رغم أن الجالية التونسية في فرنسا تُعد من أكثر الجاليات التونسية هدوءًا، إلا أن أرقام وزارة الداخلية الفرنسية تكشف عن صورة أكثر تعقيدًا للواقع. حسب بيانات حصلت عليها قناة CNEWS يوم الجمعة، بلغ عدد التونسيين المقيمين بصفة قانونية في فرنسا إلى غاية 31 ديسمبر 2024 نحو 304.287 شخصًا– عدد التونسيين المولدين بفرنسا او مزدجي الجنسية يبلغ حوالي 700 ألف -.
لكن الأرقام تتجاوز ذلك عند النظر إلى التونسيين في وضعية غير قانونية. ففي يوليو 2025، بلغ عدد التونسيين الذين تم إدراجهم في إجراءات إدارية بسبب وضعهم غير القانوني أكثر من 9.500 شخص في فرنسا. ويُعرف مصطلح «الإجراءات» في القانون الإداري الفرنسي على أنه إشعار رسمي من السلطات الإدارية الأجنبية (OQTF أو إجراءات ترحيل) للشخص غير النظامي، مع إمكانية تقديم طعن ومتابعة الملف من قبل المحافظة.
وعلى الرغم من انخفاض الأرقام مقارنة بالسنوات السابقة، حيث تم اتخاذ «إجراءات» بحق 13.413 تونسيًا في 2024 و11.806 تونسيًا في 2023، إلا أن عدد الأشخاص الذين صدرت بحقهم أوامر مغادرة الأراضي الفرنسية (OQTF) ما يزال مرتفعًا: 10.439 شخصًا في 2024 مقابل 5.420 في الربع الثاني من 2025.
وتبقى مسألة التعاون بين فرنسا وتونس في هذا المجال محدودة، إذ نفذت تونس فقط 1.295 إجراء ترحيل من أصل 12.006 تم الإعلان عنها في 2024، وهو ارتفاع بنسبة 46% مقارنة بعام 2023 (887 حالة) و2022 (785 حالة).
تونس ومعدل التأشيرات الفرنسية
رغم ضعف التعاون في مجال الهجرة غير النظامية، تظل تونس من الدول التي تمنحها فرنسا عددًا كبيرًا من التأشيرات طويلة الإقامة، بعد المغرب، خصوصًا خلال عام 2024. وفقًا لآخر الأرقام حتى يونيو 2025، فقد حصل 36,2% من التونسيين على تأشيرات لأسباب اقتصادية، و37,6% لأسباب عائلية، و21,8% لأسباب دراسية، و4,3% لأسباب أخرى.
كما تُعد تونس البلد الأول الذي يحصل مواطنوه على تأشيرات «المواهب» أو Passeport Talent بنسبة 13%، وهي بطاقة إقامة متعددة السنوات تهدف إلى تسهيل استقرار الأجانب الراغبين بالمساهمة في الاقتصاد الفرنسي، مع السماح بمرافقة الأسرة.
الانخفاض في رفض دخول الحدود
وفي ما يخص رفض دخول الحدود الفرنسية، بلغ عدد التونسيين ممن لم يسمح لهم بدخول فرنسا 611 شخصًا من بين 16.636 حالة في 2024، بانخفاض واضح مقارنة بـ 2023، حيث بلغ عدد الممنوعين التونسيين 4.357 شخصًا.
اتفاقيات الهجرة بين تونس وفرنسا
يستند الإطار القانوني للهجرة بين البلدين إلى اتفاق 17 مايو 1988، مع تعديلات لاحقة وأحكام خاصة بتنظيم الهجرة العائلية وإصدار بطاقات الإقامة المؤقتة. وتشمل هذه الترتيبات حقوق الأطفال القصر وذويهم، أو الأشخاص الذين يقيمون في فرنسا منذ الصغر.
أسباب تحفظ تونس على إعادة المهاجرين
عدة عوامل قد تفسر موقف تونس المتحفظ تجاه إعادة مواطنيها: ضعف الاقتصاد بعد أزمات عالمية وثورات، ارتفاع معدلات البطالة (15,7% إجمالًا و37,7% للشباب من 15 إلى 24 عامًا)، فضلاً عن اعتبار بعض طلبات الترحيل ضغطًا على السيادة الوطنية. من جهة أخرى، تونس تواجه أزمة هجرة كبيرة، إذ يتراوح عدد المهاجرين غير النظاميين بين 20 و25 ألفًا، بحسب تقديرات منظمات غير حكومية.
خطوات تونس لتعزيز «الانتماء الوطني»
في المقابل، سعت السلطات التونسية قبل صيف 2025 إلى تسهيل عودة مواطنيها، من خلال:
- إنشاء منصة e-Consulat لتوفير 37 خدمة إلكترونية بما فيها استخراج جواز السفر من أي بعثة دبلوماسية.
- دعم العائلات الفقيرة جزئيًا لتغطية تكاليف النقل.
- تبسيط الإجراءات الجمركية وتسريع الرقمنة الإدارية.

