تستعد مناطق الشمال الغربي التونسي، وخاصة طبرقة وجندوبة ونفزة وباجة، لأن تتحول إلى منصة ناشئة لتصدير الزهور نحو أوروبا، بفضل شراكة واعدة مع مملكة هولندا، الرائدة عالميًا في الفلاحة الزهرية.
وفي هذا الإطار، استضافت مؤخرًا غرفة التجارة والصناعة للشمال الغربي (CCINO) بمقرها في باجة، السفيرة الهولندية في تونس، جوزفين فرانتسن، في زيارة رسمية بحثت سبل تعزيز التعاون في مجالات الفلاحة، السياحة، وتبادل الخبرات التقنية والاستثمارية.
وخلال اللقاء، أعلن عمر الشتاوي، الكاتب العام لغرفة التجارة والصناعة التونسية الهولندية، عن انطلاق تعاون عملي يتمثل في إرسال خبراء فلاحة زهرية من هولندا لتأطير الحرفيات والنساء الريفيات في مناطق الشمال الغربي، بهدف تحسين طرق إنتاج الأزهار وتطوير قدرات التصدير.
ويقوم المشروع على تحويل الإمكانيات الطبيعية والموارد البشرية في الجهة إلى رافد اقتصادي جديد، خاصة وأن الشمال الغربي يتميز بمناخ معتدل وتربة خصبة وموارد مائية وفيرة، إلى جانب قربه الجغرافي من أسواق كبرى مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.
بين الطموح والتحديات
ورغم توفر هذه المزايا، فإن مسار بناء قطاع فلاحي زهري تنافسي ليس خاليًا من التحديات. فالبنية التحتية اللوجستية تظل غير كافية، مع غياب مراكز تبريد وتخزين متخصصة ومنظومة توزيع فعالة للمنتجات سريعة التلف. كما أن تونس تفتقر إلى منظومة متكاملة مثل تلك الموجودة في هولندا، تشمل البيوت المحمية الذكية، المزادات الزهرية، ومراكز البحوث.
وبالتالي، يتجه المشروع نحو التركيز على إنتاج أصناف تتحمل مناخ المنطقة (مثل الجيربيرا، القرنفل، الخزامة)، مع التوجه نحو الزراعة البيولوجية والمنتجات المستدامة ذات الشهادات الدولية، إلى جانب التفكير في إطلاق مهرجانات زهرية وسياحة بيئية على غرار ما هو معمول به في كوكينهوف الهولندية أو بروفانس الفرنسية.
بنية تحتية واعدة ودعم دولي
تعزز هذه الآفاق بنية مائية قوية قيد الاستغلال والتطوير، مثل سد الكبير (64 مليون م³ من المياه)، وسد سيدي البراق ضمن مشروع “سيجام”، إضافة إلى دراسة مشروع ضخم للطاقة المائية عبر الضخ والتخزين (STEP) في وادي الملح بالقرب من زغوى، والذي من المنتظر أن ينتج ما بين 400 و600 ميغاواط بحلول سنة 2029.
وأكدت السفيرة فرانتسن أن بلادها ترى في الشمال الغربي التونسي طاقات اقتصادية وبشرية كبيرة، وخاصة في فئة الشباب والنساء، معبرة عن رغبة الحكومة الهولندية في تعميق الشراكة ودعم المنطقة بخبراء واستثمارات، سواء في القطاع الفلاحي أو السياحي، مع إعطاء اهتمام خاص للمنتجات الغابية والزراعية المحلية التي تساهم بـ55% من إنتاج الحبوب الوطني، رغم أن الجهة لا تتجاوز 10% من مساحة البلاد.

