلية، في مسعى لتقليل نفوذ المؤسسات المالية الغربية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
- التحالفات الجغرافية الجديدة: بانضمام دول عربية وإفريقية وآسيوية، أصبحت “البريكس” تمثل مصالح الجنوب العالمي، وتقدم نفسها كمنصة بديلة لـ”النيوليبرالية الغربية”، مع التركيز على التنمية العادلة والسيادة الوطنية.
- مشاريع البنية التحتية والطاقة: تمول الصين وروسيا ودول خليجية داخل البريكس مشاريع كبرى في مجال الطاقة، البنية التحتية، والمبادلات التجارية، خصوصاً في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، مما يعزز النفوذ الجغرافي والسياسي للتكتل.
- مؤسسات مالية موازية: أسس “البريكس” بنك التنمية الجديد (NDB)، الذي يُعد بديلاً مرناً وموجهاً لمصالح الدول النامية، خلافًا للمؤسسات الغربية التقليدية.
في الخلاصة:
تجاوز “البريكس” لمجموعة السبع لا يعكس فقط قوة اقتصادية متصاعدة، بل يشير إلى ولادة نظام عالمي جديد، تتراجع فيه الأحادية القطبية لصالح توازن أوسع وأكثر تمثيلاً لتنوع الحضارات والثقافات والمصالح العالمية.
هذا التحول لا يزال في بداياته، لكنه يؤسس لعقود قادمة قد يشهد فيها العالم صراعات وتفاهمات جديدة، لن تُحسم فيها الأمور فقط بالأرقام، بل أيضاً بالرؤية السياسية والشراكات الإستراتيجية بعيدة المدى.

